واشنطن

هيومن رايتس ووتش: ارتفاع وتيرة انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين بعد تسع سنوات من “الإنتفاضة”

 

البحرين اليوم-واشنطن

قالت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقريرها السنوي يوم أمس (الثلاثاء 25 فبراير) أن وتيرة انتهاكات حقوق الإنسان ارتفعت “بعد مرور 9 سنوات من الإنتفاضة”.
واستعرض التقرير جملة من الإنتهاكات والحوادث التي وقعت في البحرين أبان تفجر الثورة في العام 2011. وكان عشرات الآلاف من المواطنين قد تظاهروا ذلك العام في مختلف مدن وبلدات البحرين “للاحتجاج على قبضة عائلة آل خليفة الحاكمة على السلطة، والتمييز ضد أغلبية السكان الشيعة في البلاد، واعتقالات المنتقدين السياسيين.

ولفت التقرير إلى أن الثورة قد جاءت “بعد 10 سنوات من استفتاء عام 2001، والذي صوت فيه المواطنون بأغلبية ساحقة لصالح ميثاق العمل الوطني. وعد الميثاق بإصلاحات ديمقراطية أساسية ، بما في ذلك جمعية وطنية منتخبة شعبيا”. غير أن البحرين بحسب هيومن رايتس ووتش “عادت تدريجياً إلى ماضيها القمعي”. وبحلول عام 2010 كانت السلطات تحتجز رموز بارزين في المعارضة، وتحظر النشاط السياسي، وكانت ” تقارير تعذيب المحتجزين تظهر على نحو متكرر”.

السلطات الخليفية اعتمدت سياسة عدم التسامح مطلقًا مع أي فكر سياسي حر ومستقل، وكان السجن أو التهجير مصير من ينتقد الحكومة، بحسب التقرير.

واستشهدت هيومن رايتس ووتش بتقرير ” لجنة تقصي الحقائق” التي أقرت باستخدام السلطات الخليفية القمع المفرط ضد الإحتجاجات، أدى لمقتل العشرات، واعتقال الألاف من المواطنين، وتسريح ألآف أيضا من أعمالهم بسبب مشاركتهم في الإحتجاجات. تلك الإنتهاكات وقعت بشكل ممنهج بحسب ” لجنة تقصي الحقائق”، وكان بارزا غياب المسائلة، والذي أدى إلى “ثقافة الإفلات من العقاب”.

ومن الأمثلة على ذلك قضية نبيل رجب، أحد أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان في البحرين، وعضو في اللجنة الاستشارية لهيومن رايتس ووتش في الشرق الأوسط، والذي ظل في السجن منذ يوليو 2016 بسبب انتقاده السلمي لسجل البحرين المروع في مجال حقوق الإنسان. على الرغم من أنه “لا ينبغي أن يكون رجب في السجن على الإطلاق، إلا أن المحاكم رفضت مرارًا وتكرارًا استئنافه لقضاء عقوبة غير الحبس بدلاً من السجن لمدة خمس سنوات”.
تلك القضية ليست فريدة من نوعها، إذ إنه واحد من العشرات من المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين وقادة المعارضة والصحفيين الذين سجنوا ظلماً منذ أن قمعت السلطات الخليفية احتجاجات 2011.

في أكتوبر الماضي عاينت هيومن رايتس ووتش حالات تفيد بأن السلطات الخليفية “تحرم السجناء السياسيين البارزين الذين يحتاجون إلى رعاية طبية عاجلة، وفي بعض الحالات تعرض حياتهم للخطر”. في أحد الأمثلة، تدهورت بشكل كبير صحة دكتور عبد الجليل السنكيس، وهو شخصية معارضة رائدة ويقضي حكما بالسجن المؤبد بسبب دوره في احتجاجات 2011.

يعاني السنكيس من إعاقة منذ الطفولة، وهو بحاجة إلى عكازين للمشي. ويقول تقرير المنظمة ” أخبرتنا ابنته أنه يعاني من ألم شديد في الصدر، وتنمل في أصابعه، ورعشه في يده اليسرى”. مع هذا رفضت سلطات السجن نقل السنكيس إلى مواعيده الطبية لأنه يرفض ارتداء زي السجن أو القيود، وهو ما يعتبره مهينًا. ويقول خبراء دوليون في مجال حقوق الإنسان “إن استخدام القيود المفروضة على المسنين أو العجزة الذين لا يشكلون خطر هروب يشكل معاملة لا إنسانية أو مهينة”.

ويؤكد التقرير توثيق ” التعذيب الروتيني في سجون البحرين، خاصة أثناء الاستجواب”. ويضف التقرير “يصف المحتجزون الصدمات الكهربائية والتعليق في أوضاع مؤلمة والوقوف القسري والبرد الشديد والاعتداء الجنسي”.

ويتطرق التقرير إلى المدعين والقضاة في البحرين، ويتهمهم باستخدام “الاعترافات التي يتم الحصول عليها تحت وطأة التعذيب لإدانة المحتجزين، وحتى الحكم عليهم بالاعدام”. في يوليو الماضي أعدمت السلطات رجلين ( أحمد الملالي وعلي العرب) شابت محاكمتهما مزاعم التعذيب وانتهاكات خطيرة للإجراءات القانونية الواجبة. في 8 يناير أعادت محكمة الاستئناف عقوبة الإعدام ضد اثنين آخرين ( محمد رمضان وحسين موسى)، حتى بعد أن قدمت هيئة الدفاع أدلة “أثارت الشكوك” بأن الرجلين تعرضا للتعذيب.

واستنكرت هيومن رايتس ووتش دور حلفاء نظام البحرين، على رأسهم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
وخلال عام 2019 وحده وافقت وزارة الخارجية الأمريكية على ثلاث عمليات بيع كبيرة من الأسلحة إلى البحرين بقيمة 3.4 مليار دولار، على الرغم من السجل السيئ بشأن حقوق الإنسان، والاضطهاد الشديد للمعارضين. كما فشلت الولايات المتحدة أيضًا في إثارة مخاوف حقوق الإنسان علنًا مع السلطات الخليفية.

بناءً على طلبات حرية المعلومات، قدمت المملكة المتحدة 6.5 مليون جنيه استرليني من المساعدات الفنية إلى البحرين منذ عام 2012، بما في ذلك الدعم الذي يهدف إلى إصلاح قطاع الأمن والعدالة. ومع ذلك “فشلت هيئات الرقابة التي دعمتها المملكة المتحدة مراراً وتكراراً في مساءلة حراس السجون والضباط، وسط أدلة على الظروف اللاإنسانية والمهينة في سجون البحرين”.

وانتهى تقرير هيومن رايتس ووتش إلى دعوة حلفاء البحرين إلى إعادة النظر في دعم القطاع الأمني إلى أن تفرج البحرين عن نبيل رجب وغيره ممن سجنوا ظلما بسبب انتقادهم للسلطات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى