مقالات

التشبيك المعلوماتي.. ما تحتاجه المعارضة البحرانية في الوقت الراهن

 

البحرين اليوم – (خاص)

بقلم: باقر المشهدي

مختص في شؤون الخليج

 

تزيد قلةُ المعلومات في حدّة الخلافات بين الفرقاء، وبالعكس.. تتوحد الجبهات كلّما وسعت قاعدةُ البيانات المشتركة. تمثل هذه القاعدة ركيزةً إستراتيجية في العمل السياسي، ويحرص القادة العسكريون على تشكيل غرفة عمليات موحَّدة للوصول إلى نتائجَ أفضل على أرض المعركة التي تتقاطع فيها المعلوماتُ الميدانية مع المعلومات الاستخباراتية.

بالنظر إلى واقع القوى السياسية المعارضة في البحرين؛ يمكن القول بأن ثمة نقصاً في تبادل المعلومات المشتركة بين الفرقاء، وفي قضايا عدة بعضها إستراتيجي وبعضها تكتيكي. وفي كل الأحوال؛ تؤول النتيجة إلى زيادة حدة الخلافات وتقديرات المواقف، الأمر الذي يُصعّب مسألة توحيد المواقف والرؤى السياسية بين القوى المعارضة. سيقول أحدنا إنّ حدة المواقف واختلاف التقدير هو سبب رئيسي لشيوع هذه الحالة، وأن اتخاذ بعض القوى مواقف سياسية متقاطعة مع القوى الأخرى يعيق أي عملية تشبيك معلوماتي. وفي الواقع، إن هذا الأمر هو نتيجة وليس سبباً. فالسبب الرئيسي هو عدم البحث في فتْح منافذ تبادل المعلومات والبيانات المتصلة ببعض القضايا الإستراتيجية.

وبالمثل، فإن مقدار الثقة في المعلومات المتبادلة بين الفرقاء يرجع أيضا إلى انعدام قواعد التشبيك المعلوماتي بالأساس، والاكتفاء بما يمكن تسميته بمعلومات الإبلاغ، حيث يقوم طرف ما بإبلاغ الطرف الآخر ببعض المعلومات في محاولةٍ خفية لفرض الموقف أو السعي لتحييد الاستجابات. التجارب التاريخية تفيد بأن هذا النوع من التعامل المعلوماتي يتسبب في نخر الثقة بين الأطراف من جهة، وفي أن تلجأ بعض الأطراف إلى التعلق بالسيناريوهات السيئة، بدلا من السيناريوهات الإيجابية، وبهذا تهتز الثقة بين الأطراف.

في المقابل، فإن النظام الحاكم في البحرين يُتقن عملية تبادل المعلومات مع حلفائه بشكل أفضل، وهذا يعطيه مساحة واسعة في المناورة والاقتناص السياسي، فضلا عن إعطائه قدرة على إدارة الرأي العام بمبادرة منه. صحيح أن هناك منْ يفرض على النظام الأوامر والتعليمات، كما تفعل بريطانيا أو كما يفعل ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد مؤخرا، إلا أن هذا الأمر يجب فهْمه على ضوء طبيعة تلك العلاقات، فهناك إستراتيجيات كبرى تُملى على النظام وعلى حمد عيسى تحديدا، وفي المقابل فإن هناك مساحةً واسعة نوعا ما من سلطة التقدير  – بالتعبير القانوني – يمارس من خلالها النظام تدبيره السياسي الداخلي. ولهذا؛ فإن حجم المعلومات المشتركة بينه وبين حلفائه كبيرة جدا، وتتخضع لقواعد واضحة ومتفق عليها تُبعده وحلفاءه عن الوقوع في الاختلافات العلنية.

ما تحتاجه قوى المعارضة هو تقوية جدار الثقة في معلوماتها المتبادلة وتجديد قواعد التشبيك المعلوماتي، لكي تتجنب الوقوع في حدة الخلافات وتقديرات المواقف المتباينة. وهو أمر سيتيح لجميع القوى أن تبادر في إدارة المواقف وأن تكون قادرة على المناورة أكثر بحيث تخلق لنفسها مساحة كبيرة من الأفعال السياسية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى