ساهر عريبيمقالات

النظام في البحرين يعتلي مجبرا موجة المغامرات السعودية

البحرين اليوم – (خاص)

بقلم: ساهر عريبي

إعلامي مقيم في لندن

 

يمر اليوم السادس والعشرين من شهر مارس؛ الذكرى السنوية الثالثة لإعلان السعودية الحرب على اليمن، بعد أن قادت تحالفا من عشر دول ما انفك وطوال السنوات الماضية من إلقاء قنابله وصواريخه على أفقر بلد عربي تحت ذريعة إعادة الشرعية إليه. غير أن هذه الحرب ما كان لها أن تقع لولا صمت المجتمع الدولي عن حدث سبقها بأعوام، وشجع السعودية على التمادي في عدوانها على اليمن.

ذلك الحدث هو احتلال السعودية للبحرين، فقد مرت قبل أيام وفي يوم  ١٤ مارس الذكرى السنوية السابعة لدخول قوات عسكرية سعودية إلى البحرين، في محاولة لإنقاذ النظام الحاكم، بعد أن اندلعت أكبر انتفاضة شعبية في تاريخ البحرين ضد العائلة الحاكمة التي تحكم سيطرتها على البلاد منذ أكثر من قرنين، متبعة سياسات التهميش والإقصاء والتمييز والتنكيل بحق البحرانيين.

فلقد شعر البحرانيون في فبراير من ذلك العام ولأول مرة في تاريخهم بأن النظام بات قاب قوسين أو أدنى من السقوط، وهو ذات الشعور الذي اعترى النظام أيضا، بل إن موجة من القلق سرت في عواصم دول الخليج العربية وخاصة الرياض التي كانت في أشد الخشية من هبوب رياح التغيير عليها.

وهكذا كان قرار التدخل العسكري السعودي في البحرين محاولة لا لإنقاذ عرش آل خليفة في البحرين فحسب، بل حفاظا على عروش باقي ممالك الخليج التي تحاول وبكل ما أوتيت من قوة أن تظل بمنأى عن رياح التغيير التي هبّت على المنطقة ذلك العام.

لقد ساهم ذلك التدخل العسكري وبشكل فاعل في قمع الحراك الشعبي البحراني الذي اتخذ من دوار اللؤلؤة مقرا له، حيث أعقبته موجة واسعة من القمع طالت قادة الحراك الشعبي بالإضافة إلى آلاف الناشطين الذين اعتقلوا وتعرضوا لشتى صنوف التعذيب.

وتنفس عقب ذلك النظام الصعداء وواصل سياساته لتصفية الحراك الشعبي المطالب بالتغيير الديمقراطي مدعوما بالآلة العسكرية السعودية التي عززت من ثقة النظام بنفسه. لكن ثمن ذلك التدخل اتضح أنه لم يكن هيّنا بل باهظا! فلقد فَقدَ النظام الحاكم في البحرين استقلالية قراره وفقدت البلاد سيادتها، ولم يعد أمام عائلة آل خليفة من طريق سوى أن تخوض مع عائلة آل سعود في كافة مغامراتها في المنطقة، بعد أن أصبحت البحرين الحديقة الخلفية للسعودية تعويضا عن اليمن.

وكانت اولى تلك المغامرات الطائشة التي انخرطت فيها البحرين هو مشاركتها في الحرب العدوانية على اليمن، ثم تبع ذلك انضمامها إلى التحالف السعودي الإماراتي المصري الذي فرض الحصار على دولة قطر. إن مثل هذه الأدوار هي أكبر بكثير من البحرين التي يبلغ تعداد مواطنيها أقل من 700 ألف نسمة، وهي أكبر من اقتصادها المتعثر الذي يعاني من عدة أزمات ومنها العجز في الموازنة وانخفاض عائدات النفط وتفاقم ازمة اليدون الخارجية وتناقص احتياطي البلاد من العملة الأجنبية، بالإضافة إلى العديد من الأزمات الإجتماعية والسياسية التي تمر بها البلاد.

لكن البحرين بدت وكأنها تلعب دورا أكبر من حجمها بكثير في المنطقة، ولا يخلو هذا الواقع من أمرين، أولاهما أن عائلة آل خليفة فقدت صوابها ولم تعد تعرف أين تكمن مصلحتها ومصلحة البلاد، أو أنها تفعل ذلك مجبرة وألا خيار لها سوى الإنسياق وراء السياسات السعودية الطائشه التي انعكست سلبا على السعودية بالرغم من مواردها الإقتصادية الهائلة مقارنة بالبحرين.

ولكن يبدو أن كلا الأمرين اجتمعا في العائلة الحاكمة، فهي من ناحية لا تعرف فعلا كيفية الدفاع عن مصالحها وعن مصالح البحرين، فبدلا من أن تسلك طريق معاداة الأغلبية البحرانية؛ كان لزاما عليها أن تستجيب لمطالب الشعب المشروعة في عقد انتخابات حرة ونزيهة تنبثق عبرها حكومة تمثل مختلف أطياف الشعب، ولاشك بأن مثل هذا الخيار كان سينقذ البلاد من أزماتها الإقتصادية التي تتفاقم يوما بعد آخر لعدة أسباب وأهمها تزايد الإنفاق العسكري والأمني بهدف مواجهة الشعب.

ومن ناحية أخرى؛ فإن سعي النظام لقمع الحراك الشعبي بكل طريقة دفعه للإستعانة بالقوات السعودية، وهو ما أدى إلى تفاقم الأزمات في البحرين لاحقا لتعتمد البحرين على السعودية في اقتسام عائدات حقل أبو سعفة المشترك الذي يعتبر أكبر حقوق النفط في البحرين. هذا الإعتماد على السعودية حوّل العائلة الحاكمة إلى تبع لآل سعود ينفذ سياساتهم وإن كانت تلحق ضررا في البحرين، ومنها المشاركة في الحرب على اليمن التي ترهق نفقاتها الإقتصاد. وكانت الطامة الكبرى هو في مشاركة البحرين في الحصار المفروض على قطر! إذ لو كانت البحرين دولة ذات سيادة وتملك قرارا مستقلا، فإن الموقف الذي يفرضه العقل والمصلحة هو عدم مشاركتها في الحصار على قطر، بل فتح الحدود معها وانتهاز هذه الفرصة لتوثيق العلاقات الإقتصادية مع قطر في ظل الحصار، ولا شك أن مثل هذا الموقف كان لينقذ البحرين من أزمتها الإقتصادية.

والأنكى من كل ذلك؛ أن البحرين التي استجابت للسعودية في فرض الحصار على قطر؛ ووجهت بالصد من الإمارات والسعودية عندما تقدمت بطلب إلى البلدين أواخر العام الماضي للحصول على دعم مالي.

ومع استمرار الحرب على اليمن والحصار على قطر؛ فإن الأزمة في البحرين تتفاقم يوما بعد آخر، ولاشك بأنها ستصل إلى نقطة حرجة خاصة إذا ما خاضت البحرين مغامرة طائشة أخرى مع السعودية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى