محمود مشيمعمقالات

الشهيد جعفر معيوف: «قد أكون الشّاهدَ الوحيد»

Capture
محمود مشيمع/ ناشط بحراني

البحرين اليوم – (خاص)

 خمسُ سنواتٍ انطوَت، ولم يشأ القدرُ أن أُسجّل شهادتي في حادثة استشهاد الشهيد المُقاوم “جعفر معيوف”.

لا أدري هل هو تقصيرٌ منّي أم أن المشيئة الإلهيّة شاءت أن تتأخر هذه الشهادة كل هذه السنوات.

قبل سرد شهادتي، أتقدّم لعائلة الشهيد المقاوم “جعفر معيوف” في ذكرى استشهاد ابنهم البطل بتهنئةٍ خاصّة لنيلِهم شرف لقب “عائلة الشهيد”؛ وذلك لما لِبذل الدّم من أجل القضايا المشروعة من مكانةٍ رفيعةٍ في مختلف المجتمعات والديانات والمعتقدات لا سيّما إسلامنا الأصيل، سائلاً المولى عزّ وجلّ أن يقتصّ من قاتليه في الدنيا قبل الآخرة.

بعد الهجوم الهمجيّ التي أشرَفت عليه قوّات الاحتلال السعوديّ والإماراتيّ المُسمّاة بقوّات “درع الجزيرة” على الاعتصام المركزيّ بميدان الشهداء، تراجعنا تحت تهديد السلاح حتّى وصلنا إلى بلدة الديه حيث تفاجئنا بقوّات مُدجّجة بالسلاح قادمةً من ناحيّة دوّار عبد الكريم، وكانت جميعها مُرتديةً لباس المرتزقة متعدّدة الجنسيّات.

تمّ الهجومُ علينا من قِبلهم بأعدادٍ هائلة، أدّى لسقوط العشرات من الجرحى مضرّجين بدمائهم، إذ اخترقت أجسامهم شظايا الرّصاص الإنشطاريّ “الشوزن” المُحرّم دوليًّا؛ ممّا أجبرنا ذلك للتوجّه الفوريّ نحو الشوارع الفرعيّة للاحتماء من بطش هذه القوّات.

شاءت الأقدار أن أكون مع الشهيد “جعفر معيوف”، حيث كان الجميع متراجِعًا في الشارع الفرعيّ الذي كنّا فيه.

تفاجئنا بشخصَين من القوّات المرتزقة المسلّحة قد خرجوا بشكل مباغت، وكانت المسافة بيننا وبينهما عدّة أمتار، وبمُجرد أن أدرنا ظهرينا سمعتُ صوت طلق ناريّ، ورأيتُ الشهيد يهوي إلى الأرض. احتميتُ بالأشجار، وكانوا يوجّهون الطلقات تلوّ الأخرى نحوي عند محاولتي الخروج لمساعدته.

أخبرتُ الأخوة بالصفوف المتأخّرة عن سقوط أحد الشباب، فتقدّم أحدهم معي بالجهة المقابلة من الشارع، وعند وصوله رفع الشهيد رأسهُ فأخبره الأخ أن يخفضَ رأسهُ لكي تبتعد القوّات، وفور ابتعادها ذهبنا لانتشاله لأقرب منزل وكان فاقدًا للوعي.

لاحظتُ بقعةً حمراء على ثيابه، وحينما فتحتُ ملابسه لأرى الإصابة كان الدّم يتدفق بقوّة، وتمّ نقله بسيارة خاصّة لأقرب مستشفى.

حين تمرُّ هذه الذكرى لا أنسى هذا المشهد، حيث لم يكُن يفصل الشهيد عني شيئًا، بل عندما أدرنا ظهرينا للقوّات احتكّ كتفي بكتفه. لم أعرف الشهيد إلا بعد اسستشهاده عندما سألت عن حالة المصاب، وقيل لي بأنهُ استشهد.

لعلي الوحيد الذي وقف على حيثيات استشهاده حيث لم يكُن سِوانا بموقع الحادثة.

وهنا أختم شهادتي بخالص الاعتذار لعائلة الشهيد إن كان هذا التقصير تسبّب بعدم وجود معلومات كافية لكيفيّة اسستشهاد ابنهم الشهيد “جعفر معيوف”.

اللهُمّ ارحم شهداءَنا الأبرار واجعل لهم قدم صدقٍ عندك..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى