ما وراء الخبر

الترويج لسلمان تبريرٌ للتطبيع

رأي البحرين اليوم – خاص

منذ توقيع السلطات الخليفية على اتفاق التطبيع مع الكيان الصهيوني في واشنطن منتصف سبتمبر الماضي، لوحظ ظهور جوقة من المطبلين للتطبيع داخل البحرين وخارجها. هناك من يسير داخل البحرين خلف ”ولاة الأمر“ وإن ساقوه إلى جهنم بالسياط! فهو لايرى سوى الحكمة تقطر من قراراتهم حتى ولو كانت إقامة علاقات مع كيان شرّد شعبا بعد ان أمعن فيه قتلا وتعذيبا.

أقلام مأجورة انبرت للدفاع عن قرار التطبيع الذي اتخذه حاكم البلاد حمد الخليفة وتحمس إليه ولي عهده سلمان قبل أن يعين رسميا رئيسا للوزراء بأيام قليلة عقب موت عمه خليفة. وحيث كان سلمان عمليا يباشر شؤون مجلس الوزراء في ظل غياب المقبور خليفة منذ فترة طويلة في رحلة علاجية، فكان التطبيع بأمر من حمد ومباشرة وتنفيذ من سلمان.

اجتمعت الصهيونية في حمد وسلمان حتى النخاع، لهما تاريخ طويل من العلاقات مع المسؤولين الصهاينة يمتد لأكثر من عقدين! سمحا بفتح سفارة إسرائيلية في البحرين تمارس مهامها منذ أكثر من عشر سنوات تحت يافطة شركة تجارية كما كشف عن ذلك مسؤول إسرائيلي كبير مؤخرا قائلا ”ليس علينا سوى ان نغير اللافتة ليتحول المكتب إلى سفارة“.

سارع سلمان من وتيرة التطبيع بشكل لا يصدق! فبمجرد تسلمه لرئاسة الوزراء رسميا أرسل أول وفد من البحرين إلى تل أبيب برئاسة وزير الخارجية عبداللطيف الزياني، الذي وقع اتفاقا لفتح سفارة ومنح تأشيرات وتعاون أمني. ثم وجه سلمان دعوة لنتنياهو لزيارة البحرين، وقد قبلها الأخير بكل سرور! تولى سلمان منصبه الجديد وهو متحمس لتوثيق العلاقات مع كيان الإحتلال وكأنه لا هم له سوى هم إرضاء أسياده الصهاينة.

لم يبدي سلمان اهتماما جديا بالأوضاع الداخلية في البحرين، حيث الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، وانتهاكات حقوق الإنسان، واكتظاظ السجون بمعتقلي الرأي وغيرها، فجل اهتمام سلمان هو تقديم فروض الطاعة والولاء لأسياده الصهاينة، وإشباع رغباته الشخصية والإستمتاع بهواياته ومنها هواية سباق السيارات المقرر انعقاده بعد يومين.

برغم هذه البداية الكارثية وبالرغم من هذا السقوط في وحل الخيانة، فقد انبرى البعض عن قصد او دون قصد إلى تقديم الخدمات لسلمان عبر التغطية على عار التطبيع، ليس بتبريره ولكن بالسكوت عنه، بل كيل المديح والإطراء لسلمان بدل الحديث عن خيانته وصهيونيته.

ولكنها صمت آذانها وأغمضت أعينها وطفقت تتحدث عن الأمل الموعود! عن سلمان الخير والجود! الذي تعقد آمال الشعب عليه لإخراج البلاد من محنتها المستدامة! فهل يرتجى من صهيوني خيرا؟ وهل يرتجى من فاسد صادر سواحل البحار ونهب ثروات البحرين ان يكون عادلا؟ وهل يرتجى من جلاد لم ترجف شعرة في رأسه لهول الجرائم التي ارتكبتها عائلته بحق هذا الشعب، فهل يرجى منه ان ينصف الضحايا والمظلومين؟

وبدلا من الحديث عن التطبيع شغلوا الرأي العام بمواضيع هامشية في ساحة الصراع من قبيل فصل رئاسة الوزراء عن ولاية العهد، وتعليق آمال بالإصلاح في ظل غياب خليفة، والحديث عما وصف ب”الإعتدال” في سياسة سلمان، وغيره نقاش عقيم لا يصب في نهاية المطاف إلا في مصلحة سلمان والكيان الصهيوني المشغولون باختطاف البلد وتدمير حاضرها وتخريب ثقافتها. حق لنتنياهو أن يشعر بالسعادة، وأن ينام سلمان في طمأنينة، فقد تكفل البعض بتغطية سؤاتهما، ولم يعد يسمع ضجيج في البحرين على هذه التطورات الخطيرة التي تسارعت منذ تولي سلمان لرئاسة الوزراء!
حتى تمادى سلمان اكثر فوجه دعوة لنتنياهو لزيارة المنامة ولربما سيحل ضيفا على سباقات فورمولا 1 خلال الأيام المقبلة.

يمكن أن نطلق على هذه الظاهرة، ظاهرة التطبيع الخفي، أو التطبيع في الخفاء، حيث يقوم هؤلاء بتوجيه أنظار الرأي العام عما يجري في البلد من كوارث ستهدد مستقبل البحرين،ويدسون رؤوسهم في الرمال عن مخاطر التواجد الإسرائيلي، ويشتغلون ببيع الوهم للمواطنين، وربما ينساق خلفهم بعض المتعبين أو بعض اللاهثين خلف فتات يرميه سلمان الصهيوني لهم. إن دور هؤلاء بالغ الخطورة، فهم يرسخون اللاوعي ويضللون الجماهير سواء عن قصد أو دون قصد!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى