صفاء الخواجةمقالات

حكاية قاسم علي اسماعيل: "الشوزن".. اصطياد البشر بسلاح الطيور!

صفاء الخواجة ناشطة بحرانية في مجال حقوق الإنسان
صفاء الخواجة
ناشطة بحرانية في مجال حقوق الإنسان

البحرين اليوم – (خاص)

 

استقرت الكرات الحديدية الصغيرة في رأسه، وبات استئصالها تحديا حقيقيا ربما يفضي إلى ما لا يُحمد عقباه!

معاناة المعتقل محمد سهوان مع الشوزن المستقر في رأسه، كانت واحدة من تلك القصص المؤلمة. كيف تتعايش مع مواد صلبة تستقر في رأسك؟

منذ فبراير  2011، تسبب سلاح الشوزن، الذي يستخدم  أصلا  في صيد الطيور، في سقوط العديد من الشهداء ومئات الجرحى والمصابين.

عشرات القصص عن إصابات خطيرة تسبب فيها سلاح الشوزن، وفي مواضع مختلفة من أجساد ضحاياه، مثل  فقدان العينين أو إحداهما، تشوهات في الجسد، والأكيد إنها تشوهات دائمة، وقد لا يزول تأثيرها!

مركز البحرين لحقوق الانسان، رصد إصابة للمعتقل قاسم علي اسماعيل، 22 عاما، “برصاص الشوزن/ الرصاص الإنشطاري”، بما يفتح باب لمسائلة المتساهلين في الاستمرار في استخدامه، ويُعيد أسئلة متكررة عن مشروعية وقانونية هذا السلاح المحرم دولياً.

هنا نسرد لكم بعض التفاصيل:

في 18 سبمتبر 2015، وتحديدا عند الساعة 11 مساءاً كانت هناك احتجاجات  في قرية كرباباد، تم قمعها بالغازات السامة، لكن الأمور لم تنته عند هذا الحد.

بعد مرور قرابة نصف ساعة دخلت إلى القرية حافلةٌ مدنية، وخرج منها مجموعة أشخاص بملابس مدنية. قاموا بملاحقة مجموعة من الشباب كانت تجلس أمام مسجد، وكان من بينهم قاسم.

منتسبو وزارة الداخلية، لم يفوّتوا الفرصة من دون استخدام رصاص الشوزن (الرصاص الانشطاري)، وهكذا أصيب قاسم بطلقتين رشيتين من الخلف أثناء ملاحقته. أصيب في الجانب الأيمن من الظهر، فسقط قاسم بعدها مغشيا عليه، وهو ينزف الدم من أنفه وفمه.

طلب له الإسعاف من قبل (مدنيين)، نُقل على إثره إلى المستشفى العسكري، ثم إلى غرفة الإنعاش مباشرة!

صُعِق الأهل – وهم يفتشون عن معلومة تطمئنهم على وضع ابنهم -بأنه أُدْخِل إلى غرفة العمليات بشكل عاجل.

عند قرابة الساعة الرابعة فجراً تم السماح لوالدته أن تلقي على ولدها نظرةً من خلف الزجاج، بينما كان يتنفس بواسطة الأجهزة الطبية.

هكذا تُكتب القصصُ بمداد سلاح الشوزن، ولا تُكتب للأمهات أكثر من نظرة بعيدة، ومن خلف زجاج!

في باقي التفاصيل، ذهب الأهل، في تاريخ 19 سبتمبر 2015 إلى مركز شرطة المعارض لطلب الحصول على زياره، ثم بتاريخ  21 سبتمبر 2015 توجهوا إلى مستشفى العسكري، ولكن المعاملة كانت قاسية جدا. تم طرد والدته من قبل الشرطة، وتهديدها بالشرطة النسائية والاعتقال.. في حال لم تنصرف!

مع إصرار الأم على الإطمئنان على وضع ولدها، تحصلت على معلومات أن قاسم أصيب بهبوط في الرئة، ما أدى إلى تحرّكها من مكانها الطبيعي، كما أصيب بنزيف داخلي، وتم إخضاعه لعملية جراحية قيصريه في الرئة.

في تاريخ 22 سبمتبر 2015 اتصل قاسم عصرا وأخبر ذويه بحضور وكيل النيابة برفقة المحامي علي يحيى، وتم التحقيق معه وهو على السرير، وتم توجيه له “تهمة التجمهر و الاعتداء على دورية أمنية وحيازة مولوتوف”، وتوقيفه لمدة 7 أيام!

في لحظة من الزمن، تتحول حياة شاب جالس أمام مسجد إلى دائرة من “المشاوير” التي لا تنتهي، بينما يجاهد في تحمل تبعات طلقات الشوزن!

في ذات اليوم تم نقله إلى مستشفى القلعة لعمل فحوصات، ومن ثم تم نقله إلى سجن حوض الجاف.

مكث قاسم في عيادة سجن الحوض الجاف قرابة 3 ساعات، لكن العيادة رفضت استلامه بسبب تدهور حالته الصحية، لتتم إعادته إلى مستشفى القلعة لتنقطع أخباره لمدة أسبوع تقريبا!

في يوم الاثنين 28 سبتمبر 2015 اتصل قاسم بأهله عند الساعة الرابعة عصرا، وطلب منهم احضار بعض الملابس، مؤكدا أنه سيتم إزالة “الخياط” عن الجروح التي تكبدها جسده في اليوم التالي، 29 سبتمبر2015، على أن يُنقل إلى سجن حوض الجاف.

 

هذه بعض ملامح الآثار التي يخلفها سلاح الشوزن، يفقد المتظاهرين السلميين حقّ الحياة، بينما تسجل منظمات دولية بأن حق الحياة للمواطنين البحرانيين بات مهدداً!

منظمة العفو الدولية أشارت إلى قيام الحكومة في البحرين بتفريق المشاركين في الاحتجاجات في دوار اللؤلؤة، مستخدمة (القوة المفرطة)، أكدت أن إصابة بعضهم ناجمةً عن قيام الشرطة وقوات الأمن المتعددة باستخدام الذخيرة الحية وإطلاق الأعيرة النارية.

دوليا، يُمنع استخدام القوة المفرطة، ويقصد بها  “القوة غير الضرورية التي لا تتناسب مع الهدف الشرعي الذي يراد تحقيقه أو مع الخطر المماثل”. ولكن السلطات تخالف ذلك باستخدامها سلاح الشوزن الفتاك و المشوه للمصابين.

 

المادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ينص على “الحق في الحياة، حق ملازم ليكون إنسان وعلى القانون أن يحمي هذا الحق، ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفاً”.

مركز البحرين لحقوق الإنسان، أشار إلى أن المواطنين الذين يصابون بطلقات رشاشات الشوزن يتخوفون من الذهاب إلى المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية والخاصة، خشية عمليات الاعتقال والملاحقات الأمنية من قبل أفراد الأمن، مما يشكل خطرا على حياتهم أو وضعهم الصحي.

 

الحالة المتردية التي يعيشها شباب البحرين، كونهم ضحايا بارزة من العنف الرسمي، ومنهم من قُتِل برصاص الشوزن، وبطلقات الغازات المسيلة للدموع عبر التصويب المباشر على أجسادهم، ومنهم من تعرّض لتعذيب وإصابات مختلفة نتيجة عشوائية استخدام القوة من قبل السلطات.

الأسئلة ذاتها، تتكرر منذ أكثر من أربعة أعوام: لماذا لا تلتزم السلطات في البحرين بالمعاير الدولية؟

وما هدف استمرارية القوة المفرطة في ظل استمرار سياسة الإفلات من العقاب؟

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى