ساهر عريبيمقالات

العربية الغاضبة تهجر بلاد العرب

ساهر عريبي - إعلامي - لندن
ساهر عريبي – إعلامي – لندن

البحرين اليوم(خاص)

لملمت جراحها قبل أن تحزم حقائبها وتستقل طائرة حملتها مع طفليها الى بلاد الغربة, تاركة خلفها أبا ومعلّما يرزح خلف القضبان, وأٌمّا أرضعتها المقاومة والصمود, وشعبا مضحيا صابرا طالما دافعت عن حقوقه العادلة, ودفعت ثمنا غاليا هي وعائلتها في طريق الدفاع عنه.

عائلة تحكي معاناة شعب توزّع أبنائه بين المقابر والمعتقلات والمنافي. إنها العربية الغاضبة زينب الخواجة إبنة عميد حقوقي البحرين عبدالهادي الخواجة, الذي أصدر عليه النظام الحاكم في البحرين حكما بالسجن المؤبد, لأنه طالب بحقوق شعبه في العدالة والمساواة وتقرير المصير.

زجت بها السلطات الحاكمة في البحرين في السجن مرات عدة, غير انها فشلت في كسر إرادتها, كانت تزداد قوة وصلابة كلما خرجت من المعتقل, منعوها من لقاء والدها فأطلقت تلك الصرخة المدوية المنادية بسقوط طاغية البحرين, خرقت بتلك الصرخة قوانين الغاب الحاكمة في بلاد العرب, فساقوها الى المحاكم التي لا تفوح منها سوى رائحة الظلم الكريهة.

وقفت امام الحاكم الخليفي مستجمعة قواها ومستوحية من اسمها معاني البطولة والشجاعة لتمزق صورة ملك زاًئف لو كان واقفا امامها لقطعته إربا إربا, وهو الذي قتل العشرات وملأ سجون البحرين بآلاف المعتقلين , وحاصر مئات الآلاف من البحرانيين وضيّق عليهم سبل عيشهم, واستورد الأغراب من سقط المتاع ليتمتعوا بخيرات أرض أوال التي حرّمها على اهلها الأصلاء الذين أضحوا أغرابا فيها.

وقفت كاللبوة وهي تطلق تلك الصرخة “أنا حرّة وابنة رجل حرّ وسألد ولدا حرّا خلف قضبان السجن” فكد كيد واسع سعيك وناصب جهدك فوالله لن تمحو ذكرنا. أسقط في يد النظام الذي باع نفسه ورهن سيادة البلاد بيد أسياده في الخارج. جائته الأوامر بإطلاق سراحها, ماطل أكثر من خمسين يوما في تنفيذها لكنه رضخ أخيرا مدّعيا أنه أطلق سراحها لدوافع إنسانية حفظا لماء وجهه.

بانت دوافعه الإنسانية على حقيقتها بعد أيام قلائل, وعندما استقلت الطائرة التي أقلتها بعيدا الى بلاد اسكندنافيا, لتحط الرحال في كنف بلاد تحكمها ملكة تحترم الإنسان وحقه في التعبير عن رأيه فلاتعاقب من يهتف بسقوطها او يمزق صورتها, فحازت على إحترام ومحبة شعبها, واما من صادر حقوق شعبه فصوره تمزّق وتداس تحت الأقدام.

تركت زينب البحرين وبلاد العرب التي ضاقت بهامرغمةً, تركتها حاملة معها ذكرياتها وقضية شعب ستدافع عنه في المحافل الدولية, وعيونها ترنو نحو موطن اجدادها الذي استباحته عائلة غازية, إنتهكت الحرمات وسفكت الدم الحرام وحكمت البلاد بالحديد والنار, ولم تعتبر بمصير من سبقها من الطغاة العرب, الذين تناثروا بين المقابر والسجون عندما تفجّر الغضب العربي في وجوههم كذلك المكنون في نفس العربية الغاضبة.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى