مقابلات

الخبير في شؤون الشرق الأوسط حكم أمهز لـ “البحرين اليوم”: السعودية مستعدة لدفع أموال طائلة لتعويض خساراتها في المنطقة ووجعهم من اليمن من الأسباب الرئيسية (2-2)

 البحرين اليوم – (خاص)

 

تطرق خبير شؤون الشرق الأوسط الدكتور حكم أمهز في الجزء الأول من مقابلته مع “البحرين اليوم” إلى أسباب العدوان الثلاثي على سوريا والتي منها رفع معنويات الإرهابيين، كما شرح سيناريوهات الرد السوري، في هذا الجزء يناقش أمهز ضرب مطار التيفور الذي استشهد خلاله عدد من جنود الحرس الثوري الإيراني، وعلاقة تسخين الجبهة السورية بالوضع الإقليمي السلبي للسعودية في أكثر من جبهة، منها الجبهة اليمنية، وأكد أمهز على سعي السعودية بإغداق الأموال على ترامب لكي ينفذ سياساتها الهدامة في المنطقة.

وهذا نص المقابلة:

 

 

  • ضرب إسرائيل لمطار التيفور وقتل عدد من الحرس الثوري الإيراني، هل وضع إسرائيل أمام انتقام إيراني قادم؟ ما طبيعته؟

 

يقيناً أن هذا العدوان الذي حصل على “تيفور” هو تجاوزٌ من قبل الكيان الصهيوني لكل الخطوط الحمر في التعاطي مع القضية الإيرانية لأن الهجوم استهدف تحديداً الحرس الثوري وهو ما أعلنته بعض القيادات الإسرائيلية وبالتالي عندما يستهدف الإسرائيلي الإيراني فهذا يعني تجاوز للخطوط الحمر وهذا خطرٌ كبيرٌ جداً وإسرائيل وضعت نفسها في مأزق حرج في التعاطي مع الإيراني؛ لأن الإيراني ربما لا يعرفه الإسرائيلي، الإيراني ليس كبعض العربي الذي تعوَّد على الهزيمة والانسحاق والاستسلام..إلى آخره، إيران هي دولة إذا قالت فعلت، وهي مؤثرة، وهي الآن عندما دعمت المقامة في لبنان وفلسطين هذه المجموعات من المقامة استطاعت أن تحقق انتصارات وهزائم مفجعة في الكيان الصهيوني وعلى سبيل المثال سأذكر أنه في تحرير لبنان الذي قامت به المقاومة الإسلامية في لبنان “حزب الله” واستطاعت أن تُخرج وتدحر العدو الإسرائيلي المحتل عن لبنان دون قيد أو شرط وهذا ما عجزت عنه الدولة العربية مجموعة، أيضاً عندما انتصرت المقاومة في عدوان تموز عام 2006 أيضاً كانت هذه المجموعات من المقاومة لوحدها ومنفردة وبإمكانيات معروفة استطاعت أن تهزم الإسرائيلي، الآن بِتْنا نتحدَّث عن محور كبير جداً إسرائيل تجاوزت خطوطه الحمر، هذا المحور الكبير جداً الممتد من إيران إلى العراق إلى سوريا إلى لبنان إلى اليمن إلى فلسطين هذا لم يعد كما أشرت محوراً مقسَّماً إنما أصبح محوراً واحداً، بالتالي عندما استهدفت إسرائيل “مطار تيفور” واستهدفت تحديداً الحرس الثوري أنا أعتقد أنها فتحت النار وفتحت أبواب جهنَّم عليها.

 

 

  • إذن هناك رد إيراني في اعتقادك؟

  

بطبيعة الحال الإيراني لا يعمل بردَّات الفعل وهنا نقطة لابد أن نشير إليها أنه لا يعمل بردَّات الفعل الارتجالية الفورية واللحظويَّة، لا، إنما إيران دولة تفكِّر استراتيجياً وحكيمة وعاقلة وهي تعرف كيف تدير الأمور وتعرف كيف تردّ وأين ترد وفي أي وقت ترد ومن تستهدف وبالتالي لن يبقى هذا الاعتداء وهذا العدوان على مطار “تيفور” وتحديداً على الحرس الثوري بدون ردّ، ولكن طبيعة الرد، وكيفيته هذا ما تقرره القيادة الإيرانية التي أعلنت أن هذا الأمر لن يبقى بدون رد ونحن نعرف أن القيادة الإيرانية ذات مصداقية وإذا أعلنت وقالت شيئاً فهي تفعل. 

ترابط الجبهات..خسارة سعودية واضحة:

 

  • ما علاقة التصعيد في سوريا بتحرير الغوطة من جهة وبتصاعد الهجمات النوعية لليمنيين على السعودية؟

 

ربما أشرت في بعض الملاحظات إلى هذا السؤال في الإجابات السابقة ولكن لا مانع من أن نعود ونقول أن التصعيد الذي حصل تقصدون بالتصعيد هو العدوان الأمريكي البريطاني الفرنسي أو ما أسميه العدوان الثلاثي على سوريا كما حصل العدوان الثلاثي على مصر، العدوان الثلاثي على مصر كان أحد أهدافه السياسية كما أشرنا هو محاولة رفع معنويات الجماعات التكفيرية في سوريا وتحديداً جيش الإسلام الذي كان على واجهة الإخراج وليس الخروج على وشك الإندحار من الغوطة الشرقية، حاول الأمريكي من خلال هذا العدوان أن يرفع معنويات هذه الجماعات الإرهابية وأن يحاول أن يغطِّي هذه الهزيمة؛ لأنه عندما نتحدَّث عن هزيمة لهذه المجموعات الإرهابية في الغوطة ونتحدث عن عدوان فإن ردود الفعل الإعلامية وغير الإعلامية حول العدوان ستكون كبيرة وبالتالي ستغطِّي على خبر الهزيمة الكبيرة جداً لما يُسمى جيش الإسلام المدعوم سعودياً وبالتالي عندما نربط هذين الأمرين ببعضهما أولاً العدوان سيغطي على هزيمة مشروعه في سوريا وأيضاً سيحاول أن يغطي على الهزيمة السعودية أيضاً في الغوطة الشرقية من خلال هزيمة أداتها الأساسية في سوريا وهي ما يسمى بجيش الإسلام وهو الإرهابي التكفيري.

 

  • يعني ذلك أن تورط السعودي في أكثر من جبهة يزيد من الضغط عليه إقليميا؟

  

إذا ما ربطنا الدعم السعودي لجيش الإسلام في هذه المنطقة بطبيعة الحال التمويل السعودي والدعم السعودي هو كان لكل الجماعات التكفيرية الإرهابية في سوريا ومن بينها داعش والنصرة والقاعدة وغيرها والقائمة تطول وعندما نربط بين الدعم السعودي كما أشرت لهذه الجماعات التكفيرية الإرهابية وعندما أيضاً نربط التهديدات الأمريكية التي سبقت هذا العدوان والتي تزامنت مع الإخراج لهذه الجماعات التكفيرية من سوريا وعندما نربط أيضا هذه الأحداث مع حدث الصواريخ البالستية والطائرات المسيَّرة الحديثة والمتطورة التي استخدمها الجيش واللجان الشعبية اليمنية ضد بعض المناطق في السعوديَّة وبينها الرياض ونجران وجازان ومطار أبها وغيرها من هذه المناطق فإننا ندرك كما أشرت وحدة الموقف لدى محور المقاومة والممانعة بأنه نحن إذا أردتم أن تفتحوا معركة في مكان معين فنحن قادرون على أن نفتح معارك في أماكن أخرى ونحن قادرون على أن نسْقِطَ أنظمة في الدول التي تتبعكم وأقصد هنا النظام السعودي وبطبيعة الحال أنا أعتقد أنه إذا كان هناك من استمرار من قصف مكثف للجيش واللجان الشعبية على السعودية وعلى المناطق السعودية وأقصد هنا تحديداً المواقع العسكرية والحساسة في السعودية (الجيش واللجان الشعبية اليمنية يتعاطون بأخلاقية عالية جداً تشهد لها المواقف الدولية بأنهم لم يستهدفوا المدنيين في السعودية أبداً بالرغم من الأذى والجرائم والمجازر التي ارتكبها الطيران السعودي بحق اليمنيين الأطفال والنساء ورجال وكبار ومسنين ومرضى وغيرهم وما لحق بهذا الشعب من أمراض وفجائع كبيرة جداً ومجاعة طالت الملايين بالرغم من كل هذه الاستهدافات السعودية وحلفائها للمدنيين في اليمن في هذا الإطار فإن الجيش اليمني واللجان الشعبية لم يستهدفوا أي مدنيٍ في السعودية) إذاً (إذن) نقول إذا كثَّف الجيش اليمني واللجان الشعبية إطلاق الصواريخ البالستية وأيضا سلسلة الصواريخ المتطورة وأيضاً ربما كانت هناك أسلحة أخرى يمكن أن يستفاد منها في استهداف المواقع العسكرية واستهداف المواقع الحساسة في السعودية فأعتقد أن هذا سيخلق أزمة كبيرة جداً للنظام السعودي، إضافة إلى الأزمات والهزائم التي يعيشها السعودي أصلاً سواء كان في سوريا أو ليبيا أو في الداخل السعودي أيضاً على مستوى الاقتصادي وعلى المستوى المالي وعلى مستوى المشكلة القائمة ضمن أفراد العائلة الحاكمة بعد اعتقالات كبيرة من قبل محمد بن سلمان للأمراء ورجال الأعمال إضافة إلى الأزمة في سورية، كل هذا يمكن أن يؤثر ويزعزع الأمن والاستقرار في السعودية ويسهل عملية إسقاط النظام لأن أعداء النظام أصبحوا كُثْر الآن في السعودية.

 

 المال السعودي..المال الهدام:

  • كثر الحديث-سواء بشكل ساخر أو جدي- عن دفع السعودية فاتورة هذا العدوان، هل هناك مؤشرات حقيقية تشي بدفع دول خليجية لتكاليف العدوان؟

 

طبعاً ليس هناك أنباء وأحاديث إنما هناك حقائق موجودة نبدأ بها، من المواقف التي أُعلنتْ من قِبل  المعنيين بهذا الأمر، عندما أعلن “ترامب” في الفترة الماضية أنه سينسحب من سوريا وأنه سيسحب جيشه من سوريا مباشرة خرج “محمد بن سلمان” وقال له (عليكم أن تبقوا في سوريا لأن مشروعكم سيتأذَّى إن خرجتم من سوريا وإلى آخره)، وبعدها مباشرة خرج “ترامب” وقال: (إذا كان علينا أن نبقى في سوريا فعليكم أن تدفعوا التكاليف) ونحن أيضاً شاهدنا أنه عندما زار “محمد بن سلمان” الرئيس الأمريكي في نيويورك في زيارته الأخيرة كان “ترامب” يعمل كتاجر في أحد الأسواق الشعبية في أي دولة من دول العالم الثالث ويقدِّم صوراً عمَّا لديه من أسلحة وآليات عسكرية يعرضها على “محمد بن سلمان” للبيع وإذا ما رجعنا أيضاً إلى تصريحات “ترامب” سواء كان قبل الحملة الانتخابية أو بعدها فإنه قال وأعلن أكثر من مرة أنه (نحن لا يمكن أن نقبل أن نحمي هذه الأنظمة الموجودة في الخارج إن لم تدفع لنا ثمن حمايتها فبالتالي فإن هذه الأنظمة لا تصمد أسبوعين إن نحن تخلينا عنها) بعد ذلك كانت المواقف المتتالية والعقود المتتالية التي وصلت بين أمريكا والسعودية إلى حوالي نصف تريليون دولار، وبين السعودية والفرنسيين والبريطانيين والإسبان إلى أكثر من مئة مليار دولار وأعتقد ربما أكثر بكثير من هذا الرقم –الأرقام ليست في بالي- ولكن هذا أيضا أنه حتى عندما أعلن “ترامب” أنه سيوجه ضربةً إلى سوريا وجدنا أن السعودية وقطر وبعض الدول الأخرى المعنيَّة أيَّدوا هذا الموقف ودعموه بكل قوة وشدة أنهم يعرفون ويدركون أن انتصار النظام السوري في هذه المعركة هذا يعني في فترة لاحقة أنه هزيمة لهم كبيرة وهزيمة لأنظمتهم وإذا استعاد النظام السوري قوته فإنه سيُشكِّل خطراً على وجودهم كأنظمة موجودة في المنطقة.

 

  •  نستطيع القول إن السعودي إذن هو المانح للإرهاب في المنطقة؟

 

 هم يدفعون أي مبالغ مطلوبة لتسديد فواتير هذا العدوان ونحن نعرف أن العقلية التي تتحكَّم بترامب والتي هي بطبيعة الحال عقلية تجارية، لا يمكن لترامب أن يطلق صاروخ إن لم يكن قد تقاضى ثمنه من الدول الخليجية والدول الخليجية بقرة حلوب تدفع للأسف الشديد من ثروات وأموال شعوبها.

المعارضة البريطانية تستهجن قرار العدوان: 

 

  • نشرت وكالة “رويترز” تحليلاً لـ “فيل ستيورات” يرى فيه أن الولايات المتحدة طمست الخط الأحمر في شأن ضربتها لسورية، ويقصد الكاتب أن السبب الحقيقي/الرسمي للعدوان لم يأت بصيغة واحدة، فتارة يقول ترامب “غاز السارين” وتارة تقول نيكي هايلي “أسلحة كيماوية” وتارة “أسلحة محظورة”، هل تتفق مع هذا الطرح، وإذا كنت تتفق معه ما تفسيره؟

 

 

في الحقيقة أنا لم أطلع على هذا التحليل “فيل ستيوارت”، ولا أعلم ما يقصد تحديداً بطمس الخطوط الحمراء أو الخط الأحمر ولكن يمكن قوله أنه فعلاً الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم يطمس الخط الأحمر بل تجاوز الخطوط الحمراء الدولية وغير الدولية في توجيه هذه الضربة وفي القيام بهذا العدوان ضد الجمهورية العربية السوريَّة؛ لأن هذه الضربة كما أشرنا سابقاً وهذا العدوان لم يكن بتفويض من قِبل مجلس الأمن الدولي، لم يكن مبنيَّاً على حقائق ولم يكن مبنياً على وقائع لم يكن يحمل أي أحقيَّة في توجيه هذا العدوان، ولم يكن هنالك خطراً على الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً وبريطانيا وفرنسا حتى نقول أن هناك عملية دفاع استباقيَّة إن صح التعبير، لم يكن كل هذا موجوداً، كان هنالك تجاوزاً للخطوط الحمراء لمجلس الأمن الدولي والولايات المتحدة وللجان التحقيق الدولية، حتى لاحظنا أنه في الفترة السابقة مثلاً أنه بعد التهديدات التي أطلقها ترامب بوجيه ضربة إلى سوريا وجدنا أنه يوم أو يومين على ما أذكر قام وزير الدفاع الأمريكي “جيم ماثيوس” وقال بشكلٍ صريح وواضح أن ليس هناك لدينا أدلة دامغة أو حقيقة على النظام نفَّذ هذا الهجوم المزعوم وأيضاً بالفترة الماضية بالأمس بعد الضربة كان يتحدث الفرنسي على أنه نحن بنيْنا مواقفنا على ما ظهر في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، أيضاً وجدنا أن “تيريزا ماي” رئيسة الوزراء البريطانية كانت في وضع ضعيف جداً أثناء مؤتمرها الصحفي وبدت عليها مخاوف من أنها ستمثل أمام البرلمان البريطاني لتُسأل عن أسباب مشاركتها غير القانونية في هذا العدوان، وقد أعلن بشكل صريح وواضح “جيريمي كوربين” -رئيس حزب العمَّال البريطاني المعارض- أعلن أن هذا الهجوم كان خارج القانون.

وبالتالي يمكن أن نشهد محاكمات لـ”تيريزا ماي” على ظل ما حصل مع “توني بلير” في الفترة السابقة، كل المؤشرات تشير إلى أن هذا العدوان كان مبنيَّاً على أكاذيب وهو غير مبرر وهذا تجاوز لكل الخطوط الحُمْر كما أشرتُ، وبالتالي هذا ما يبرر لأي دولة تقوم بمثل هذه الاعتداءات وتقول أنه مثلما فعلت أمريكا وفعلت بريطانيا وفعلت فرنسا نحن يمكن أن نفعل ذلك.

فبموضوع الخطوط الحمر طبعاً هنالك تجاوز لكل الخطوط الحمر القانونية والدولية والأخلاقيَّة وأعتقد أن هذا سيُكلِّف الذين فعلوه أثمان ولا سيما أتحدث هنا عن “تيريزا ماي” وعن حتى “ماكرون” لن يأمن من المحاسبة فيما بعد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى