مقالات

ما جرى لم يكن “مزحة”

البحرين اليوم – مقالات

بقلم: صادق البحراني

بأكمله يخرج، يخطّط وينفّذ، يصعّد ويسيطر، يقرّر رفع سقف أهدافه لوحده، يجرّ الجميع لمربعه، يواجه الدبابات والرصاص بصدره، يكسر جدار الصمت ويهدم بروج التجبّر، يقدّم الدم تلو الدم ويهتف: “أنا الشهيد التالي”، يعمل في الميدان والإعلام والعلاقات العامة دون مقابل .. أتظنونه كان يمزح؟

ذهب السياسيون الكلاسيكيون لما هم متعودون عليه حين نشوء أزمة ما، التفاوض، المطالبة والتنازل، لم يُستجاب لأيٍّ من مطالبهم، بل وجّهوا أوامرهم كي يعود الشعب، كل الشعب، لمنازلهم، وتعود عقارب الساعة لما قبل 14 فبراير، حيث القمع والتعذيب وسنّ القوانين الجائرة والمقيّدة للحريّات .. أتمزحون؟

تحرّك الخبث الأمريكي والقناع الخليفي المزيّف، سلمان حمد، للترويج لحوار يضيّع وقت الشعب في الشد والجذب تجاهه، ولم يربح منه سوى النظام والنظام فقط، وخرج المشاركون فيه من المعارضة بلا تسجيل نقطة واحدة في مرمى الخليفيين، وهو ما كان ينادي به الشعب دوماً .. ولكن هل تمزحون؟

الأماني بضاعة الضعفاء والعمل بضاعة الأقوياء، فهي دعوة للصديق أن يعي ضرورة فهم ما يُقابِل، عدو يتطور في أهدافه وطريق تحقيقها، “يتأبلس” في التفكير والعمل، يتلوّن جلده أمام الرأي العام الدولي، يضرب نقاط قوة الشعب بشكل ناعم ليحوّلها لنقاط ضعف وهوان، ويزيد من نقاط قوته .. وهي ليست بمزحة.

ما يقارب من المائتين ضحية، لم يكونوا يمزحون حين أرادوا التغيير، والجماهير لم تمل أو تكل من المناداة بالحرية، إلا أن الحلقة المفقودة يجب أن توجد، وهو دور النخبة، النخبة التائهة لحد الآن، والتي تجيد -أحياناً- التنظير. على النخبة الخروج من التقوقع في التفكير والممارسة، وتنطلق لآفاق العمل المشترك، وتحطّم قيود الحزب والأنا، وتسير في طريق تحقيق مصلحة الشعب والشعب فقط.

من سمات النخبة الصالحة مكاشفة الجماهير، وحثّهم على الاستمرار في طريق التغيير، والتخطيط لغد أفضل يقودهم لحياة كريمة، وإسناد ظهور القيادات الميدانية، وعدم إشغال وإشعال الساحة بترهات الأمور، أو حرف بوصلة الأهداف التي يسعى الشعب لتحقيقها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى