حكايات الضحايا

أم جميل.. أخت شهيد ومعتقل وأم سجين ووالدة 5 أطفال: يرميها النظام في السجن

CAIaQhpUMAALsUL
من المنامة-البحرين اليوم:

حكايات الظلم الخليفي في أرض أوال, لا اول لها ولا آخر، فمذ وطأت أقدامهم أرض هذه الجزيرة الوادعة قبل أكثر من قرنين من الزمان؛ وهم يسومون أهلها شتى صنوف الظلم والعذاب.

نهبوا خيرات البلاد، واستعبدوا أبناءها عبر نظام السخرة سيء الصيت الذي سنّه أجدادهم، إلا أنهم فشلوا في كسر شوكة البحرانيين الذين كانت لهم ثورة في كل عقد ضد طغيانهم وجبروتهم.

استعانوا بجيوش الأغراب لحماية ملكهم المتهرىء، واستجلبوا مرتزقة من مختلف بقاع الأرض لقمع أهل البلد الأصليين، وتصرفوا بعقلية الغزاة الطامعين.. إلا أنهم عجزوا عن احتواء ثورة شعب يتطلع نحو الحرية والعدالة.

زجّوا بآلاف البحرانيين في المعتقلات، ولم يفرّقوا بين صغير أو كبير، أو بين امراة ورجل.. أذاقوهم الويلات في السجون التي أصبحت بفضلها المنامة عاصمة للتعذيب. لم يكتفوا بكل ذلك، بل امتدّت أياديهم الآثمة لتطال عوائل المعتقلين الذين يأتون بين الفينة والآخرى للقاء أحبتهم القابعين خلف القضبان، بعد أن أصدرت محاكم التفتيش الخليفية أحكاما قرقوشية بحقهم.

كانت آخر حلقة في مسلسل قمعهم لعوائل الشهداء والمعتقلين، هي اعتقالهم للبحرانية ليلى عبدالنبي، شقيقة الشهيد أحمد عبدالنبي، الذي التحق بربه بعد أن سلّط عليه الخليفيون نار حقدهم عبر الغازات الخانقة التي يطلقوها على المنازل وفي الطرقات.

توجّهت أم جميل يوم 10 مارس بصحبة أبنائها الأربعة علي ومحمد واشراق وحسين لزيارة عدد من أفراد عائلتها المعتقلين في سجن جو بتهمة المشاركة في تجمعات مناهضة للظلم الخليفي.
وفي طليعة المعتقلين ابنها البكر جميل (18 عاما) والمحكوم بالسجن لمدة 3 أعوام، وأخوها حسين عبدالنبي المحكوم بالسجن لمدة 25 سنة، وابنه علي الذي صدر عليه حكم بالسجن لمدة 7 سنوات. صحبت معها أختها زهراء، وأخاها محمود، وولده محمد.

العائلة تنتظر بفارغ الصبر موعد لقاء أحبتها المغيّبين خلف القضبان، حتى وقع ما لم يكن في الحسبان!

فقد منع مرتزقة آل خليفة أخاها محمود وولده من زيارة المعتقلين، وهجموا على محمود وولده, فما كان من أم جميل – وهي الحامل في شهرها السادس – إلا أن تستشيط غضبا على مرتزقة آل خليفة صارخة في وجوهم ولسان حالها ” ويحكم من أي طينة خلقتكم ومن أي مدرسة تخرجتم، إذ لم تتعلموا سوى القساوة وفقدان الضمير”.

اعتقلوها لأنها طالبت بحقها في زيارة أخيها وابنها، وأودعوها السجن مع أختها زهراء وأخيها محمود. وتركوا أطفالها الصغار بلا أم وأب.. فالوالد الذي ضاقت به سبل العيش في وطنه؛ توجّه نحو إحدى الدول الخليجية للعمل، بعد أن احتل الأغراب أرضه واستأثروا بخيراتها.

أخوها محمود الذي يعاني من مرض الصرع؛ أصابته نوبة في المعتقل، فأطلقت السلطات سراحه في اليوم التالي مع أخته زهراء. وأما أم جميل فأبقوها في المعتقل، ومدّدوا يوم أمس، الخميس 19 مارس، احتجازها لمدة 10 أيام اخرى.

تلك الواقعة وهذا الإستهتار الخليفي؛ أطلق شرارة الثورة في سجن جو ذلك اليوم، حيث انتفض الأحرار احتجاجا على الممارسات الخليفية اللا انسانية والمخالفة لكل القوانين والأعراف المحلية والدولية.

هذا النظام لايقيم وزنا للتقاليد العربية الأصيلة التي تحترم المراة وتحفظ لها مكانتها المرموقة، وهو لا يمتلك ذرة من الإنسانية في تعامله مع الأطفال الذين يزج بالرضّع منهم في السجن. وهو لايراعي حقوق السجناء التي كفلها القانون.

النظام أرسل مرتزقته المدججين بالسلاح ليطلقوا نيران أسلحتهم على المعتقلين، من غازات خانقة ومن سلاح شوزن، ومنذ ذلك اليوم انقطعت أخبار المعتقلين، ولم يسمح لهم بالإتصال، ولا لأهلهم بزيارتهم.
مأساة أم جميل نموذج حي لعمق الظلم الخليفي وامتهان كرامة الإنسان، فهذه المرأة الصبورة والشجاعة قدّمت أخاها شهيدا، وزج النظام بأخيها الآخر وابنه مع ابنها في المعتقل، وأخيرا أودِعت المعتقل، بالرغم من كونها حامل وأما لأربعة أطفال تتحمل مسؤولية تربيتهم.

ظلم ما بعده ظلم، وطغيان فاق كل الحدود، إلا إن في ذلك بشارة بقدوم النصر وزوال هذا النظام الباغي.. فالملك – وكما قيل – يدوم مع الكفر ولا يدوم مع الظلم!

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى