ساهر عريبيمقالات

ليلة سقوط ترامب الأول!

البحرين اليوم – مقالات

بقلم: ساهر عريبي

وضعت حرب الانتخابات الرئاسية الأميركية أوزارها مساء السبت مع إعلان وسائل إعلام أميركية فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن بالسباق الرئاسي، بعد أن ضمن 290 صوتا في المجمع الانتخابي عقب إعلان فوزه في ولايتي نيفادا وبنسلفانيا.

ومع انكشاف غبرة هذه المعركة التاريخية التي لم تشهد الولايات المتحدة نظيرا لها من قبل، فإن أحلام عائلة ترامب بالجلوس في المكتب البيضاوي ذهبت أدراج الرياح، إذ لم يسقط في هذه الليلة الرئيس ترامب فحسب بل سقط ترامب الأول الذي أريد له أن يكون رئيس أول سلالة تحمل اسمه في البيت الأبيض!

وأما ثاني رئيس مفترض لهذه السلالة فهي ابنته المدللة ومستشارته إيفانكا! فقد كشف كتاب “النار والغضب” لمؤلفه الأميركي مايكل وولف صفقة أبرمت بين إيفانكا ترامب، وزوجها جاريد كوشنر، تقضي بأن تصبح ابنة ترامب أول امرأة تتولى منصب الرئاسة، فيما ستكشف السنوات الاثنا عشر المقبل لو فاز ترامب في انتخابات هذا العام، عن هوية الخليفة المحتمل لإيفانكا من عائلة ترامب.

لكن المرشح الديمقراطي أطاح بسلالة ترامب عاجلا مستعينا بأسلحة ماضية أولها فيروس كورونا وثانيها الأقليات الأميركية وهي الأسلحة التي قدمها ترامب لمنافسه الديمقراطي على طبق من فضة! فالرئيس الأميركي الذي كثرت زلاته وعثراته سواء على وسيلة التواصل الاجتماعي التي يدمن عليها وهي تويتر، أو على صعيد إجراءاته لمواجهة الهجرة أو التعاطي مع فيروس كورونا أو مع العنصرية المتفشية في بلاد العم سام، قضت عليه هذه اللكمات التي وجهها له بايدن بالنقاط وليس بالضربة القاضية، أملا في العودة إلى حلبة الصراع بعد أربع سنوات!

كشفت هذه الانتخابات عن انقسام حاد في المجتمع الأميركي الذي عزز فيه ترامب التيار الشعبوي الذي يعتقد بأفضلية العنصر الأبيض، ما أثار قلق الأقليات سواء أصحاب البشرة السمراء أو المنحدرين من أصول أخرى، التي رأت أن هذه المعركة هي معركة وجود! فبقاء ترامب في البيت الأبيض لأربع سنوات أخر، يعني مزيدا من السحق للأقليات، والتسيد للعنصر البيض الذي يجيد خنق أنفاس السود تحت قدميه! فكيف إذا استمرت سلالة ترامب في الحكم؟!

فالشعبية التي حظي بها ترامب حين صوت له قرابة السبعين مليون ناخب، تعكس تغيرا مخيفا في مزاج نصف الناخبين الأميركيين الذين يميلون لرئيس شعبوي يصفه خصومه بعديم الأخلاق والضمير فضلا عن بذاءة لسانه، وهو ما يعد تحولا في مسارات الناخبين عُدّت ملهمة لتيارات مشابهة في بريطانيا والبرازيل وهنغاريا بل وحتى السويد التي تتسع فيها القاعدة الشعبية لحزب الديمقراطيين السويديين المعروف بتوجهاته العنصرية.

لم تسقط سلالة ترامب مع خسارة الانتخابات فحسب، ولكن سقطت معها حسابات العديد من الدول والتيارات في مختلف أنحاء العالم والتي كانت تمني النفس، بأن تبقى الظاهرة الدرامية عونا وسندا لها ومثالا يحتذى لبعضها الآخر، وفي مقدمة هؤلاء الرئيس البرازيلي بولسونارو الذي يعتبر ترامب مثالا يحتذى به. ولكن الخاسر الأكبر بهذا الفوز هم من وضعوا بيضهم كله في سلة ترامب!

وفي مقدمة هؤلاء دول كالسعودية والإمارات والبحرين التي فقدت بخسارة ترامب حليفا وداعما وفي ذات الوقت حالبا لثروات هذه الدول .فولي العهد السعودي وقع عقودا تجارية واستثمارية مع إدارة ترامب قدرت بأكثر من 450 مليار دولار، كما انه قدم له شيكا على بياض لقيادة مسيرة التطبيع مع إسرائيل والتي انطلقت من الإمارات فالبحرين ثم السودان وكان يفترض أن يكون الحبل على الجرار.

واما المقابل فهي الحماية والتغطية على انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة في السعودية والإمارات والبحرين سواء داخل هذه البلدان التي تقمع الصوات المعارضة أو خارجها، وهي التي تشترك في التحالف العسكري بقيادة السعودية الذي يشن حربا على اليمن منذ اكثر من خمس سنوات. حرب تسببت بأكبر كارثة إنسانية في العصر الحديث بحسب هيئة الأمم المتحدة.

واما المطلب الآخر الذي نفذه ترامب لهذه الدول الثلاث فهو الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران وفرض عقوبات اقتصادية على طهران غير مسبوقة من قبل بهدف إضعافها. وفيما يتعلق بالحصار المفروض على قطر فقد اتخذ ترامب موقف المتفرج ولم يبادر للضغط على حلفائه السعوديين لإنهاء هذا الحصار بالرغم من العلاقة الوثيقة التي تجمع دولة قطر بالولايات المتحدة.

تبدو خسارة هؤلاء الحلفاء الثلاثة جسيمة! خاصة وأنهم معروفون بعدائهم للديمقراطيين وخاصة إدارة أوباما السابقة التي يمثل الرئيس المنتخب جو بايدن أحد اهم أعمدتها. بايدن أكد على انه سيعود للاتفاق النووي وسيحاسب السعودية على انتهاكاتها لحقوق الإنسان وخاصة مقتل الصحفي جمال خاشقجي، ومن المتوقع كذلك أن تشارف الأزمة القطرية على الانتهاء خلال النصف الأول من العام المقبل، بعد إن يرتب الرئيس المقبل أولوياته داخليا ومن ثم خارجيا.

وئدت أحلام عائلة ترامب في مهدها، ولربما ستتحول إلى كوابيس خلال الأشهر المقبلة فيما لو فتحت ملفات قضائية، ومنها ملفات التهرب الضريبي للرئيس واستخدام موقعه الرئاسي لتحقيق أرباح شخصية عبر شركاته المتعددة، فضلا عن علاقاته بروسيا التي يعتبرها الرئيس الجديد وثيقة إلى الحد الذي وصف فيه بايدن الرئيس ترامب بـ “جرو بوتين“!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى