حسين كاظممقالات

السوس “ينهش” تماسك عوائل حكام الخليج

البحرين اليوم – (خاص)

 

حسين كاظم

كاتب من البحرين

 

المقطع الذي نشرته صحيفة “ديلي ميل” البريطانية قبل يومين، وتظهر فيه لطيفة بنت حاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوم، هو الصورة المجزأة من هشاشة العوائل الحاكمة في دول الخليج، والتي ثبتت حكمها بالترغيب والترهيب وصرفت الأموال الطائلة لتقديم فروض الطاعة للدول الكبرى، كي تضمن الأخيرة استمرار حكم المشيخات.

ولعل المشاكل العائلية التي من هذا النمط لا تؤثر جذرياً على وجود عوائل  الحكم الخليجية وتموضعها، لكن تشي بالكثير مما له علاقة بالحالة المأزومة داخل بيوتات الحكم، وهو ما يمكن أن يستثمر من قبل دول ومنظمات في أوقات ما ضدها.

قبل أشهر نشرت قناة “بي بي سي” تقريراً عن اختطاف ثلاثة أمراء قد هربوا لدول أوروبية، لكن المخابرات السعودية اختطفتهم وأعادتهم للسعودية، وصار أمرهم مجهولاً، وما بين ذلك مشاكل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مع الكثير من أمراء آل سعود، والصور الظاهرة للسطح تحكي عن “مضمرٍ” كبير فيه ما فيه من التعقيدات والأسرار المرعبة.

تمضي تلك الخلافات والتشاحنات بين أفراد عوائل الحكم الخليجية بالتزامن مع مضي فشل دول الخليج في سياساتهم الخارجية، سواء في حصارهم لقطر أو في تدخلهم السافر في عدد من الدول، أما الفشل الأكبر والذريع والذي يعد ورطة حقيقية لهم، هي “حرب اليمن”، الذي صار مصيدة للسعودية والإمارات خصوصاً ولكل من أيدهم عموماً، حيث أن فشل الحرب يعني فيما يعنيه عدم وجود أفق تطير فيه السياسة السعودية والإماراتية في اليمن، وإن كان ثمة أفق تطير فيه طائرات الـ F16 لقصف المدنيين تغطية على دوي الفشل السياسي الذي سمعه العالم بأكمله.

ونفس هاتين الدولتين حينما تدخلتا في البحرين في مارس 2011، وهذه الأيام هي الذكرى المؤلمة لتدخلهم سيء الصيت، نفس هاتين الدولتين تريان الفشل في إيقاف الشعب البحراني عن مضيه فيما يحق له أن يطالب، وهو الأمر الذي يزيد من تفاقم الثقل السياسي على كاهل الرياض وأبوظبي.

ما أردت قوله، أن تصاعد الخلافات العائلية في السعودية والإمارات يتوازى مع تصاعد فشلهم في سياساتهم الخارجية في كل بقعة يتدخلون فيها، وهذا يعني أنهم أمام قنبلة موقوتة قد تنفجر في وجوههم في وقت من الأوقات.

ما يجعل تلك القنبلة مخيفة ليست أنها مخفية التوقيت وحسب، بل وأنها مخفية الكيفية والكمية في انفجارها السياسي والاجتماعي في وجوه أصحاب القرار، لأن المشاكل والأثقال تتراكم يوماً بعد يوم، والخلافات تزداد يوماً بعد آخر، الأمر الذي يجعل نهاية الطريق مجهول الكيفية ومشحون بالتوقعات الأكثر خطورة.

وهذا المعنى هو تماما ما عبر عنه القرآن بـ “الاستدراج”، الذي يسوقه الله تعالى للطواغيت، و”يمدهم في طغيانهم يعمهون” لوقت ما يتعامد مع أخذ المستضعفين بأسباب القوة ومقارعتهم ودحر طغيانهم.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى