ما وراء الخبر

آل خليفة: لا ضير إن غضب الفلسطينيون طالما رضي الصهاينة عنا.. المهم أن نضمن بقائنا على سدة الحكم

 

البحرين اليوم-متابعات

ما الذي يدفع نظام آل خليفة في البحرين إلى الظهور بالوقاحة الغير مسبوقة في امتداح الكيان الصهيوني، والإصرار على إغضاب الفلسطينيين وعموم المسلمين؟ ولماذا لم يتصرف الخليفيون بطريقة أذكى في إطلاق التصريحات المتعلقة بالقضية الفلسطينية لتخفيف حالة التوتر، ولتفادي الإنتقادات والمعارضة؟

يمكن أن تدور هذه الأسئلة في أوساط من لا يعرف حقيقة الأوضاع في البحرين، أو ليس لديه معرفة بطبيعة النظام الحاكم فيها وصراعه مع السكان الأصليين. إن أوجه التشابه بين الكيانين الخليفي والصهيوني تتشابه إلى حد التطابق في كثير من الحيثيات، أهمها أنهما كيانان دخيلان على ثقافة الشعبين الذين يرزحان تحت سلطتهما.

عمل الخليفيون منذ أن حكموا البحرين بالنار والحديد، وفيما بعد حين فرضهم الإستعمار الإنجليزي على البحرين بتحريف التاريخ، ونسبوا ثقافة البلد وتاريخه وحضارته إليهم. فمن يزور البحرين بعين المراقب والباحث يلحظ أن كل شيء ينسب إلى العائلة الحاكمة، أكبر شوارعها خليفية، أضخم مساجدها خليفية، أعلى أبراجها خليفية، أشهر جامعاتها خليفية، أهم مناهجها الدراسية الجامعية والمدرسية خليفية، أهم وزاراتها ومناصبها السيادية خليفية، أكبر مستشفياتها خليفية، أبرز سواحلها خليفية، وهكذ يحاول النظام أن يفرض وجوده، ويثبت حكمه، وثقافته بوضع ختمه الخليفي على كل شيء. هذا الواقع المشؤوم عمل عليه الخليفيون بسبب وجود عقدة الإنتماء الحقيقي للبحرين، فالتاريخ الحقيقي المدون في كتب التاريخ ليس للنظام الخليفي مكان فيه. جذور أهل البحرين الضاربة في عمق التاريخ، وحتى في وثائق الإستعمار البريطاني تظهر أن البحرين بلد العلم، والعلماء والسلم والسلام، ويتربع مسجد ذو المنارتين (مسجد الخميس) في قلب البحرين، وهو مسجد شُيد في القرن الثاني عشر هجرية وكان مركزا للعلم والقضاء، وتتوزع مساجد البحرين التاريخية في مناطقه الأصيلة كمسجد صعصعة بن صوحان، والأمير زيد، والشيخ ميثم البحراني على حقب تاريخية متتابعة، ويتناقل أهالي البحرين قصص الأجداد عن الأباء فلا تجد للخليفيين ذكر في التاريخ أو علاقة بالثقافة أو ارتباط بالحضارة، ما يجعل حقدهم وغلهم يدفعهم لفرض أنفسهم بالقوة. فيطلقون على سبيل المثال اسم الفاتح على أكبر جوامع البحرين وشوارعها نسبة لأول حاكم خليفي حكم البحرين، علما أن البحرين دخلت إلى الإسلام طواعية دون أو يوجف عليها بخيل أو ركاب.

عقد الإنتماء تلك تتطابق مع عقد الإنتماء لدى الصهاينة الذين يعلمون تمام العلم أنهم محتلون للأرض، وأن السكان الأصليين يرفضون وجودهم، وبالتالي يتعامل المحتلون بطريقة عدائية مع التاريخ والحضارة ويعملون جاهدين في محو التاريخ الحقيقي للبلد.

من أهم وأبرز سياسات الإستإصال التي يعمل عليها النظام الخليفي في البحرين وتتطابق مع سياسة الكيان الصهيوني هو سعيهم الدؤوب لاستبدال شعب البحرين الأصيل بشعب مستورد دخيل. تمام كما يفعل الصهاينة مع الفلسطينيين. لقد عمل النظام الخليفي في العشرين سنة الماضية على منح الجنسية لأقوام من مشارب عديدة بحيث لا تكون في البحرين جذور أصيلة، ولا انتماء حقيقي، واستكمل مشروعه في السنين الأخيرة بالشروع في نزع الجنسية عن المواطنيني الأصليين وترحيلهم عن بلادهم، في عملية إبادة مكتملة الأركان لا يوجد لها مثيل ولا شبيه إلا في أرض فلسطين المحتلة. الأفظع من كل هذا هو جرأته على استداف دور العبادة، والتعدي على المساجد في وضح النهار، وخلال شهرين فقط وتحديدا في العام 2011 بين شهري مارس وأبريل هدم ما يزيد عن 35 مسجدا بعد قمعه للثورة التي نادت باسقاطه. من بين المساجد التي هدمها النظام الخليفي في ذلك العام كان مسجد الشيخ أمير محمد البربغي الذي يتجاوز عمره الأربعمائة عام( أي قبل دخول آل خليفة إلى البحرين). يقع ذلك المسجد بمحاذاة أطول شارع في البحرين وتقام فيه صلوات الجماعة، وهو يرمز إلى تاريخ عريق لأهل البحرين وإلى قرية مجاورة اندثرت آثارها وبقي منها المسجد شامخا ومعلما من معالم ذلك التاريخ العريق. هدمه النظام الخليفي في العام 2011 وأضحى أثرا بعد عين. مسجد البربغي مجرد مثال من حالات تخريب الحضارة والتراث وتحريف التاريخ من قبل نظام عدواني ضد كل ما يمت للبحرين بالحقيقة والأصالة.

إن من أوجه التشابه والتطابق بين الكيانين الخليفي والصهيوني أيضا الخوف الدائم من السقوط والزوال، ولذلك يعمل الصهاينة على تثبيت قوى الضغط الضامنة لدعمه ورعايته المستمرة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية. في عرف الصهاينة الغاية تبرر الوسيلة، ففي سبيل حصوله على الدعم والرعاية لا يهمه إذا كان ذلك على حساب المذابح، أو المؤامرات، أو استهداف أي قيم خلاقة. الأمر تماما ينطبق على الخليفيين فهم في سبيل ضمان حكمهم، واستمرار بقائهم على سدة العرش مستعدون تمام الإستعداد لمصافحة الصهاينة ، وبيع فلسطين، والمشاركة في قتل اليمنيين، والتخلي عن أي قيم عربية وإسلامية. وبالتالي ليس غريبا أن يطلق وزير الخارجية الخليفي خالد بن أحمد تصريحات وقحه يمتدح فيها الكيان الصهيوني ويدافع عنه، ويعتبره “جزء من التراث الإقليمي”.

وعند آل خليفة لا ضير إن غضب الفلسطينيون طالما رضي الصهاينة عنهم، فالمهم أن ضمان البقاء على سدة الحكم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى