ما وراء الخبر

فورمولا الدم برعاية سلمان كورونا!

رأي البحرين اليوم – خاص

يثير تنظيم البحرين لسباق الجائزة الكبرى للسيارات جدلا كل عام، وترتفع الأصوات المطالبة بإلغائه كون النظام الحاكم في البحرين يستغل هذا السباق لتبييض صفحة انتهاكاته لحقوق الإنسان وتسويق صورة إعلامية عن البلاد، تتناقض مع الواقع.

لكن السباق الذي تنظمه شركة فورمولا 1 وبرعاية من ولي العهد الخليفي سلمان الخليفة، لم يتوقف سوى مرة واحدة حصلت في عام 2011 الذي اندلعت فيه شراة الثورة في البحرين، ولا تزال جذوتها حتى اليوم.

وخلال الأعوام المنصرمة تقدمت منظمات حقوقية بشكاوى على الشركة المنظمة بينها منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان (ADHRB)، ومعد البحرين للحقوق والديمقراطية ( BIRD ) متهمة إياها بخرق دليل القواعد الأخلاقية الدولية عند إبرام العقود التجارية، التي تنص على ضرورة مراعاة أوضاع حقوق الإنسان عند إبرام تلك العقود.

كما نظم ناشطون اعتصامات أمام مكاتب الشركة المنظمة في العاصمة البريطانية لندن، للمطالبة بإلغاء السباق الذي يقام كل عام في حلبة الصخير بالبحرين.

لقي السباق اعتراضا داخل البحرين تنديدا بتنظيمه واعتقلت السلطات الناشطة البحرانية نجاح يوسف التي تعرضت للضرب والاعتداء والإعتقال بعد سلسلة من المشاركات في الاحتجاجات في أبريل 2017 ضدّ النظام الحاكم في البحرين. وسبق يوسف اعتقال الناشطة ريحانة الموسوي ونفيسة العصفور في أبريل العام 2013، كما تمت تصفية المواطن صلاح عباس في منطقة الشاخورة غرب المنامة في العام 2012. وفي كل عام تشدد السلطات الخليفية القيود الأمنية لمنع أي احتجاجات على إقامة السباق، ومن بينها اعتقال عشرات المواطنين وتعريضهم للتعذيب

وبالعودة إلى الناشطة نجاح يوسف فقد كانت “جريمتها” أن كتبت في صفحتها على الفيسبوك “لا لسباقات الدم على الأرض البحرانية“ معتبرةً أن سباق F1 القادم إلى بلدها ”بمثابة تبييض سجلّ انتهاكات حقوق الإنسان للنظام الحاكم“.

وأما رد فعل إدارة الفورمولا 1 فهو التعبير عن “قلقها” على الناشطة أحمد يوسف التي اعتقلت بسبب احتجاجات جائزة البحرين الكبرى, وقالت الشركة حينها ”إنّ الفورمولا 1 كانت تتردد في التدخل في السياسة وقضايا حقوق الإنسان ولكنّها الآن قدمت استثناءً نادرًا في حالة نجاح يوسف التي تعرضت للضرب والتحرّش الجنسي والإعتقال بعد سلسلة من المشاركات في الإحتجاجات في نيسان 2017 ضدّ النظام ”.

واتهمت “هيومن رايتس ووتش” العام الماضي مجموعة “الفورمولا 1” بتجاهل التزاماتها في مجال حقوق الإنسان، وغضها الطرف عن الانتهاكات الحقوقية الجسيمة في البحرين، التي ”يبدو أن بعض الانتهاكات مرتبطة مباشرة بأنشطة الفورمولا 1 في البلاد“.

لكن إدارة فورمولا 1 وولي العهد الخليفي لم يصغيا إلى جميع هذه الاعتراضات والنداءات، ومضوا قدما في تنظيم السباق طوال السنوات الماضية. وحتى في هذا العام الذي انتشر فيه فيروس كورونا في أنحاء مختلفة من العالم ومنها البلد المنظم البحرين، إلا أن الشركة المنظمة وسلمان خليفة يصران على تنظيم السباق في موعده المقرر هذا الشهر!

وفيما يتعلق بالشركة المنظمة فلاشك بأن العامل الإقتصادي يلعب دورا كبيرا في توجيه نشاطاتها وتنظيم السباقات، فقد أعلنت ليبرتي ميديا مالكة الحقوق التجارية للبطولة عن ارتفاع في العائدات المالية 620 مليون دولار خلال الربع الثاني من العام الماضي.

وتمتعت الفرق العشرة الأوائل بزيادة في مداخيلها من 307 مليون دولار إلى 335 مليون دولار بالمقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، وتلك نتيجة مباشرة لزيادة عائدات البطولة. وتدفع جائزة البحرين الكبرى إحدى أكبر تكاليف الاستضافة لهذا الموسم.

ومن جانب ولي العهد الخليفي فحاله كحال اخوته المولعين في تنظيم السباقات الرياضية إرضاءا لنزواتهم تارة واخرى لأشباع نهمهم المالي، غير آبهين للأوضاع الإقتصادية التي تمر بها البحرين خاصة بعدهبوط أسعار النفط، أو أي مخاطر اخرى.

ولذا فقد أصر سلمان على تنظيم السباق بالرغم من أن فريق فيراري الشهير الذي يشارك في البطولة، يقدم من إيطاليا التي وضعت على قائمة الدول التي يحظر على مواطنيها دخول البحرين بعد أن تحولت إلى بؤرة لفيروس كورونا في أوروبا.

السلطات الخليفية أعلنت أنها لن تحجر الفرق المشاركة القادمة من إيطاليا لمدة 14 يوما، وستكتفي بفحص أفرادها في المطار، علما أن الشخص يمكن ان يكون حاملا للفيروس ولا تظهر عليه أعراضه إلا بعد 14 يوما مدة حضانة الفيروس. غير أن ذلك الإجراء يهدف إلى تنظيم السباق بأي ثمن كان.

لكن تفشي الفيروس في أنحاء مختلفة من العام أثار مخاوف من عدم حضور متفرجين من مختلف أنحاء العالم يمثلون دخلا للشركة المنظمة، مما دفع بالرئيس التنفيذي لحلبة الصخير إلى إعلان تنظيم البطولة في موعدها دون جمهور، مكتفيا بواردات النقل التلفزيوني والإعلانات والشركات الراعية ومنها الشركات المصنعة للسيارات.

ويأتي تنظيم هذه البطولة التي قد تمنى بخسائر فادحة على البحرين هذا العام، بالرغم من أن البلاد تعيش أزمة كورونا، حيث بقي مئات المواطنين عالقين في إيران، لم تقدم السلطات الخليفية وفي مقدمتها ولي العهد سلمان على اتخاذ إجراء لإعادتهم إلى بلادهم، معرضة حياتهم للخطر هناك، على عكس ما فعلت دول أخرى في المنطقة مثل الكويت وقطر وعمان التي أجلت رعاياها من إيران، ووفرت لهم مقرات للحجر في فنادق 5 نجوم.

العائلة الحاكمة صمتت ولم تتخذ أي إجراء، وحتى قرار حاكم البلاد حمد الخليفة القاضي بتحويل ملف العالقين إلى الأوقاف الجعفرية، في خطوة اعتبرت مثيرة للأشمئزاز وتفوح منها رائحة الطائفية المقيته، فضلا عن كونها تلقي المسؤولية على جهة ليس من اختصاصها التعاطي مع هذا الملف الذي يهم مواطنين بحرانيين بغض النظر عن انتماءاتهم الطائفية، وتقع مسؤوليتهم على عاتق وزارتي الصحة والخارجية في المقام الأول.

وبعد مضي قرابة الشهر على وجود العالقين البحرانيين في ظروف مادية واجتماعية وصحية صعبة أدت إلى وفاة مواطنين اثنين، فإن السلطات الخليفية ربما ترضخ لإجلاء المواطنين وترسلهم إلى مقرات للحجر الصحي هي أشبه بمخيمات أسرى الحرب، في وقت ستفرش فيه السجاد الأحمر إلى متسابقين لا يمتون إلى الوطن بصلة ويتسببون بأعباء مالية وإقتصادية كبيرة على الوطن، فقط لإرضاء نزوات ولي العهد سلمان الخليفة.

هذا التهاون والتعاطي الخليفي مع ملف العالقين يثبت مرة أخرى مدى حقد الخليفيين الغزاة على البحرين وأهلها، فهي بنظرهم بلاد فتحها جدهم أحمد الذي يطلقون عليه لقب الفاتح، فلا يرون في البحرين سوى أرضا لغنيمة ينهبون خيراتها ويستبيحون حرماتها ويسومون أهلها سوء الهوان والعذاب منذ أن وطات أقدمهم هذه الأرض قبل أكثر من قرنين.

فولي العهد الخليفي الذي يطلق عليه البحرانيون سلمان بحر، استولى على سواحل البحار وطمرها وحولها إلى منتجعات سياحية، يملىء منها خزائنه التي يعزز عبرها سلطته وينفق منها على ملذاته. والأمر ينطبق على باقي أفراد العائلة ومنهم والده حمد الذي كشفت تقديرات سابقة نشرتها صحيفة فاينانشيال تايمز عن حجم ثروته التي تناهز 50 مليار دولار، وكذلك عمه رئيس الوزراء خليفة الذي جنى ثروة هائلة طوال سنوات حكمه المتواصلة منذ أكثر من أربعة عقود.

آل خليفة لم يكتفوا بنهب ثروات البحرين وترك شعبها يعيش في ضائقة اقتصادية، لكنهم أمعنوا في قتل المواطنين وسجنهم وتعذيبهم وتهميشهم وإقصائهم طوال سنوات حكمهم، حتى أصبح التعايش بينهم وبين شعب البحرين مستحيلا. وليس من المبالغة القول بأن البحرانيين ينظرون إلى آل خليفة اليوم على أنهم أشد خطرا من فيروس كورونا، فقد ضرب البلاد فيروس آل خليفة منذ اكثر من قرنين، ولايزال يحصد الأرواح، ويتسبب بخسائر اقتصادية، ولم يعد هناك من سبيل إلا العمل بكل جد لإسقاط حكم العائلة، وحجرها حيث لا يمكن لفيروس آل خليفة الإنتشار مرة أخرى بعد أن باءت كافة الوصفات في علاجهم بالفشل ولم يعد هناك من حل سوى استئصالهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى