المنامة

في الذكرى التاسعة لانطلاق ثورة 14 فبراير

رأي البحرين اليوم – خاص

تدخل ثورة 14 فبراير بعد بضعة أيام عامها العاشر على التوالي، وشعب البحرين متمسك بأهداف الثورة، ومتطلع إلى اليوم الذي يسقط فيه نظام حكم العائلة الخليفية الجاثم على صدور البحرانيين منذ أكثر من قرنين من الزمن.

شعار إسقاط النظام الذي دوّى في دوار اللؤلؤة في العام 2011، عكس الرغبة الشعبية في التغيير، وكان شعارا وخيارا اتخذه البحرانيون بعد عقود من التجربة المريرة مع نظام الحكم القبلي، ولّدت قناعة بأنه لايمكن التعايش مع هذه العائلة؛ فهي عصية على الإصلاح وغير مستعدة له، إسقاطها هو الضمان للمستقبل الواعد.

ولم تتغير قناعة البحرانيين اليوم مع قرب حلول الذكرى التاسعة للثورة بضرورة إسقاط رمز الطغيان في البلاد حمد الخليفة، فقد فاق هذا الحاكم أسلافه جميعا بحجم ظلمه وطغيانه وفساده.

حمد الخليفة الحاكم الأكثر دموية في تاريخ البلاد، إذ لم تشهد البحرين طوال تاريخها الحديث سقوط هذا العديد الكبير من الشهداء (قرابة 200 شهيد) في أقل من عقد من الزمن. كما تصاعدت وتيرة إعدامات المعارضين في عهده، فيما امتلأت سجون البحرين بالمعارضين الذين يقدر عددهم بما يفوق الـ 4000 سجين، وفي مقدمتهم القادة السياسيين والدينيين.

أغلق حمد الخليفة فضاء العمل السياسي والمدني في البلاد، بعد أن حلّ الجمعيات السياسية وزج قادتها في السجون، ثم حظر العمل الحقوقي، وكان أسوأ ما في عهد حمد الذي اصطبغ باللونين الأحمر والأسود هو التعدي على حرمة النساء في مجتمع عرف بمحافظته واحترامه للمرأة، حيث زج بالحرائر في السجون وعرضهن لشتى صنوف التعذيب وانتهاك الحرمات بشكل غير مسبوق في تاريخ البحرين. ذلك الفعل الشنيع كشف مرة أخرى عن الوجه القبيح للمحتل الغازي الذي ينكل بأهل البلد الأصليين، الذي ينظر لهم نظرة حقد وشزر، لأنهم يذكرونه بأنه دخيل لا جذور له في هذه الأرض.

شعور النقص لدى الحاكم الخليفي جعله يستميت في مشروع تخريبي كارثي لا شبيه له إلا في فلسطين المحتلة، حيث يهدف لتحويل سكان البلد الأصليين إلى أقلية في بلادهم، من خلال التجنيس السياسي الهادف إلى التغيير الديمغرافي. ومع غياب إحصاءات دقيقة حول عدد الذين تم تجنيسهم، وسط تكهنات بان أعدادهم ربما تجاوزت 100 ألف مجنس، فإن المخاوف تزداد حول تحول سكان البلد الأصليين إلى أقلية.

لم يتقدم الحاكم الخليفي في مشاريعه الهدامة إلا بالإستعانة بالقوى الخارجية، ولم تقدم تلك القوى دعمها إلا مع تفريط حمد الخليفة بسيادة البحرين بشكل غير مسبوق. قبل تسلمه الحكم خلفا لوالده عام 1999 كانت البحرين مقرا للأسطول الخامس الأميركي، أما اليوم فهي بالإضافة إلى ذلك تستضيف أول قاعدة عسكرية بريطانية منذ الإنسحاب البريطاني من شرق السويس أواخر الستينات من القرن الماضي. يضاف إلى ذلك أن حمد استعان بقوات سعودية وإماراتية احتلت البلاد في مارس 2011 وشاركت بشكل مباشر في قمع الثورة، كما استعان حمد بقوات من الدرك الأردني، فيما تحولت البحرين في الأشهر الأخيرة إلى مقر لقوات التحالف الذي شكلته أميركا تحت ذريعة حماية أمن الخليج في ظل التوتر المتصاعد مع إيران. وهكذا فقدت البلاد سيادتها ليصبح قرارها رهنا بيد الرياض وأبو ظبي وباقي العواصم المؤثرة.

آخر جرائم حمد الخليفة تحوله إلى عراب للتطبيع مع الصهيونية، سواء عبر استضافته لقادة حركات صهيونية متطرفة أو لمسؤولين إسرائيليين، وتملقه الغريب لزعماء الكيان الصهيوني، والتي كان آخرها ما كشفت عنه البحرين اليوم من لقاء جمع حمد الخليفة بنيامين نتنياهو في العاصمة المجرية بودابست. و مساهمته المباشرة في الترويج لمشروع الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتصفية القضية الفلسطينية المسمى بصفقة القرن، فالمندوب الخليفي كان حاضرا في مراسم الإعلان عن الخطة التي كشف عنها ترامب بحضور بنيامين نتنياهو، وهي الخطة التي يرفضها كل العرب والمسلمين وفي مقدمتهم الفلسطينيون.

لا شك بأن مثل هذا الحكام بسجله الدموي وعمالته المخزية لا يشرف البحرين، ولذلك من يدعو إلى الحوار مع هذا الحاكم الملطخة يديه بالدماء وبعار العمالة، يحتاج إلى مراجعة سريعة ليدرك بأن مخطأ في تلك الدعوة وغير مدرك لخطورتها على المستقبل والدين والقيم والحرمات.

الذكرى التاسعة للثورة إعادة لتنشيط الذاكرة، وترسيخ الهدف، وتثبيت المسار، وهي مناسبة لتجديد العهد مع الشهداء وتوجيه التحية لجميع ضحايا حمد الخليفة من معتقلين ومعذبين ولأهل البحرين الصابرين. هي مناسبة للتذكير بأن شعار إسقاط رأس النظام حمد تحرك من الوجدان الشعبي البحراني، وترسخ مع الأيام أكثر كنتيجة طبيعية لجرائم الديكتاتور في حق أهل البحرين الطيبين. ويبقى إسقاط النظام الخليفي حلم يمكن أن يتحول إلى حقيقة مع تقوية الجبهة الشعبية، والتحام الفصائل مع بعضها في مقاومة المشاريع الخليفية، والصبر والصمود الذي هو من أسرار انتصار الشعوب المستضعفة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى