ساهر عريبيمقالات

البغدادي يمنح تركيا والسعودية صكوك الغفران!

ساهر العريبي – إعلامي

يمرّ أبو بكر البغدادي زعيم ما يسمى بالدولة الإسلامية أو“خليفة المسلمين” كما يسميه اتباعه , بأيام عصيبة بعد ان أحكمت القوات العراقية الباسلة حصارها لمدينة الموصل التي كان يتحصّن بها قبل أن يفرّ هاربا نحو مدينة الرقّة السورية وكما كشف عن ذلك وزير الخارجية البريطانية بوريس جونسون.

ظهرت إمارات القلق والهلع واليأس بشكل واضح في خطاب الوداع المطوّل الذي تلاه صوتيا قبل أيام وكان أشبه مايكون بخطاب نعي ل “دولته” اللقيطة التي تعدّد آبائها الإقليميين والدوليين وفي مقدّمتهم تركيا والسعودية. وكان اللافت في الخطاب هو دعوته أتباعه الى تنفيذ هجمات على هاتين الدولتين, فسّرها البعض بانها عقوق من البغدادي لمن رعاه وسهر على تأسيس دولته.

فالدور السعودي في تقديم الدعم العسكري والمالي وفي تزويد تنظيم داعش بالإنتحاريين لم يعد خافيا على أحد, واما الدور التركي فكان حيويا في رعاية التنظيم إذ لولا الدعم اللوجستي الذي قدمته تركيا للتنظيم وفتحها لحدودها امام الإرهابيين القادمين من شتى بقاع الأرض لمات تنظيم داعش إختناقا في سوريا والعراق وقبل ان يشتد عوده.

وواقع الأمر ان خطاب البغدادي لم يكن عقوقا لتركيا والسعودية بل كان خطاب الإبن البار بهما! فالبغدادي وبعد أن شعر بان نهايته ونهاية دولته الخرافية قد اقترب بفضل بسالة القوات العسكرية العراقية من حشد وجيش وشرطة وبيشمركة وعشائر, يحاول اليوم ردّ الجميل لتركيا والسعودية اللتان لم تقصّرا في رعايتهما الأبوية له ومنذ سنوات, وذلك عبر تبييض صفحتهما من تهمة دعم الإرهاب.

تلك الرعاية أدت الى تلطيخ سمعة هاتين الدولتين المتهمتان أكثر من أي وقت مضى في دعم الجماعات الإرهابية, ولذا جاء خطاب البغدادي ليعطي صكّ البراءة لهما من دعم الإرهاب وتحويلهما الى ضحيتين له وليس راعيتين. وقد ظهر جليا الهدف من الخطاب عندما بدأت الماكينة السعودية بالترويج له على انه دليل على إستهداف الإرهاب لها وبأن لا علاقة لها بهذا التنظيم.

لكنها محاولة بائسة لا تنطلي على احد فالبغدادي لايزال يراهن على هاتين الدولتين في إطالة عمره ولو لبضع شهور وعبر بوابة سوريا, التي تضفي عليه فيها القوى الإقليمية والدولية شرعية تحت ذريعة محاربة نظام الرئيس السوري الذي أصبح اسقاطه مطلبا لتلك القوى برغم محاربته للإرهاب! ولو كان البغدادي صادقا في دعوته لأباد آل سعود عن بكرة أبيهم بالخمسة آلاف إنتحاري سعودي من اتباعه الذي تركوا آل سعود يعبثون ببلاد الحرمين الشريفين, وولّوا وجوههم صوب العراق .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى