الخليجتقاريرما وراء الخبر

متابعات: عملية “الحرس الثوري” ورسائلها المزدوجة إلى آل سعود وآل خليفة

زورق أمريكي، يُشبه الذي أسره الإيرانيون، وهو يُبحر في مياه البحرين

 

 

متابعات.. قراءة لما وراء الخبر

 

 

البحرين اليوم – (خاص)

 

في المعايير العسكريّة، فإنّ عملية “احتجاز” القارب الأمريكيّ من جانب إيران، أمس الأربعاء، 13 يناير، يشكل ما يُطلق عليه البعض ب”المناورة السياسية” بأدوات عسكريّة.

في التوقيت، طهران على موعد وشيك لتنفيذ الاتفاق النووي مع الدول الكبرى، وقد يكون ذلك يوم السّبت أو الأحد المقبل. وهو الاتفاق الذي تبرّمت منه السعودية وإسرائيل على حدّ سواء، وبشكل علني.

وفي التعبير الدلالي، اختارت إيران أن تعبّر عن رسالة، أو رسائل، مزدوجة من خلال “تفاصيل” حكاية القارب، وخاصة مع مواكبتها إعلامياً منذ لحظة الاحتجاز، وكيف ظهر الجنود الأمريكيون وهم جاثمون على ركابهم تحت قبضة “القوة الإيرانيّة”.

12540192_949830831752956_194258415_n

بدا المشهد “استعراضياً”، ولكن الإيرانيين حرصوا على أن يكون المشهد “رومانسياً” أيضاً من خلال حُسن معاملة الجنود، وتحديد عناوين عريضة لإطلاق سراحهم: (اخترقوا المياه الإقليمية من “غير قصد”، لم يكونوا في مهمة “عسكرية” أو “أمنية”، وعلى واشنطن الاعتذار).

بادر وزير الخارجيّة الأمريكي، جون كيري، إلى توجيه شكر لم يخلُ من “الودّ”، حيث قال “أود أن أشكر السلطات الإيرانية لتعاونها وتجاوبها السريع”، وأضاف “بإمكاننا جميعا أن نتصور كيف كان يمكن أن يتطور وضع مماثل قبل ثلاث أو أربع سنوات”. العبارة الأخيرة تكثّف حجماً جديداً وكبيراً من العلاقات الدولية التي يجري ترتيبها في الخليج، وهي إشارة إلى أن المسافة الزمنية الجديدة التي قطعها البلدان غيّرتْ “قواعد” العلاقة بينهما، كما يعبر رئيس لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى الإيراني، علاء الدين بروجردي، الذي قال إن “عملية الحرس الثوري الشجاعة أظهرت أن أمن منطقة الخليج الفارسي الحساسة بعهدة إيران، وليس بمقدور أميركا عدم مراعاة قواعد هذه اللعبة”، بحسب قوله.

medium-1692612514679317528

محللون يرون أنّ طهران وواشنطن سعيا إلى “تجنّب أزمة من خلال الإفراج السريع” عن البحارة الأمريكيين، على الرغم من أن وزارة الخارجية الأمريكية نفت أن يكون كيري قدّم اعتذاراً عن الحادث أثناء اتصال مع نظيره الإيراني، جواد ظريف، مساء أمس الأربعاء.

المختصون ب”الميديا” ينصحون بالإمعان في “التركيب الإعلامي” الذي فضّلت طهران اعتماده للحكاية. بدءاً من تولّي الحرس الثوري إدارة الأزمة (وليس غيرها من القطاعات العسكرية في البلاد)، ومروراً بإظهار التلفزيون الرسمي لشريط فيديو البحارة أثناء احتجازهم “وهم جالسون وأيديهم على رؤوسهم”، فضلا عن إظهار صور أخرى لجوازات سفرهم، وصور ثالثة لهم وهم جالسون أرضاً على “السجاد الإيراني”، وهم يتناولون الطعام.

هي رسالة مكثفة عبر سياسة “الصور” والإعلام المليء بالرسائل المفتوحة، والتي تتجاوز واشنطن، إلى دول الخليج، وخاصة السعودية ونظام آل خليفة في البحرين. وخاصة وأنّ الزورق الأمريكي هو يجول في البحرين (لاحظ الصورة أعلاه).

السعوديون وآل خليفة لم يكفوا عن الحديث ضد الحرس الثوري. وفتح الإعلام الرسمي السعودي والخليفي كلّ أعيرة “النار” الورقية على هذا الجهاز العسكريّ العنيد والعتيد في إيران، حتى ظنّ البعض أن آل خليفة على استعداد لتجييش “القوة” لإسقاط إيران وسحق “الحرس الثوري”! وكان اسم الحرس الثوري حاضراً في معظم “الخلايا الإرهابية” المزعومة التي توالى الخليفيون على إعلانها خلال الفترة الأخيرة.

عملية البحارة كانت رسالة إلى السعودية و”ذيلها” في البحرين. عبّر عن ذلك بوضوح أمينُ مجمع تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي، الذي قال إن عملية الحرس الثوري “تحمل أول رسالة للسعودية”، داعياً الأخيرة إلى التأمل في “تكتيكات” العملية، وألا “تُصاب بالغرور الزائف”، وفق تعبيره، وخاصة بعد قطع الرياض علاقاتها مع طهران على خلفيةِ إعدام الشيخ نمر النمر، وهي الجريمة التي “هلّل” لها الخليفيون، ومنعوا إعلان الرفض لها، وعبر بوابة التهديد بالاعتقال.

يريد أن يقول الإيرانيون لآل سعود وآل خليفة، هذا هو الحرس الثوري، وهذه بعض عملياته، وضدّ “أقوى دولة في العالم”، وعلى هذا النّحو تصرّفت السياسة الإيرانية عبر جناحي “الحرس” و”الدبلوماسية”، وتحت بساط الاتفاق النووي الوشيك على التطبيق.

يمكن أن يُفهم ذلك أكثر مع التذكير بأن الولايات المتحدة تحتفظ بوجود عسكري كبير في مياه الخليج الإستراتيجية، حيث يرسو أسطولها الخامس خاصة في البحرين. وفي السابق وقعت حوادث عدة بين البحرية الأميركية وسلاح البحرية التابع للحرس الثوري في مياه الخليج.

فهل قرأ السعوديون والخليفيون رسالة “الحرس الثوري”؟ وكيف؟

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى