مقالات

فشل العرس الانتخابي.. ونجح تصفير الصناديق.. فماذا عن المعارضة؟

 

البحرين اليوم – (خاص)

كريم العرادي

كاتب من البحرين

 

لو كنتُ مكان حمد عيسى لدفنت نفسي في التراب، أو غادرت سريعا إلى شرم الشيخ. في يوم الانتخابات، عادة ما يظهر حكام الدول لكي يفرشوا أجنحتهم فخورين بالعرس الديمقراطي في بلادهم. ولكن العالم، وقبل بدء الانتخابات، قال كلمة واحدة عن هذه الانتخابات: انتخابات غير نزيهة، غير شرعية، وستار للقمع. فهل هناك فضيحة أكبر من ذلك؟

وكالات الأخبار الدولية وتقارير القنوات العالمية كلها تحدثت عن انتخابات ناقصة، محاطة بأجواء القمع، وتغيب عنها المعارضة. فأي عرس انتخابي يمكن أن يتحدث به حمد ونظامه بعد الآن؟ قد يكون لوزير العدل قدرة فائقة في الكذب، وهو يستعد منذ الآن لتلاوة بيان يُعلن فيه نجاح العرس الانتخابي وبنسبة مشاركة كبيرة. لكن لا ينبغي أن يؤخذ وزير العدل بجدية، فهو يستفيد من أصوله المصرية لكي يُضفي علينا نكهة من الضحك والفرفشة، ولو حاول أن يظهر وكأنه فيلسوف زمانه، والعارف بأحوال الأديان.

بالنسبة للنظام فهو يعرف أنه فاشل، وانتخاباته مكتوب عليها الفشل المحتوم، ولكنه اعتاد على قلة الحياء، وخاصة وهو يجد بجانبه داعمين كبار خلع الله من قلوبهم وأفعالهم الحياء والرجولة. لذلك لن نستغرب من أي كلام وقح سيصدر من النظام وهو يعلن نجاح الانتخابات والانتصار على أعداء الشعب والخونة! رغم كل ما قيل عن انتخاباته في التقارير والبيانات الدولية.

الكلام المناسب في هذا اليوم الكاريكاتوري، هو الذي يتعلق بالمعارضة. أنا شخصيا تحيرني معارضة البحرين كما يحيرني موضوع الثقوب السوداء ومشكلة الاحتباس الحراري ومرض الدودة الزائدة. اتفقت المعارضة هذه المرة على مقاطعة الانتخابات. جمعية الوفاق لأول مرة، وبعد تفعيل نشاطها السياسي بعد حلها، دخلت المعركة وبقوة. الشخصيات المعارضة كان لها صوت واضح ضد الانتخابات. هذا الصف المعارض القوي لم يستطع أحد اختراقه، بما في ذلك الذين حاولوا ركوب الموجة تحت عنوان “تحريك المياه الراكدة”. وكان صوت علماء البحرين قويا أيضا هذه المرة، واستخدم بيانهم الدين في تحريم المشاركة، وبلغة غير مسبوقة، ولم نجد أحدا من العلماء المعتبرين خرق هذا الصوت، وباءت نبوءة تقي الزيرة بالفشل بعد أن خدع الناس قبل شهر وقال بأن موقفا داعما للانتخابات سيصدر من العلماء. إذن، الصورة ناصعة، والإجماع لا غبار عليه بين السياسيين والعلماء.

أما القوى الثورية، فالمقاطعة عندها تحصيل حاصل، وقد ظهرت كل جماعة وقوة بمشروع وبيان ووثيقة سياسية، ولكنها كانت متفقة على رفض الانتخابات والمشاركة في مشاريع السلطة. يعني هم متفقون ولكن من غير اتفاق على ظهور واحد، أو على بيان مشترك.

الاتفاق والإجماع على مقاطعة الانتخابات كان كنزا بالنسبة للناس، وكان الجميع بانتظار هذه اللحظة التي حُرم منها قادة الثورة المعتقلون حينما كانوا في سنوات سابقة يرفعون شعارات الممانعة والمقاطعة، ولكن من غير أن يسمعهم الكثيرون، ومن غير أن ينجحوا في تحقيق الإجماع الوطني والثوري على ذلك.

اليوم تحقق هذا الإجماع في الموقف، ولكن المفقود حتى الآن هو الإجماع على الوقوف جنباً إلى جنب. ظهرت الوفاق من لندن من خلال اثنين فقط. ظهرت القوى الثورية في موقف موحد من خلال اثنين فقط. ظهرت المقاطعة بأكثر من شعار وخطاب ومشروع، فهناك بيانات وتقارير، وهناك عريضة، وهناك من نادى بالمقاومة المدنية. لم نجد جسما معارضا وثوريا وقف وقفة مشتركة وداخل إطار واحد، رغم أن الموقف المتفق عليه ضد الانتخابات حريّ بأن يجمع الجميع في شاشة واحدة، وعلى طاولة واحدة. والسؤال الكوني هو: لماذا؟

نجحت المقاطعة، هذا لا شك فيه. وفشلت السلطة فشلا ذريعا بسبب أمراضها البنيوية: القمع والعمالة وقلة الحياء. ولكن ماذا عن المعارضة.. هل نجحت أم…؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى