ما وراء الخبر

غيض من فيض الإنجازات “الإصلاحية” لولي عهد البحرين!

رأي البحرين اليوم – خاص

مع اعتلاء حمد بن عيسى سدة الحكم خلفا لوالده قبل قرابة 20 عام، ظهرت حملة ترويجية تقدم سلمان بن حمد كشاب واعد منفتح مصلح وهو يتقلد منصب ولاية العهد في العام 1999.

منذ ذلك الحين، تسلم سلمان عدة مناصب مهمة، أبرزها رئاسة مجلس التنمية الإقتصادية الذي أوكل إليه والده مهام إدارته إليه في مارس 2002، وهو المجلس المسؤول عن صياغة ومراقبة استراتيجية التنمية الإقتصادية في البحرين.

لكن هذا المجلس حوله سلمان الخليفة إلى اداة لتنمية ثروته الشخصية التي تقدر بالمليارات. مصدر هذه الثروة هي جزر وسواحل البحرين! فقد استولى ولي العهد سلمان وخلال مدة وجيزة على عدد من أبرز جزر البحرين ومنها جزر أمواج التي تقدر قيمتها بمالايقل عن 5 مليار دينار، وكذلك جزر درة البحرين، جزر ديار المحرق، جزر مارينا وست، وجزر نورانا ومرسي السيف حيث تقدر القيمة الإجمالية للجز والمرسى بما لايقل عن 15 مليار دينار أي مايعادل نحو 30 مليار دولار اميركي.

يبلغ الشريط الساحلي لجميع جزر البحرين حوالي 161 كيلومتر، استولت عائلة آل خليفة على معظمها وكان لسلمان حصة الأسد، إذ استولى عليها وطمرها وحولها إلى مجمعات سياحية وسكنية باهضة الثمن دون أن يستفيد أهلها من القرى والضواحي الفقيرة، حتى أصبحت بعض القرى المعروفة بالصيد قديما مثل باربار والمالكية ودمستان التي تبعد أكثر من كيلومتر بقليل عن أقرب شاطئ (أصبحت) تقريبا بلا منافذ بحرية بسبب تملك سلمان للأغلبية الساحقة من الأراضي المطلة على البحر. هذه اللمحة سريعة تفسر تلقيب البحرانيين لولي العهد بسلمان بحر!

لم تشبع هذه الجزر والسواحل جشع سلمان بحر، فأضاف لها مشروعي الرفاع فيوز وحلبة البحرين الدولية لسباقات السيارات، وهي الحلبة التي يقيم فيها سباقات الجائزة الكبرى للسيارات. وبذلك نمت ثروات سلمان ولكن على حساب البحرين!
ومنذ تسلمه المهام الاقتصادية، تصاعدت ديون البحرين بشكل غير مسبوق حتى وصلت اليوم إلى قرابة 40 مليار دولار أميركي، وتفشت البطالة في البلاد، وتزايدت الضرائب المفروضة على المواطنين، وتناقص احتياطي العملة الصعبة بشكل غير مسبوق في تاريخ البحرين. والنتيجة الطبيعية لذلك الجشع هو فشل سلمان فشلا ذريعا في إدارة الملف الاقتصادي للبلاد، بسبب نهمه في نهب ثروات البحرين وتقاسمها مع عائلته.

ولأن الفتى سر أبيه، فقد أبى الأخير الاستغناء عن خدمات ولي عهده الفاشل والفاسد سلمان، فأسند إلية مهمة تعنى بأرواح الناس وسلامتهم وهي إدارة ملف أزمة فيروس كورونا!

فقد أعلن رئيس المجلس الأعلى للصحة الذي يشرف عليه سلمان بأن “ لديه استراتيجية وطنية شاملة لاحتواء ومنع انتشار الفيروس“، مؤكدا بأن تلك الإستراتيجية أقرت بقيادة وإشراف مباشر من ولي العهد سلمان بحر، وأن السلطات ”اتخذت كافة الإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية“.

سرعان ما تبين بأن تلك الإجراءات غير جدية وليست حقيقية، واتضح مع الوقت بأن عين ولي العهد سلمان بحر كانت على ضمان استضافة سباق الجائزة الكبرى للسيارات فورمولا 1 في شهر مارس الماضي. ولذلك أخفت السلطات كثير من المعلومات المرتبطة بالمرض، واجتهدت في تقيم الصورة المثالية التي توحي بالتميز والسيطرة العالية على الوباء.

وبدلا من مواجهة الوباء، اشتغلت الأقلام المسمومة بعلم سلمان بحر في تحريض طائفي مقيت، وتلاه وزير الداخلية بالتأكيد على مضمون ما نشرته الصحف ليعطي بذلك دلالة واضحة بأن طأفنة الفايروس كانت فرصة خليفية للإمعان في الإضطهاد الطائفي رغم علم الجميع بأن الصين كانت مصدر الفايروس ومنها انتقل إلى كافة المعمورة. مع هذا تركزت جهود الحملة الطائفية المسعورة على المواطنين الشيعة وخصوصا القادمين من إيران، وتم عزلهم في مخيمات بجزيرة سترة كانت أشبه ما يكون بمخيمات للاجئين، في وقت خُصصت المنتجعات السياحية وفنادق الخمس نجوم للمواطنين الخليجيين.
ولأن الحقيقة تأبى إلا أن تظهر ولو بعد حين، فقد تبين لاحقا أن الكثير من الإصابات في البحرين تسبب بها قادمون من مصر والسعودية وإيطاليا وجنوب شرق آسيا، لكن السلطات تكتمت عليها إمعانا منها في استهلاك ورقة الفيروس طائفيا. كان أحد أهم أهداف هذا الاستخدام، هو تهرب السلطات من النهوض بمسؤولياتها حيال مئات البحرانيين العالقين في إيران، الذين ماطلت السلطات الخليفية كثيرا في إجلائهم، إلى أن توفي سبعة منهم، وتصاعدت معها الانتقادات الدولية للسلطات الخليفية.

وكلما مرت الأيام تجلت الحقائق أكثر وتبين أن الخطة المثالية التي روجها ولي العهد سلمان بحر ليست بأفضل من خططه الإقتصادية الفاشلة التي أرجعت البحرين 50 عاما إلى الوراء. فمع انتشار الفايروس بين العمالة الوافدة، وبلحاظ طبيعة مساكنهم المكتظة وبيئتها الغير آمنة، تعقدت الأزمة وتعمقت المشكلة وزادت المخاطر، خاصة وأن العمال الوافدين يشكلون ثلث عدد سكان البحرين، وهو السبب الذي دفع السلطات إلى أن تستعين بالمدارس لتحولها إلى مراكز حجر صحي.

ظل سلمان يقدم الدروس والإرشادات للمواطنين، ويستخدمها كذريعة للإمعان في الإضطهاد الطائفي بمنعه للشعائر الدينية، واستهداف الخطباء والرواديد بحجة منع التجمعات بهدف مكافحة الفايروس الفتاك، في ذات الوقت يجول أخوه ناصر مجتمعا بالهندوس دون أي مراعاة للتباعد الجسدي والإجراءات الوقائية، وتقام حفلات الطرب، وتفتح المجمعات أبوابها على مصراعيها برعاية ومباركة رسمية.

هكذا سجل سلمان ثاني أكبر فشل في تاريخه! بعد فشله في إدارة الملف الإقتصادي الذي هدر فيه أيضا المنح الخليجية التي تعهدت السعودية والإمارات والكويت بمنحها للبحرين عقب ثورة 14 فبراير. لكنه وبرغم كل ذلك استمر بإعطاء البحرانيين وعود معسولة بان“ الخير ياي“.

مثل هذا الفاشل الفاسد الذي تسوقه العائلة الخليفية كشخصية معتدلة، لم يعتدل حتى في فشله وفساده، وهو بضاعة خبيثة لم تخرج إلا نكدا، ولن تجد لها مشتري بين أبناء البحرين الذين ما عادت تنطلي عليهم لعبة الأدوار الغبية، فرموز الحكم معروفون بظلمهم وطغيانهم وفشلهم وفسادهم وإن تغيرت الأساليب، وربما تكون قضية خيانتهم للقضية الفلسطينية التي يعد سلمان الخليفة احد أبرز رموزها دليل دامغ على عقيدتهم السياسية الفاسدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى