مقالات

رواديد البحرين والقطيف في محرم 1440: رسالة وتحديات

 

البحرين اليوم – (خاص)

بقلم: الدكتور إبراهيم العرادي

ناشط سياسي من البحرين

 

تعتريني عاطفة خاصة وأنا أكتب هذا المقال والذي يختص بشهر له تأثير روحي ونفسي وعاطفي كبير علينا، بل وله الفضل الأكبر في ثباتنا على مواقف الحق، ورفض الذل والركون للظلم.

نعم هو شهر محرم الحرام، شهر انتصار الدم على السيف، شهر الوعي الدّيني والسّياسي وشهر الضمير الحي والحسّ الثوري، نعم هو شهر الحسين الشّهيد وزينب الصّابرة، وثلة مؤمنة معهم ما تزلزلوا وما وهنوا ولم تغريهم مغريات الدنيا، ولم تخيفهم أو ترهبهم تهديدات الفاسق يزيد بن معاوية.

وعندما نذكر محرم لابد من ذكر المنبر الحسيني ودوره التوجيهي لمحبّي الإمام الحسين في كل أصقاع العالم، فتحية لكلّ عالم موجّه ومخلص يعتلي هذا المنبر المقدس.

وفي هذه المساحة، أتحدّث عن موكب العزاء الحسيني في عاشوراء، وما يتضمنه من معانٍ مؤثرة على الصغير والكبير في البحرين والقطيف والمنطقة الشرقية في الحجاز ولبنان والعراق واليمن وسوريا وإيران وتركيا ونيجيريا وباقي الأرجاء المعمورة في عالمنا.

تبدأ لحظة الروح الحسينية في القطيف والبحرين من ليلة الحادي من المحرم، مع لبس السّواد على الأبدان الحسينيّة العاشقة الحزينة والباكية على مصيبة حفيد رسول الله وأهل بيته الكرام، حيث يرى هذا السّواد يكتسح المآتم والمنازل الحسينية.

هنا يبدأ دور الرادود الحسيني الحقيقي في إيصال الرسالة الحسينية كما يجب، وأنا في تقديري أن الرادود الحسيني “الشيّال” بحسب تعبير أهل البحرين والقطيف؛ يتحمّل المسؤولية الكبرى في إيصال هذه الرسالة عبر صوته الشجي وكلماته الدقيقة والمؤثرة وسط الحشود الحسينيّة الكبيرة التي تعشق هذه المواكب السّيّارة في أغلب المناطق البحرانية، ولاسيما العزاء المركزي الموحّد في العاصمة والمدن والمناطق الكبرى، وكذلك في القطيف الحبيبة والعاشقة للحسين نرى هذا المشهد واضحا في كلِّ مناطقها وقراها، ويتجلى ذلك واضحا في موكب القطيف الموحّد الكبير والرّهيب. ولا ننسى الإحساء الغالية.

لا ننسى رواديدنا المخلصين خلف القضبان، والذين أدّوا هذه الرسالة على أدقّ واجمل دور، ودفعوا ثمن ذلك، أمثال الرادود مجتبى آل تراب الذي مازال مسجونا في سجون آل سعود مع أحبة رفقاء له من خدّام أهل البيت الذين أصرّوا على إيصال صوت الرّسالة الحسينيّة السياسيّة، متحدين بذلك قرار السجّان.

و نعرج على رواديد البحرين، هذا البلد الحسيني الصغير، والذين من خلالهم وكلمات شعرائهم التاريخيّة دخلوا قلوب محبّي الإمام الحسين في هذا العالم الرحب، ولو ذكرنا على سبيل المثال الرادود الحسيني ملاّ مهدي سهوان الذي يشهد جسده على التعذيب الوحشي الممنهج الذي تعرّض له منذ أكثر من ثلاثة عقود من الزمان، بسبب تحمّله أمانة إيصال هذه الرسالة،و كذلك رواديدنا الأجلاء من أمثال السيد علوي أبوغايب، غازي العابد، الشيخ حسين الأكرف، جعفر سهوان، الأخوان المبدعان صالح و جعفر الدرازي، أمير البلادي ومحمد الحمادي، والأخوان مرتضى وأبى ذر الحلواجي، والسيد أمير الموسوي، وغيرهم من المخلصين ممّن جربوا السّجون الخليفية الظالمة، حيث مازال هناك أحبة لنا في سجون النظام الخليفي، من أمثال الرادود عيسى الغيص المحكوم ظلما.

يا ترى.. في ظلّ التّهديد الواقع من قبل آل خليفة وآل سعود على رواديدنا الحسينيين؛ كيف سيكون شكل الرسالة العاشورائية هذا الموسم في القطيف والبحرين؟ هل ستبدأ مرحلة التهديد الإستباقي لهم بالإحضاريات البوليسية لمراكز الشرطة وغرف التحقيق؟ أم ستصلهم هذه الرسائل عبر أصحاب المآتم، قسم منهم يتجرأ وبشكل سافر بضرب هذه المسيرة، وقبل أن يقوم بدور ساعي بريد بين السلطة الظالمة والرواديد بدل أن يكون الحامي الأول لهيبة ومضمون هذا الموكب الحسيني ويتحمل كامل المسؤولية؟

وأيضا نسأل، ماذا يتطلب من الرادود والشعراء في شهر محرم سنة 1440 هجرية المقبل؟ هل هو تكرار للأعوام السابقة؟ أم سيقتصر فقط عملهم على اللّحن العاطفي الشجي والكلمات الحزينة؟ أم أنه سيكون مختلف عن الأعوام السّابقة، ويعطي لهذه الرسالة في أيام عاشوراء مضامينَ سياسية واجتماعية تساعد في حلّ بعض القضايا الاجتماعية، وتواكب القرار السياسي الرافض الظلم والظالمين؟

فلننتظر.. عاشوراء على الأبواب.. القلوب مولعة، الأرواح مشتاقة، عيون أهل البحرين والقطيف باكية، وتشكو الظليمة، وتتغذى من منهل فكر عاشواء الحسين الثوري، الذي لا يساوم على الحق والعدالة والكرامة.
لبيك يا حسين لبيك.. ولبيّكِ يا زينيب.. نصرنا الله تعالى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى