ما وراء الخبر

المتقاعدون يدفعون ثمن فساد النظام الخليفي وسوء إدارته

رأي البحرين اليوم – خاص

حرصت الاجراءات ” التقشفية” التي اصدرتها السلطات الخليفية خلال العامين الماضيين على حماية التجار والأغنياء، والمسؤلين والوزراء، وسلطت سيف الجور على جيوب المعدمين والفقراء.

زعمت السلطات أنها تهدف لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، فأصدرت سلسلة من القوانين والاجراءات شملت رفع الدعم، وفرض الضرائب، لكنها لم تقترب لإلغاء بعض الحوافز التي يتمتع بها المسؤولون في الدولة، ولم ولن تقوم مثلا بترشيد الإنفاق على بعض المهرجانات التي تكلف البلد دون طائل غير متعة عابرة لأولاد الحاكم الخليفي.

الأمثلة كثيرة، وأسباب الأزمة واضحة للشعب البحراني، فكلها تنتهي عند فساد عائلة آل خليفة الحاكمة ونهبها المتواصل لثروات البلاد، وتبديد تلك الثروات على ملذاتها وعلى شراء الأسلحة وعلى المجنسين، يضاف لذلك سوء إدارة موارد البلاد. ومما زاد الأوضاع الاقتصادية قتامة هو تدني أسعار النفط العالمية وتفشي جائحة كورونا التي وجهت ضربة للاقتصاد العالمي، ولم تكن البحرين بمامن منها.

لكن النظام وبدلا من معالجة أسباب الأزمة الحقيقية، اتخذ جملة من الإجراءات التي لا تهدف إلا للتضييق على الشعب وإجباره على دفع فاتورة فساد السلطة وسوء إدارتها للملف الاقتصادي .

فالسلطات رفعت الدعم عن بعض السلع وفرضت ضريبة القيمة المضافة واخيرا وليس آخرا جاء الدور على شريحة المتقاعدين. وأهمها إلغاء الزيادة السنوية بنسبة 3% وسط ارتفاع معدلات التضخم. ويشير خبراء إلى ان هذا الوقف سيوفر مبلغا قدره 18 مليون دولار فقط! وهو رقم بمصروفات المتقاعدين البالغة 570 مليون دينار. وتدعي الحكومة بأن وقف الزيادة من شأنه ضمان استدامة الصناديق التقاعدية وقدرتها على صرف المعاشات.  لكن هذا الرقم له تأثير مباشر على شريحة المتقاعدين وعلى معيشتهم.

تمس هذه المراسيم حقوق 95 ألف متقاعد وهو عدد لا يستهان به في البحرين وهي تتعارض مع “دستور البحرين” الذي نص في مادته الخامسة على مسؤولية الدولة في تحقيق الضمان الاجتماعي اللازم في حالة الشيخوخة او المرض او العحز عن العمل مع تأمين خدمات التأمين الاجتماعي والرعاية الصحية. وكذلك أكد العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بمادته التاسعة التي ثبتت الضمان والتأمينات الاجتماعية،باعتباره حقا أساسيا عالميا من حقوق الانسان.

الطامة الكبرى التي اصابت صناديق التقاعد العامة في البحرين، لم تأتي إلا بسبب سوء استثمار مواردها مما كبدها خسائر كبيرة، فقد كشف وزير المالية الخليفي في ديسمبر من العام الماضي عن أن تقرير الخبير الاكتواري بشأن مراجعة أوضاع الصناديق أوضح أن الالتزامات المالية على الصندوقين، تزيد على صافي الموجودات بحوالي 14.393 مليار دينار، ما يعني وجود عجز يبلغ 8.127 مليار دينار لصندوق القطاع العام. وحذّر أن تقرير الخبير الإكتواري من نفاد أصول صندوق تقاعد القطاع العام المدني في سنة 2024، ونفاد أصول صندوق تقاعد القطاع الخاص في سنة 2033.

لذلك فإن إجراءات السلطات لا تمس جوهر الأزمة وهي معالجة جذور الأزمة الاقتصادية وأهمها فساد العائلة الحاكمة وسوء استثمار موارد البلاد الاقتصادية والبشرية، والتوقف عن الإنفاق العسكري والأمني أو تقليله، والإستعانة بخبراء اقتصاديين يحسنون استثمار أموال صناديق التقاعد وكذلك استثمار ثروات البلاد.

فمع هيمنة أفراد من العائلة على موارد البلاد الاقتصادية يشهد اقتصاد البحرين تدهورا يوما بعد آخر لا يدفع ثمنه سوى المواطن. فهذه الهيمنة الخليفية هي التي تعطي الأوامر إلى بنك البحرين الوطني إلى منح شركة ماكلارين البريطانية قرضا بقيمة 280 مليون جنيه استرليني من أجل انقاذها من الإفلاس، لأن ولي العهد سلمان يمتلك أسهما في الشركة.

ولأن سلمان مولع بسباقات السيارات التي يشارك فيها فريق فورمولا ون المملوك لشركة مكلارين. والأمر ينطبق على شقيقه ناصر الذي تتنوع اهتماماته الرياضية من سباقات الرجل الحديدي إلى سباقات الدراجات الهوائية. وفي ظل الأزمة الاقتصادية التي تسبب بها فيروس كورونا، فإن ناصر تكفل بإنقاذ حياة فريق مكلارين للدراجات الهوائية وحتى نهاية العام 2021.

لكن هذه العائلة التي تنفق مئات الملايين في الخارج فإنها تضيق على الشعب في الداخل.

لقد أثبتت هذه الأزمة الاقتصادية مرة أخرى أت عائلة آل خليفة غير مؤتمنة على ثروات البلاد، وأن رفاهية الشعب وضمان مستقبله ليسن من ضمن أولويات اهتماماتها، وهو مايؤكد الطروحات التي مانفكت ترهن إصلاح اوضاع البلاد بزوال النظام الخليفي الفاسد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى