المنامةتقاريرما وراء الخبر

متابعات: بين شهركان والصافرية.. ماذا على “المعارضة” أن تفعل؟

Capture212

البحرين اليوم – (خاص)

متابعات

ما وراء الخبر

 

كيلو متر ونصف، تقريباً، هو الفاصل بين شهركان وقصر الصافرية.

في المعنى السياسيّ.. فإنّ المسافة قريبة جداً بينهما. وهذا يعني أن حمد عيسى الخليفة سمِع من قصره، سيء السمعة، هتافات المشيعين الذين احتشدوا في موكب الشهيد علي عبد الغني.

الوحشية التي اعتمدتها قوّات آل خليفة في اقتحام منازل شهركان بعد مراسم التشييع، واعتقال الشّبان بطريقةٍ تُشبه ما يفعله الغزاة وقاطعو الطّرق، وتعمُّد قتل الناس بإلقاء الغازات داخل المنازل؛ يؤكد أنّ آذان حمد تفجّرت وهي تسمع دويّ شعارات السكان الأصليين التي لم تتوقف على امتداد موكب التشييع الذي بدأ من دار كليب وحتى شهركان، أي بمسافة تتجاوز 600 متر، يُضاف إليها مئات من أمتار التمدّد في طواف الموكب داخل الطرقات والأزقة.

يوم الخميس، 7 أبريل، سيتكرّر مشهد الاحتشاد مع ختام مراسم فاتحة الشّهيد. يومها سيكون الوزير الأمريكي جون كيري في البلاد، ما يعني أنّ الحشود لن تقف عند خارطة المنطقة الغربية، حيث دُعِيَ الناسُ للتظاهر في كلّ مكان احتجاجاً على الزيارة.

الشهيد علي نالَ ما أراده وتمنّاه طيلة السنوات التي كان يُطارَد فيها، ومنحَ أمّه عزّاً وغنىً جديداً. أما آل خليفة فلا أفق سارّاً ينتظرهم وهم يتورّطون أكثر في فعْل الجريمة الممتدة منذ سنوات. وهي جريمة يُفضّل الأمريكيون، والبريطانيون، أن يكون حلفاء دائمين لها.

ولكن ماذا بعد؟

المعارضون يُنتَظر منهم المزيد ممّا لا يفعلونه، منذ سنوات.

اكتفى هؤلاء بالتوثيق وإصدار التقارير الحقوقيّة اليومية والشهرية والسنويّة، واسْتحلى بعض الحقوقيين الجُدد عقدَ المؤتمرات في الفنادق، وقلّد غيره في عقْد مؤتمرات أخرى بردهات مجلس حقوق الإنسان. عملٌ مفيد ومهم، ولكنّه مجرّد نشاط “تكميلي”، كما يقول المعارض البارز سعيد الشهابي. ولكنه – وهذا ما لم يقله الشهابي – قد يكون نشاطاً “تخريبياً” و”إضاعة للوقت”.

النشاط الحقوقي برع فيه منْ شبّ عليه وتخصّص، ولكنه تحول إلى “مهنة وحيدة” لفصيل واسع من المعارضين السياسيين، أو منْ يُفترض بهم أن يكونوا كذلك، ويبقوا كذلك.

باستثناء الميدان الثوري الذي يتمسك به أمثال الشهيد علي عبد الغني ورفاقه، فإن الكفّة في جانب المعارضة لازالت في خلل مبين.

النشاط السياسي المعارض يكاد يكون محبوساً في وسائل التواصل الاجتماعي، وبعض البيانات والشّاشات. والذين فشلوا، أو عجزوا، أو ملّوا من قدرتهم على النجاح في هذا النشاط؛ ولّوا إلى مزاحمة غيرهم في النشاط الحقوقي، لتتكاثر اللجان والروابط والمراكز المشغولة بمباديء حقوق الإنسان.

الثورة المشتعلة في الميدان يواجهها الخليفيون بالقمع والقتل، وبالإعلام المضلّل، وبالأموال التي تُفسِد تقارير حقوق الإنسان.

ولأن هذه الثورة لا تجد لها الرديف المناسب في العمل السياسيّ المعارض؛ فإنّها تظل تفتقد رافعتها المتينة.

يقول الشهابي بأن “على النشطاء أن يعوا أن عليهم تركيز العمل السياسي”. السبب في ذلك واضح، فالصراع مع آل خليفة “سياسي بالدرجة الاولى”.

ضياعُ البوصلة يتوضح اليوم أكثر.

شعاراتُ الناس اليوم في تشييع الشهيد علي عبد الغني لم تكن موجة غضب طارئة. وكذلك الإجرام الذي مارسته قوات آل خليفة في قمع المشيعين وإرادة قتلهم؛ لم يكن ردة فعل مؤقتة.

تحويل الغضب الشعبي وشعارات الناس إلى برنامج سياسيّ معارض، يتطلب إحياء العمل السياسي المنظم، ويشترط تقنين “التخصص” في مجال حقوق الإنسان. ولا يمكن أن تكون المعارضة السياسية “منظّمة” و”ناجحة” إلا حين تكون هي الأساس. وهي لا تكون الأساس – فعلاً، إلا عندما يُوجّه لها معظم الجُهد والمال، لتُعْقَد التحالفات، وتُنظم المؤتمرات، وتُطْبَع الكرّاسات.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى