ما وراء الخبر

تصدع البيت الخليفي.. مزيد من القبضة الأمنية

 

البحرين اليوم-متابعات

لم يعد الصراع المحتدم داخل البيت الخليفي خافيا على أحد في البحرين أو خارجها.

المسألة خرجت من دائرة التكهنات وباتت حقيقة وواقع يراقبه الجميع، بترقب وحذر وأمل وخشية.

المعارضة البحرانية التي تبدو منشغلة بتفاصيل هذا الصراع، والنقاش المكثف والمتواصل في مألاته وحدوده، لا يبدو أنها تعول عليه في إحداث تأثير ولو من جهة الحد من الإنتهاكات ضد المواطنين، فضلا عن التغيير السياسي، لسببين رئيسيين. أولهما أن الخليفيين متفقون على سحق المعارضة وضرب أي صوت سياسي مناوئ لهم، وهي إحدى الثوابت الخليفية التي لا شأن لها بالصراع الحالي.

والمسألة الثانية هو أن حلفاء البحرين وفي مقدمتهم السعودية ستقف صدا منيعا ضد أي من أجواء لتخفيف القيود على المعارضين البحرانيين، بل إن القبضة الأمنية قد تزداد ضراوة كلما زاد التصدع في البيت الخليفي، وذلك لتشتيت الإنتباه.

المؤشرات تنحو إلى أن القبضة الأمنية هذه المرة لن تقتصر على المعارضة، بل إنها قد تتتركز على طبقة الموالاة المحتمية والمؤيدة لخليفة بن سلمان. والخليفيون يدركون بأن المعارضة البحرانية ليست طرفا في صراع بيتهم الداخلي، وهي لا تميل إلى أي معسكر بينهما، لكن الأمر يختلف كثيرا عند الطبقة الموالية التي تنظر في غالبها إلى خليفة بن سلمان كرمز وقائد تاريخي.

مقدمات تلك الحملة بدأت فعليا في إرسال رسائل التهديد المبطن لأنصار خليفة، واستهدافه شخصيا بسحب مساحة كبيرة من حضوره الإعلامي، فضلا عن دوره السياسي، بل وحتى الإجتماعي. وباتت حدة القبضة الأمنية مرهونة بتطورات الصراع في البيت الخليفي.

صحيح أن الحاكم الخليفي قلص إلى حد كبير صلاحيات عمه تمهيدا للإطاحة به، أو على الأقل لسحب رئاسة الوزراء عن أولاده وأحفاده، لكنه لم يتمكن من القضاء عليه بالكامل.
يحظى خليفة بن سلمان على تأييد من الطبقة الشعبية الموالية أكثر من الحاكم الخليفي دون مقارنة. كما أن خبرته في شؤون الحكم الممتدة لقرابة الخمسين عاما، جعلت تغلغله في مفاصل الدولة عميقا جدا، ناهيك أنه ولتقدمه في السن يُنظر إليه على أنه كبير العائلة الحاكمة، وهو ما يجعله ايضا محل احترام عند جيله من الحكام كـ “الملك” السعودي والأمير الكويتي.

مألات الصراع مفتوحة، ورأب الصدع بعيد المنال حتى وإن حرص الخليفيون على إظهار أنفسهم كقوة متماسكة.

إن الشرخ الذي أحدثه الخلاف ليس بالأمر الذي يسهل احتوائه، هو كقضية حصار قطر، بل هو واحد من إفرازاتها، فالصراع صعد إلى السطح بعد أن أجرى خليفة بن سلمان مكالمة هاتفية لأمير قطر يهنأه بحلول شهر رمضان المبارك.

وبالعودة إلى القبضة الأمنية المحتملة على أنصار خليفة بن سلمان، فإنها الأخرى صورة من صور ارتدادات الحصار السعودي الإماراتي الخليفي على قطر. ويتشكل غالبية أنصار خليفة بن سلمان من طبقة التيار الإسلامي السني، المحسوب على توجه الإخوان المسلمين. ويتضح قرب رئيس الوزراء من هذا التيار، وعدم تأييده لحصار قطر، وذلك بالإمتناع عن إطلاق التصريحات المعادية لقطر، بل بالتواصل مع أميرها.

استهداف أنصار خليفة سيزيد التصدع شرخا، ويحدث انقسامات اجتماعية خطيرة. فيمكن أن تشهد بعض العوائل والبيوت مشاكل ونزاعات أسرية، سببها الرئيس وجود أنصار متضادين بين خليفة وحمد.

ولعل أكبر درسين يستلخصهما المراقب لمسار الأحداث، هو أن آل خليفة ليسوا أصدقاء للشعب، وليسوا متحيزين إلى مذهب أو جماعة، والحقيقة الساطعة أنهم يستخدمون الدين تارة والقبيلة أخرى والطائفية أحيانا كثيرة لهدف واحد هو الحفاظ على كرسي الحكم ولا شي غيره، ومن يكون على استعداد للتضحية بعمه، فهو لا يتوانى عن التضحية بأنصاره ومواليه. الأمر الآخر أن سنة الإنتقام الإلهي نافذة على جميع المجرمين، سواء الصغار أو الكبار منهم، فمن تورط في السابق بجرائم التعذيب او القتل أو التحريض لإرضاء خليفة أو حمد تدور عليه الدوائر الآن. وتلك سنة نافذة في آل خليفة وليس زبانيتهم فقط.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى