حسين كاظممقالات

جعفر معتوق.. صورة أخرى لمبادرة مختلفة

البحرين اليوم – (خاص)

 

حسين كاظم

كاتب من البحرين

  

التضامن الإنساني مع المعتقل الكفيف جعفر معتوق، والذي اعتقل منذ العام 2014، يمثل حالة جيدة في الحراك المجتمعي، الذي ينطوي على بعدٍ إنساني رفيع، رغم الكبت الذي تمارسه السلطة لأي حراك اجتماعي أو سياسي يتعلق بقضايا حقوق الإنسان.

أولا لا بد التأكيد على أن القدرة على خلق حالة إنسانية بعيدة عن السياسة، أمر مهم جداً، لتحييد المتضررين من غير ذوي النشاط السياسي، خصوصاً من ذوي الإعاقة والأمراض المستعصية والمزمنة.

جعفر معتوق يمثل اليوم حالة إنسانية حساسة، لا ينبغي التساهل معها اجتماعياً، كما أنه من المفيد التحرك إزائها بشكل دقيق وحذر، كأن تكون هناك مبادرات بالإفراج عنه دون استفزاز سياسي، رغم الوجع الذي يلف كل أهله بل كل أهل البحرين جراء القمع العنيف والوحشي للخليفيين تجاه الشعب.

ولعل حالة معتوق تصلح أن تكون محط دراسة لاجتراح كيفية “خاصة” للمبادرات الإنسانية الرامية للإفراج عن إخوة وأخوات لنا في السجون الخليفية، يعانون من عدد من المشاكل الصحية الصعبة، وهذا قد يخفف من الوجع الكبير للبحرانيين.

لكن هذا لا يعني التناغم مع الانبطاح السياسي الذي يركب موجته عدد من المتطلعين لدخول المجلس النيابي، ولا يعني الانسجام مع دعوات المصالحة السياسية بصورة مبتسرة، لأن موضوع (جعفر معتوق وأمثاله) يحوي سمات مختلفة عن البعد السياسي، وإن كانت السياسة سبباً في اعتقاله ومعاناته.

ولعل قائل يقول: أنه لا يمكن حل مشكلة “جزء” من المعتقلين حتى من ذوي الإعاقة أو الأمراض المستعصية، ما لم تحل المشكلة الأمنية برمتها، والتي بدورها تحمل عنواناً سياسياً، يدخل فيه التعقيد المحلي والإقليمي بدرجة كبيرة، وبالتالي-حسب هذا القول-أنه لا يمكن حل ملف المعتقلين جزئياً لأن حله هو قاطرة في سلسلة الحل السياسي.

ذلك القول متوقع في ظل التجاذبات التي تشدها الساحة في البحرين، لكن يمكن الاختلاف معه بالطرق الشديد على البعد الإنساني، وتحييد ملفه عن أي عنوان سياسي، من ثم إشراك وإدخال المنظمات المعنية والوازنة في هذا الإطار والدفع به كحالات إنسانية لا علاقة لها بالسياسة، مع التأكيد على أن معظم هذا النوع من الضحايا-وإن كانوا محكومين في قضايا ما-بعيدون عن التورط في أي نوع من الأعمال التي تتهمهم السلطة بها، وهذه التهم كما يعرف الجميع ليست ثابتة، أو على الأقل يمكن أن تكون اليافطة الإنسانية في المحافل الدولية رافعة أو مخففة عن معاناتهم.

هذا الطرح سيواجه ثلاث عقبات: الأولى: من يرون أنه لا حل إلا بحل سياسي شامل. العقبة الثانية: من يرى أنه نوع من التزلف والانبطاح -وهو ليس كذلك بطبيعة الحال-لأنه لا يروم أي غرض سياسي. العقبة الثالثة: أن بعض المتزلفين سيؤيدون هذا الطرح لكن من باب استثماره تزلفاً لما يطلقون عليه “حلحلة للأزمة”، وبالتالي سيتغير عنوانه وقد ينطمس في مجاري الطمع والشبق السياسي لهذه الفئة.

وحقيقةً إن ذلك يبعث عن الحزن، أن تكون المبادرات من هذا النوع بين التثبيط والاستغلال، لتضيع في أدراج النسيان أو التجاهل، بينما أصحابها يعانون الأمرّين وآخر شيء يحتاجونه هو وقفة يتيمة هنا أو اعتصام متواضع هناك.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى