مقالات

المنشار السعودي والنفاق الأمريكي الطويل

 

البحرين اليوم – (خاص)

بقلم: كريم العرادي

كاتب من البحرين

 

البحرانيون، وبلا فخر، كانوا من أوائل شعوب المنطقة التي حذرت من شرور آل سعود. هم أول من رفع “الموت لآل سعود” في الشوارع العامة والتظاهرات الحاشدة. وكان ذلك فور دخول قوات درع الجزيرة إلى البحرين، حين بدأ الاختطاف الكامل للبلاد. ظل كثيرون من المعارضة، وآخرون في محور “المقاومة”، يستعملون خطابات ومفردات دبلوماسية، وبعضهم كان لا يجد غضاضة أن يخاطب النظام السعودي بـ”الشقيق”، رغم أن أثر دباباته كان لازال ظاهرا على الأجساد وركام المساجد المهدمة.

بالنسبة لعموم جمهور 14 فبراير، فقد كانت الصورة واضحة. قد تكون الصورة واضحة أيضا بالنسبة للآخرين، من أبناء الجلدة الواحدة، ورفاق “المحور”. إلا أن هؤلاء كانوا معنيين بتجريب الدبلوماسية، وانتظار فرْز الصراع الإقليمي، حتى يحددوا موقفهم الكامل والواضح من آل سعود. أغلبهم حسم الأمر، والتحق بالموقف البحراني بعد عدة سنوات، وخاصة بعد حرب اليمن في مارس 2015م. هذا فقط للتذكير، ولتنشيط ذاكرة بعض المحللين الذين يتشاطرون على أهل البحرين، وهم يقولون لهم “بأن ثورتكم لم تكن في وقتها المناسب، وأن الواجب عليكم ألا تلتحقوا بالخدعة التي سمّوها بالربيع العربي، وأن تبقوا منتظرين!”.

اليوم أصبحت صورة آل سعود مكشوفة بكل تفاصيل البشاعة. المنشار هو رمز هذه العصابة الشريرة، والقتل أسهل لديها من إعانة فقير، والمسح على رؤوس اليتامى والمحتاجين. من المؤسف أن هذا الانكشاف – بالنسبة للعالم – حصل في قضية الصحفي جمال خاشقجي، مع الاحترام لقضية قتله وجريمة اختطافه الدموي، إلا أن “يقظة الضمير” العالمية فيها نظر، ومن الصعب أن يقع المرء مرة أخرى في حفرة الخداع التي تديرها عقول بشرية وإلكترونية لا ندري عنها، ومن أين تتحرك. فمجازر آل سعود وجرائمهم كثيرة، وانتحارييهم ومفخخاتهم ومناشيرهم وسيوفهم ودباباتهم.. معروفة في كل بقعة من هذه الأرض.. ولكن كل ذلك لم يوقظ ضمير العالم، ولا دفع الإعلام والساسة والأمم المتحدة لكي تجتمع على صوت قوي واحد للضغط على آل سعود وتهديدهم بأقسى العقوبات والمحاسبة.

الأمريكان سيواصلون اللعب علينا في قضية خاشقجي. ونحن العرب لم نفعل شيئا غير انتظار اللعبة التالية. ترامب قال بأنه بعد يومين سيحدد من أعطى أوامر قتل خاشقجي. يومان يحتاج الرجل لكي يُنهي اللعبة، ولن تكون نهايتها لصالح غير مصالحه ومصالح إدارته الوقحة.

قد يكون كثيرون هناك ممن يأملون أن تكون هناك ارتدادات في هذه القضية لصالح الشعوب، وبما يعينها في تطلعاتها من أجل الخلاص من الحكام الجهلة والقتلة، ولكن حتى الآن لا تبشّر الأجواء بهذا الفرج القريب. لا أمريكا مستعدة أن تمنحنا هذه البشارة، ولا أدواتها سيكفون عن أن يكونوا عبيدا طائعين للأمريكان، وليؤكدا لهم مرة بعد أخرى بأنهم “خير وأبقى” من أي شيء آخر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى