المنامةتقارير

البحرين: نشطاء “المجتمع المدني” في ضيافة “المرتزقة البيض”

CaSxvEbW4AAVKqp (1)

البحرين اليوم – (خاص)

 

يعرفُ البريطانيّون جيّداً من أين “تُقتلع” الثورات، وكيف تُزْرع الفتن وحروب التشطير.

خبرتهم الطّويلة في الشّرق الأوسط، لم تقف عند حدود “فرّق تسُد”، بل نوّع البريطانيّون وسائلهم مع مضيّ الوقت، وبرافدٍ مستمر من الإرث الاستعماريّ الذي جعلهم يُمعِنون في الاستخفافِ ب”السكان الأصليين”، في ذات الوقت الذين يُبدون كلّ الدعم للغزاة والقبائل الباحثة عن الغنائم، ولو على جِمال التاج البريطاني نفسه.

السفارة البريطانيّة في البحرين التقت ب”نشطاء” من المجتمع المدني البحراني: جليلة السلمان، نضال السلمان، فريدة غلام، رولا الصفار، عبدالنبي العكري، سيدهادي الموسوي، وأحمد الحجيري. اختيارٌ “جيد” من الناحية “الفنية”، والأسماء، دون استثناء، محلّ احترام عام عند الشارع البحراني، وإنْ كان هذا الشّارع يحملُ على أرصفته وفي طرقاته وجدرانها هتافاتٍ وشعارات لن تُسْمع على الطاولة البريطانية في السفارة.

 

إلا أن البريطانيين، وفي وكْرهم بالبحرين تحديداً، سيكونوا على درايةٍ كاملةٍ بفنون “الصّمت” و”التفّهم” و”النقد الدبلوماسي غير المعلن”، حينما يسمعون من البحرانيين الذين التقوا بهم “دعواتٍ” لاتخاذ موقفٍ “جدّي” إزاء قمع آل خليفة، اللا محدود، لثورة البحرين التي ينتظر الجميع ذكراها الخامسة. سيلوذ موظفو السفارة بما هو أكثر من عار “الصمت”، ولن تخذلهم المصالح في إثباتِ أن “البحرين على الطريق الصحيح” رغماً عن قرار البرلمان الأوروبي الذي صُوِّت عليه أمس الخميس، 4 فبراير.

لن ينتظر المواطنون، وهو في أوْج الاستعداد ل”عصيان النمر”، أيّ مفاجأة من بريطانيا التي تضع يداً في “عيْن” وأخرى في “جيْب” وهي تعلّق على التقرير الأممي حول اليمن، والذي أعطى “الوثيقة” الكاملة على ما يرقى لجرائم الحرب السعوديّة هناك. بالنسبة للبريطانيين، ثمّة ما هو أهم من “حقوق الإنسان”، ولدى “المرتزقة البيض” أكثر من سببٍ يجعلهم “قليلي أدب” وأكثر من “وقحين” في نقد “المعارضة” لأنها لم تُشارك في الانتخابات البرلمانية، وفي تمجيد “العرس الديمقراطي” في البحرين والمشاركة في هزّ المؤخرات مع طبّالة آل خليفة إعجاباً بديمقراطية قاتلي الأطفال ومعتقلي النساء وهادمي المساجد.

فلماذا يجتمع “نشطاء المجتمع المدني” مع المرتزقة البريطانيين إذن؟

هو خيارٌ لا نقاش في حقّ اختياره. ولكن السؤال فيه، والنقاس حوله، حقٌّ آخر للبحرانيين الذين يعانون من “بطش الصمت البريطاني”، ومن “عذابات” الاستشارات الأمنيّة التي يقدّمونها، علناً، لأجهزة التعذيب الخليفية.

البريطانيون، ولا شك، يهمّهم أن تكتمل القاعدة البحرية في البحرين في أسرع وقت. وعودتهم إلى هذه البلاد ليست تعبيراً عن غياب سابق، فهم كانوا ولازالوا “مرّحبا بهم” بالنسبة لحمد عيسى الخليفة وآبائه وأجداده، الذين لا يقرّون بتاريخ الاستقلال، ولم ينبسوا ببنت شفة ضد “الاستعمار البريطاني”. ولكن “البدلة” البريطانية لا تتحمّل أن يعْلَق فيها تراب المحتجين، ولا تجد من المناسب أن تلاحقها الاتهامات بدعم الطغاة وسفّاكي الدّماء. وهي لذلك تختار أن تلعب لعبة “جلسنا مع نشطاء المجتمع المدني”، و”استمعنا إلى آرائهم”، “وكان لقاءاً مثمراً”. ثم يتبادل موظفو السفارة تحية الوداع مع النشطاء، مع سلسلة من الابتسامات على بوّابة السفارة التي تسمع كلّ يوم هتافات المتظاهرين ولهيب الغضب الشعبي ضد حلفائهم القتلة.

لماذا لم يكن الناشط الحقوقي نبيل رجب في وفد النشطاء؟ ربّما لأنه “ملاحق قضائيا” من قِبل آل خليفة. والبريطانيون يعرفون أن دورهم “القذر” يتطلب عدم إزعاج “المحاكم الخليفية” و”قصور الرفاع” غير العامرة.

ربّما يتذكر موظفو السفارة وهم يشاهدون “سيد هادي الموسوي” بأن أمين عام جمعية الوفاق، المعتقل بمباركة بريطانية، الشيخ علي سلمان، وصفَ السفير بما يليق به حينما تدخّل الأخير في شأن البحرين، وأراد أن يكون وصيّاً على الوفاق وقرارها في المشاركة بالانتخابات. ولكن الموسوي، بالتأكيد، لن يجد في الطاولة التي جمعته بكتبة السفارة ما يُشير إلى “استياء” بريطانيا من الإبقاء على الشيخ سلمان في المعتقل، رغم أنّ الأخير كان سيكون أوّل منْ سيرحّب بطاولة السفارة مع النشطاء.

المؤكد أن كلّ النشطاء يعرفون أنّ لندن بارعة في ممارسة النفاق. وقد يجد البعض العُذر والتبرير لممالأة البريطانيين في نفاقهم على قاعدة “المقاومة من داخل القلاع”، ولو كانت “القلاع” تُشبه الحواجز الاسمنتية التي تُحيط بالسفارة البريطانية في المنامة. والذي لا يرقى لأدنى خلاف بين النشطاء هو أنّ القمع الخليفي، وأدوات التجسس والتعذيب، ووسائل زرْع الفتن، وفنون تشطير المعارضة، ولعبة “طأفنة المعارضة والنشطاء”؛ هو اختراع بريطانيّ يُتقن آل خليفة تنفيذه “على أكمل وجه”، لأنّ الغزاة يعرف بعضهم بعضاً، ولا صعوبة في التفاهم فيما بينهم.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى