تقارير

العلاقة القرابية للطغاة: مخاوف حمد عيسى من شعبه

 

البحرين اليوم – (خاص)

في الأسطورة الكردية كان “زوهاك” الذي خلف الملك جمشيد؛ مصابا بمرض نادر عجز أمهر أطباء عصره عن علاجه، إذ كانت لديه زائدة في كتفه على شكل رأس أفعى، ولما عجز الأطباء عن علاجه نصحه أبليس بأن يضع مخ شاب على النتوء الزائد لكي يزيله، ومن هنا بدأ “زوهاك” بقتل شابيين يوميا، وانتزاع مخهما كي يشفى من عقدته الجسدية. وهكذا كان الطاغية “زوهاك” يقتل أبناء الشعب لكي يحصل على راحته.

تمثل هذه الأسطورة جزءا مهما في فهم القرابة العابرة للنسب بين الطغاة على مر التاريخ. فمهما اختلف النسب القرابي للطغاة فهم ينحدرون من طبيعة واحدة تشكل شخصية الطاغية في عموم المجتمعات البشرية.

إثارة الرعب والتذكير الدائم بالقوة والبطش الزائد؛ هي التفسيرات الأولية التي أعطيت لسلسة الأحكام الظالمة التي أصدرتها محاكم النظام البحراني في البحرين في قضية ما يُعرف “قضية البسطة”، حيث قضت المحكمة أحكاماً بالمؤبد لـ ٨ مواطنين والسجن ١٥ عاما لـ٧ آخرين مع إسقاط الجنسية عن ١٤ منهم. وكانت وزارة الداخلية الخليفية قد أعلنت في يناير ٢٠١٦ إحباط ما أسمته “مخططا إرهابيا” تحت مسمى “قروب البسطة”، وادعت بأنه “الجناح المسلّح” لتيار الوفاء الإسلامي، وأنه مدعوم من قبل الحرس الثوري الإيراني وحزب الله في لبنان. كما زعمت أن هذه المجموعة على صلة بعدد من العناصر المتورطة في تنفيذ تفجير سترة في تاريخ يوليو ٢٠١٥م  والذي أسفر عن مقتل اثنين من عناصر القوات الخليفية وإصابة ستة آخرين.

هذه الأحكام القاسية صدرت بحق نشطاء يمارسون حقهم الطبيعي في الحرية والمجاهرة بضرورة تمكين الشعب من حقوقه السياسية والاقتصادية، بدلا من الاحتكار والسيطرة على الثروات ومنابع القوة من قبل عائلة كان مسارها التاريخي مسارا متجذرا في الظلم والفحش في الخصومة.

عقدة نقص الطاغية

في كل قصص الطغاة التاريخية والأسطورية يمكن تلمُّس الجذر المكوِّن لشخصية الطاغية، وهي عقدة النقص المودعة في داخله، والتي يسعى الطاغية لأن يتلافى آثارها لأنها من وجهة نظره ستُضعف حكمه وتكشف عن ضعفه. ولهذا، فهو يحاول وبشتى الطرق أن يملأ الفراغ الداخلي بمظاهر عنيفة وشرسة يتحول من خلالها إلى طاغية لا منازع له.

مسار الطاغية هو مسار التدمير الشامل للمجتمع من أجل بقاء فرد الطاغية، والطاغية لا يقف عند حد، فإذا أنت أسلمت أمرك للطاغية لم يرض منك بالطاعة، بل يصر على أن تكون طاعةً وإذلالاً، والطاغية يكره العظماء من القادة والساسة والعلماء والأدباء، وإذا قبلهم فإنه يريد أن يكونوا أذناباً له، والطاغية يخدع الناس بالوعود الكاذبة، ثم يبدأ بتكوين حرس خاص به، بحجة المحافظة على مطالب الشعب، ثم يبدأ بمحاكمة منْ يعارضه، ويخترع لهم تهما باطلة، ثم ينقلب حكمه في النهاية إلى كارثة.

لهذا السبب؛ يلجأ الطاغية بين فترة وأخرى لإشاعة الرعب والخوف والظهور بمظهر القوي الجبار. الطاغية باعتباره متكبرا وجبارا على شعبه؛ يعيش الوهن والضعف في داخله، وهذا هو ما يُفهم من العبارة المنسوبة إلى الإمام الصادق عندما قال: “ما من رجل تكبّر أو تجبّر، إلا لذلّة وجدها في نفسه”.

إنّ كل منْ يستند إلى الظلم، والتجاوز واستغلال السلطة، والجبروت، والطغيان، والإعتداد.. فلا بد وأنه يشعر في باطنه بالخوف أو الضعف أو القلق.. وبصورة موجزة؛ لا بد وأن يشكو نوعاً من الحقارة. إن الشعور بالحقارة الذي أصاب الألمان بعد اندحار عام ١٩١٨، أدى إلى أن يعيش هؤلاء في حالة من الفانتازيا الروحية والإجتماعية، فقد أخذوا منذ ذلك الحين يؤلفون الكتب، وينظمون الأناشيد (التي أشهرها نشيد ألمانيا فوق الجميع)، أملاً في اليوم الذي يتغلبون فيه على الأمم الأخرى، ويأخذون زمام الحكم في العالم. هذه الحالة النفسية هي التي مثلت مأساة الحرب العالمية الثانية، والتي أدت إلى انكسار الألمان أيضا.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى