مقالات

وزير العدل: هجين النسب واللهجة.. يتوعد بسحق المعارضة

 

البحرين اليوم – (خاص)

بقلم: باقر المشهدي

كاتب متخصص في شؤون الخليج

 

في الخبر العاجل الذي نشرته الصحافة الصفراء في البحرين، وردَ تصريح لوزير العدل يقول فيه “التعديلات الأخيرة لقانون الترشّح لا تمسّ جداول الناخبين، وتهدف لمنع المتطرفين من الوصول لمركز صنع القرار..”.

العبارة المصاغة بتعابير الموجة العالمية في مكافحة الإرهاب والتطرف؛ تُترجم عمليّاً في البحرين بعبارة أدق وأكثر مباشرة؛ وهي أنني باعتياري “وزيرا للعدل”؛ أخذتُ على عاتقي قضية إنهاء المعارضة السياسية وسحقها في البحرين، وأنا على وشك الانتهاء من هذا المشروع بدعم من القيادة العليا في الديوان الملكي!

قبل سرد سيرة الوزير الفاشل، من المهم الإشارة إلى بعض المغالطات الذي احتواها تصريحه العقيم، فهو معنيٌّ تماما بالناخبين دون المرشحين، أي أن الذي سيعكف عليه في الأيام القادمة هو تعديل الإحصاءات المناسبة لعدد المشاركين في الانتخابات ورفع النسبة إلى ما فوق 60% من الأصوات الانتخابية، وهي لعبة يجيد الوزير تخريجها كما أخرجها في الانتخابات التكميلية في 2011.

المغالطة الثانية أنه يروّج للبرلمان بوصفه “مركز صنع القرار”، والجميع يعلم أن مركز صنع القرار هو الديوان الملكي، وأن المجلس المسمّى بالبرلمان هو رافعة سياسية لحثالات المجتمع.

أما ثالثا، وهو الأهم فهو وصْمه للمعارضين والمنتفضين ضد سياسة عائلته الوقحة والطائفية؛ بالمتطرفين، لذا فهو يعمل جاهدا على إقصاء المعارضة من المشهد السياسي برمته دون تفريق بين إصلاحي وإسقاطي، فكل منْ لا يأكل من علف حظيرة الديوان الملكي يجب أن يُجتث من على الأرض، لكونه متطرفا!

الجميع في البحرين يعرف قصة وزير العدل، وكيف انتقلت به الدينا من وليد ضائع النسب مختلط الانتماء والولاء، إلى وزير وأحد مهندسي خلية عطية الله، ومن ثم أحد مروجي الديوان الملكي بقيادة خالد بن أحمد. وكان الوزير قد خضع لدوراتٍ مكثفة بغية اتقان لهجة أهل البحرين، وتحديداً التي يتكلم بها أفراد عائلة آل خليفة، إلا أن الفشل كان رفيقه الدائم، حتى اقتنع أن لهجته المخلوطة بين المصرية الدراجة والعربية الفصحى المكسورة هي الأنسب إليه، وأنها لهجة مقبولة إعلاميا.

هذه القصة لا تمنع من تمتُّع الوزير ببعض الذكاء السياسي، خصوصا في الانتقام والتشفي، فقد عُرف عنه استخدام الكلمات البذيئة والقاسية لمواجهة منْ يعتبرهم خصوما سياسيين له وللديوان الملكي.

وفي الواقع، لم تتعرف الناس على حقيقة وزير العدل إلا بعد مؤتمره الصحفي الذي عقده مع الوزيرة السابقة فاطمة البلوشي حول ملابسات اقتحام مستشفى السلمانية في أبريل 2011 والتنكيل بالكادر الطبي والإدعاء بوجود مخازن أسلحة مخبأة في سقوف غرف السلمانية، وأن الأطباء تعمدوا قتل الشهداء.

كانت هذه التصريحات بداية الوجه القذر الذي ظهر به الوزير أمام الرأي العام المحلي والخارجي، وبدايةً لسلسة من الجرائم التي سيقوم بالعمل على إتقان إخراجها قانونيا وسياسيا.

والجميع يعرف ويتذكر كيف تطاول على مقام سماحة آية الله الشيخ عيسى قاسم، وأوزع مرارا لصبيته في الصحافة والإعلام بشنّ حملات كراهية لعلماء الشيعة ومعتقداتهم، وحماية المتهجمين على المعتقدات الشيعية، إما بحفظ القضايا المرفوعة ضدهم أو بإخراجهم منها “كشعرة من العجين”.

منذ تلك الفترة؛ تحول وزير العدل إلى مهندس سياسي لجرائم سياسية خطيرة مسّت أمن المجتمع وتماسكه، فإليه تُنسب مسألة إثارة الفتنة الطائفية والعمل على تسريع وتيرة التطهير الطائفي الذي انتشر فترة فرض الأحكام العرفية، وبحكم منصبه كوزير للعدل؛ فإن تسييس القضاء وتعديل أحكامه كانت تُطبخ في مكتبه أولا ثم تصار إلى الديوان الملكي لمراجعتها مع الإستراتيجيات الكبرى، ثم تُوكل إلى مجلس النواب للمصادقة عليها وإخراجها تشريعيا.

وهذا الكلام لا يُقال عبثا، إذ لا تزال ذاكرة المحاكم العسكرية الجديدة للمدنيين وتعديل الدستور من أجل جعلها محاكم عادية تفرض سطوتها على كل منْ يُراد له سوءا، (هذه الذاكرة) لا تزال حاضرة، وكيف اندفع يدافع بشراسة في مجلس النواب لتمرير القانون والتعديل الدستوري، وخطابه الشهير في تلك الجلسة لا يزال متداولا بين النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان كعينة على مسار عسكرة الدولة.

الدليل الثاني على تورّط هذا الوزير في هندسة المجتمع وفقا لنظرياته التطهيرية؛ هو دفاعه الشرس عن قانون الترشح الجديد، ووصفه بأنه حصانة للمجتمع من التطرف ووصول المتطرفين إلى مركز صنع القرار، في إشارة إلى غرفة البرلمان السيء الصيت والفاقد للصلاحيات التشريعية المحترمة.

اليوم يعاود وزير الحرب شنّ حملة إقصاءٍ وتطهير جديدة في مسألةٍ لم تعد تعني أطفال القرية فضلا عن كبار البلد، وهي مسألة الانتخابات التي باتت في حكم الانتخابات الصورية والانتخابات الوقحة. انتخابات للراقصين والقوادين والفشلة من جماعة الوزير وعائلته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى