المنامة

حمد على سر أبيه.. في الهزيمة كالغزال!

رأي البحرين اليوم – خاص

اشتهر عدد من الأمثال العربية التي تدل على توريث الصفات والمهنة بين الأجيال ومن بينها ”من شابه أباه ماظلم“ و“فرخ البط عوام“ و ”الولد على سر أبيه“، وتطلق عندما يكون الولد مشابه لأبيه في صفاته وطباعه، بسبب تربية أبيه له، وبذلك يمكن معرفة شخصية أي رجل عبر أستبيان ملامحها من ولده.

ومن الأمثلة الشهيرة أيضا ”في الهزيمة كالغزال“ وهي عجز من بيت شعري صدره
في الهيجاء ما جربت نفسي     —     ولكن في الهزيمة كالغزال
وهذا المثل يضرب على الجبان الذي يهرب عند أول مواجهة فيطلق ساقيه للريح.

وأما خير مصداق لهذين المثلين فهو حاكم البحرين الحالي حمد عيسى الخليفة، فهو على سر أبيه الحاكم السابق عيسى سلمان الخليفة الذي توفي أواخر القرن الماضي. وقد ظهرت ملامح التشابه وتوارث الصفات والطباع بينهما جلية منذ زمن طويل. فقد ورث حمد عن أبيه الطغيان والتجبر على الشعب البحراني.

عيسى الخليفة قمع انتفاضات الشعب البحراني طوال سنوات حكمه التي امتدت لعقود وسقط خلالها عشرات الضحايا وملأ السجون بالأحرار الذي ذاقوا شتى صنوف التعذيب. كما أنه تميّز بنهب ثروات البحرين وأراضيها وسواحل بحارها، وهي صفات ورثها من بعده ولي عهده الحاكم الحالي حمد.

لكن أهم الطباع التي ورثها حمد عن أبيه عيسى هي صفة الجبن! وقد تجلت هذه الصفة في الأب عندما أطلق سيقانه للريح في العام 1991 هاربا في رحلة إلى خارج البلاد، عندما بلغت ازمة الخليج أوجها في ذلك العام.

فقد احتل الرئيس العراقي المقبور صدام حسين دولة الكويت في العام الذي سبقه، و قررت الدول العربية حينها وفي مقدمتها دول الخليج وبضمنها البحرين الإستعانة بالقوات الأمريكية لإخراج صدام من الكويت. وبالفعل انطلقت عمليات تحرير الكويت في فبراير من العام 1991. ومع بدء العام غادر عيسى البلاد ولم يعد لها إلا بعد تحرير الكويت.

وأما سر خشيته وهروبه وتركه للبلاد في أحلك الظروف، فهي خوفه من تداعيات الحرب، وخاصة وأن صدام هدد حينها بضرب الدول التي تقدم الدعم للقوات الأمريكية وفي مقدمتها البحرين التي تستضيف الأسطول الخامس الأمريكي، الذي لعب دورا فاعلا في العمليات العسكرية ضد العراق.

فالحاكم الخليفي خشي الإنتقام الصدامي فنفد بجلده تاركا البحرين تلاقي مصيرها. هذا التصرف لا يعكس جبن عيسى الخليفة فقط، وإنما عدم انتماؤه لهذه الأرض التي يتخلى عنها الخليفيون عند أول مواجهة ! وهذا نابع من شعورهم بأنهم أغراب على البحرين وأنهم غزاة محتلون لاهم لهم سوى نهب ثروات البحرين واستثمارها في الخارج. وأما في حال تعرض البحرين لأي خطر خارجي فهم أول المتخلين والراحلين عنها.

التاريخ يعيد نفسه! فقد أثبت حاكم البحرين الحالي أنه على سر أبيه ورث منه الجبن والبغض لأهل البحرين! فقد أطلق حمد الخليفه ساقيه للريح عندما وصل التوتر إلى أوجه هذه الأيام بين إيران الولايات المتحدة على خلفية اغتيال الأخيرة للجنرال قاسم سليماني، وتهديد إيران باستهداف المصالح الأمريكية في المنطقة ومن بينها قاعدة الجفير في البحرين، التي تواردت انباء تشير إلى أن الطائرة التي نفذت عملية الإغتيال انطلقت منها.

وإما وجهة حمد فكانت ألمانيا وأما الذريعة فهي زيارة عمه المريض خليفة الخليفة، الذي غادر البحرين منذ أكثر من ثلاثة أشهر في رحلة علاجية! لم يفكر حمد خلالها بأداء واجب زيارة عمه كسبا لثواب زيارة المريض، ولا لمواساته ودعمه وهو في أرذل العمر، لكن حمد وفي غمرة هذه التوترات تذكّر أن له عما يرقد في أحد مصحات ألمانيا فقرر عيادته. لكن حمد ظل يرقب الوضع في المنطقة عن كثب من بلاد الألمان، وحال هدوء الأمور بعد الضربات الصاروخية الإيرانية على قاعدة عين الأسد، عاد حمد إلى البلاد، بعد أن انفرجت أساريره لعدم وقوع حرب شاملة!

فحاكم البحرين الذي تقدر استثماراته في الخارج بعشرات المليارات من الدولارات كما كشفت عن ذلك صحيفة الفاينانشيال تايمز البريطانية، لايرى في البحرين إلا بقرة حلوبا، يتركها تلاقي مصيرها لوحدها حال تعرضها للخطر، فيتخلى عنها عند أول امتحان سائرا على نهج أبيه، ليثبت مرة اخرى أن آل خليفة غير مؤتمنين على البلاد، لأن شعورهم بانهم غرباء عنها وغزاة لها مترسخ في عقلهم الظاهر والباطن.

ولاشك بان مثل هذه الصفات يتوارثها أبناء العائلة جيلا من بعد جيل! لكنهم يحاولون التغطية عليها بإغداق صفات مضادة لها عليهم. وياتي في مقدمة هؤلاء ناصر نجل حمد الخليفة. فهذا الوريث الذي يطلق عليه البحرانيون تندرا لقب“نصور المعجزة“ يحاول أن يثبت أنه رجل شجاع حديدي يغلب الأبطال في سوح الرياضة حتى نال لقب البطل الحديدي زورا وبهتانا! فهو لم يفز يوميا ببطولة الرجل الحديدي، بل يقبع دوما في قعر قائمة المشاركين، لكن عقدة النقص والجبن التي توارثها عن أسلافه، يسعى لتعويضها عبر الفوز ببطولات وهمية بانت فضائحها للملأ.

لم يعرف البحرانيون لهذه العائلة التي حكمتهم لأكثر من قرنين، من صفات حسنة، ولكن عرفوا بسوء الطباع وأولها قسوتهم وجشعهم وانتقامهم من أهل البلد الأصليين، ونهبهم لخيراتها، واستعانتهم بالأغراب لقمع المواطنين، وهروبهم من البلاد عند تعرضها لأي خطر!

لكنهم أسود على البحرانيين، يزجونهم في السجون والمعتقلات ويطلقون عليهم الرصاص في الشوارع وفي الزنازين، وينتهكون حرماتهم ومقدساتهم، في الوقت الذين ينحنون فيه صاغرين أمام أسيادهم، فهل يمكن للشعب أن يتعايش مع عائلة بهذه الطباع السيئة، وهل يمكن للجبناء أن يستمروا جالسين على سدة حكم بلاد عرف أهلها بطيبتهم وسماحتهم وشجاعتهم في مواجهة طغيان الجبناء؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى