ما وراء الخبر

حصان طروادة الخليفيين ( 4 ) اختراق المعارضة بالمعارضة !

البحرين اليوم – متابعات ..

يعود محمد حسن العرادي وجوقته من جديد لتقمص دور الناصح الأمين بهدف الإيقاع بالفاعلين في المعارضة في شراك النظام، ومن زاوية الاستفادة من الفرص التي تحمل بوادر انفتاح نظام آل خليفة ورغبته الجادة في “الإصلاح والمصالحة”!
في الحقيقة هذا الدور ليس بالجديد على العرادي، لكنه فتَرَ وخفت قبل حوالي 5 سنوات وتحديدا بعدما أسقط حمد الخليفة جنسية آية الله الشيخ عيسى قاسم، ومن ثم وفي غضون اقل من عام قتل 8 شهداء خلال بضع شهور في العام 2017، ولم تكن حينها الأجواء مهيئة للاستمرار في حديث الأماني الكاذبة. كما أن تولي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية في ذلك العام غير مزاج العائلة الخليفية وحمسها للقمع واستبعاد خيار احتواء أو اختراق المعارضة.

الآن وقد تغيرت ظروف كثيرة أبرزها رغبة الولايات المتحدة الأمريكية بالإنسحاب من المنطقة، وإبدائها اهتماما بقضايا حقوق الإنسان، وحديثها الصريح عن الانتهاكات في البحرين، فإن آل خليفة وحلفائهم من الأنظمة التي راهنت على ترامب؛ وجدت نفسها “مضطرة” للإحتماء بالصهاينة وفي مأزق يحتم عليها أن تبلع “الموس” لتجنب ما هو أسوأ.
لذلك حرك النظام الخليفي أدواته القديمة في محاولة لاختراق المعارضة وخداعها بنفس الأساليب السابقة، وهي أساليب يساهم في انجاحها بعض المغفلين ويشترك في أدائها بعض المصلحيين ويتناغم معها كثير من الضعفاء الذين ينظرون للنظام الخليفي على أنه نظام قوي “لا يهزم”.

ومنذ بداية العام الحالي اتخذت العائلة الخليفية مجموعة من الخطوات التي روج لها البعض بأنها مؤشرات على تغير في السياسة وبوادر انفراج إيجابية، وربط هؤلاء تلك المؤشرات بتولي سلمان بن حمد رئاسة الوزراء، معتبرين ذلك بداية لعهد جديد مع شخص “منفتح” وإصلاحي وغير متورط في الفساد والإستبداد.

الأمر المختلف أيضا هذه المرة أن مجموعة طروادة الخليفيين ليست هي التي تغرد لوحدها كما كان قبل 5 سنوات، فقد دخلت على الخط شخصيات أخرى محسوبة على جناحي المعارضة والإسلاميين، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر الدكتور الشيخ ميثم السلمان الذي يلعب دورا محوريا في الترويج لهذه الدعايات التي يديرها النظام بما يتوافق مع سياسته ومصالحه في تثبيت الاستبداد.

والسلمان شخصية نشطة تربطه علاقة متينة مع المعارضة، ورجل دين وخطيب يتمتع باحترام في الأوساط الدينية والاجتماعية، وقد استنفاد من وجوده لسنوات في الخارج ومن خلال مقدرته في التحدث باللغة الإنجليزية، استطاع نسج علاقات واسعة مع الجهات الدولية الدبلوماسية والحقوقية والأكاديمة أيضا. وكان السلمان مستقرا في بيروت بين قيادات سياسية بارزة عُد واحدا منهم في فترة من الفترات. وبعد تعرضه لمرض عضال عاد على حين غرة إلى البحرين في العام الماضي، وكان يستكمل علاجه واتصالاته في نفس الوقت مع مختلف الجهات، وأهمها تواصله مع مقربين من ديوان ولي العهد.

عودة السلمان كانت صادمة للكثير وخصوصا قيادات الوفاق في بيروت حيث فاجىء الجميع بقرار العودة دون إخطار وعلامات مسبقة، وعُرف فيما بعد أن عودته كانت بتنسيق أيضا من السفارة الأمريكية في البحرين، بل بمتابعة مباشرة من السفير الأمريكي وضباط رفيعي المستوى في الداخلية. والسلمان ليس هو الشخص الوحيد أو الأبرز، ولكن نشاطه مميز ويلعب هو وآخرين من الشخصيات التي لها ثقل ديني وحقوقي وسياسي ذات الدور في الترويج لإقناع أكبر شريحة ممكنة لإظهار المرونة وتخفيض السقف وتجاوز الرموز المعتقلين بذريعة المصلحة العامة لطي صفحة الماضي. ووفق معلومات مؤكدة قام الشيخ ميثم بالتواصل مع نشطاء بحرانيين في أوربا مبديا استعداده لمساعدتهم في ترتيبات العودة إلى البحرين من خلال تواصله مع الداخلية.

يمكن اعتبار الدور الذي يلعبه الشيخ ميثم أخطر من الأدوار التي يقوم بها أحصنة طروادة الخليفيين من جماعة العرادي، ذلك لأن السلمان وغيره آخرين يحظون بمصداقية أكثر بين الناس وقد جالوا في مختلف دول العالم سابقا يتحدثون عن ظلامة شعب البحرين ويشيدون بصمود الشعب ويحثون الناس على الصبر والصمود.

لقد كتب آية الله الشيخ عيسى قاسم قبل أيام تغريدة توحي بوجود أمر خطير للغاية وهذا نصها “ الحكومةُ التي تُواجه معارضةً -تريدُ أن تتخلَّص من ضغطها الذي ضاقت به، ومن غير ثمنٍ يُجدي الشَّعب- تدخل في مساومات مع أفرادٍ من تلك المعارضة، بناءً على دراسةٍ مُحكمةٍ تؤدِّي إلى انسحاب المعارض بعد المعارض، لتتخلخل صفوف المعارضة وتنهار في الأخير”.
ولعل آية الله قاسم يعني “بالدراسة المحكمة” استغلال النظام لمثل هذه الشخصيات للإيقاع بالمعارضة وتمزيقها على سراب، ليقتنص فرصة الانقضاض في المستقبل عليهم فيفرض شروطه على المعارضة “المنهارة” ويعود الشعب بخفي حنين أسوأ من السابق.

وهنا لا بد من التنويه إلى أن الحديث الصريح الذي تنشره البحرين اليوم، لا يوجه اتهاما للشيخ ميثم السلمان أو غيره بالعمالة للنظام، لكن الدور الذي يلعبه هو وآخرين بلا شك يصب في مصلحة النظام ضد الشعب وأهداف ثورته السامية.
وفي هذا المقال المختصر تنبيه وتحذير ليمارس الجميع دوره الرقابي على أداء عموم النشطاء والمعارضين لمتابعة ما يجري من أحداث متسارعة بعين حاذقة ترصد الأحداث وتقرأ ما بين السطور!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى