تقارير

الاحتلال السعودي للبحرين والسيادة المسلوبة: هزيمة جيش “الكبسة” في سترة

البحرين اليوم – (خاص)

حفل الأسبوع الماضي بدعوات متعددة لإحياء الذكرى السابعة للاحتلال السعودي، ودعت كافة القوى السياسية بشتى أطيافها لإحياء هذه الذكرى تذكيرا للعالم بقضية البحرين المنسية، وتذكيرا بوجود احتلال عسكري وسياسي هو الأحدث من نوعه في القرن الواحد والعشرين.

في ١٤ مارس ٢٠١١م كانت فرقة من الحرس الوطني السعودي تشق طريقها ناحية البحرين لمواجهة الثورة الشعبية فيها. كانت تلك القوافل عبارة عن ملالات ودبابات عسكرية مصممة لمواجهات حربية عنيفة، في حين أن ثورة ١٤ فبراير لم تكن سوى مظاهرات جماهيرية سلمية. وقتها كانت جموع من موالي النظام تصطف على جانبي الطريق تبارك وتهلل لذلك اللواء العسكري القادم من السعودية. كان بعض الجنود السعوديون يلوحون بعلامات النصر لأولئك الموالين. لم يمض وقت قصير جدا على دخول القوات السعودية حتى نشبت مواجهات بين متظاهرين في منطقة سترة وقوات عسكرية مختلطة، بعضها كان سعوديا والبعض الآخر يتبع ما تُسمى قوة دفاع البحرين، وبعض منها تابع للحرس الوطني، بالإضافة لقوات التدخل السريع التابعة لوزارة الداخلية.

رغم كل وسائل الاتصالات الحديثة؛ لم يكن باستطاعة أحد في تلك اللحظات معرفة طبيعة ما يجرى في منطقة سترة، وما إذا كان إعلان الأحكام العرفية قد طُبِّق حرفيا هناك. ما كسر جدار الصمت وغموض الموقف كان رأس الشهيد أحمد فرحان، حيث قُتِل بأبشع ما يمكن تصويره ورقيا.

اقترن رأس الشهيد أحمد فرحان منذ تلك اللحظة بقوات الحرس الوطني السعودية، وتبيّن للعالم أن تلك القوات العسكرية ستكون قوة احتلال غاشم وقوة مرعبة في عنفها وشراستها، وبالفعل تحركت القطع السعودية الأخرى ناحية دوار اللؤلؤة، مقر الاعتصام الدائم للثوار، ونسقت مع قوات الجيش الخليفي والحرس الوطني الذي يقوده ناصر – نجل حمد عيسى الخليفة – وبمساعدة مروحيات تابعة لسلاح الجو الملكي؛ أعلنت القيادة العامة لقوة الدفاع (البحرين) والقيادة العامة لقوات درع الجزيرة العربية؛ أنها استطاعت السيطرة على دوار اللؤلؤة، وتطهير منطقة الدوار من المحتجين.

لم يكن أحد يتخيل أن قوة الثوار والمعتصمين في دوار اللؤلؤة تحتاج لكل هذه القوات العسكرية، فكل ما كان لدى المعتصمين تمثل في بعض الحواجز الإسمنتية وبعض الحواجز الخشبية وقطع كبيرة من القماش الأبيض كانت عبارة عن أكفان لبسها المعتصمون في تلك الليلة.

كانت فظاعات الاحتلال السعودي وغيرها من القوات العسكرية؛ فريدة من نوعها في تاريخ المنطقة، وهي في عُرف التحليل السياسي بوابة التدخل العسكري لمواجهة ثورات الربيع العربي، وكانت البحرين غرفة الاختبار التي تختبر فيها مدى فاعلية الجيوش الرديفة في قمع الثورات الشعبية السلمية.

أيا يكن من تداعيات، لم تستمر الدبابات السعودية كثيرا في شوارع البحرين، وكان عليها هي وقوات الجيش الخليفي الانسحاب من المدن والقرى والرجوع للثكنات في الصحراء. وهذا الانسحاب حمل وجهين متضادين:

  • الوجه الأول: وجه المقاومة المدنية التي لم تعط للاحتلال نشوة السيطرة والنصر، بل أردته مهزوما فاشلا يحمل أذيال الخيبة والعار، فرأس الشهيد فرحان ظل يطارد تلك القوات أينما ذُكرت، بل أصبح الشهيد فرحان أيقونة للربيع العربي كاملا، وصورة يحملها كل أفراد الشعوب العربية ظنا منهم أنه يمثل فظاعات دولهم.
  • الوجه الثاني: وجه الانسحاب من العسكر إلى السياسة، وإفقاد البلاد كل أنواع السيادة الداخلية والخارجية، وتحويل البحرين إلى إمارة تابعة للرياض وأبوظبي. والمعركة التي تزال مستمرة بين شعب البحرين وقوات الاحتلال هي من هذه الناحية تحديدا.

من هذا المنطلق؛ يمكن قراءة بيانات القوى السياسية التي دعت لإحياء الذكرى السابعة للاحتلال السعودي باعتباره احتلال عسكريا وسياسيا؛ قد لا يرى المراقب فيها وجودا عسكريا ظاهرا للقوات السعودية لأنها تختفي تحت غطاء قوات محلية تارة أو تتربص للشعب من ثكناتها العسكرية. وهذا يضاعف مهمة توضيح ما يحدث في البحرين للعالم وللرأي العام.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى