ما وراء الخبر

حصان طروادة الخليفيين (3): مساع لإنشاء جمعية سياسية تهدف لإسقاط الوفاق

image

متابعات – البحرين اليوم

ما وراء الخبر

في سياقِ هذه السلسلةِ من المتابعات، من المهمّ التأكيد أولاً على أنه ليس من دافعٍ للانتصار لجمعية “الوفاق” في موقفها السّياسيّ المعروف، ولرؤيتها الخاصة في التّعاطي مع النظام الخليفي، وهي رؤيةٌ حولها جدلٌ معلن وقديم وتتقاطعُ معها وجهات نظر مختلفة، تصل أحياناً حدود الانتقاد الجذري والتحفظ التّام، إلا أنّ ذلك لا ينفي حقيقة أن “الوفاق” هي فصيلٌ أساس في جسم المعارضة السياسيّة في البحرين، وهي تمثّل تيارا عريضاً في البلاد، فضلاً عن كونها تضمّ قياداتٍ وكوادرَ مضحيّةً ومخلصة، كما تشتركُ مع الطيفِ المعارض الثوري في عناوين هامة من الآمال والآلام.

وفي هذا السّياق، تنبغي الإشارة إلى أنّ الاستبداد الخليفي – المدعوم بريطانيّا وأمريكيا وسعوديّاً – انتهى به المطاف إلى أن يكون أمين عام جمعية الوفاق (المعارضة الموصوفة بالاعتدال) رفيقاً في زنزانة السّجن مع أمين عام حركة (حق)، التي طالما وُصفت بالتشدّد، وهو ما يعني أن الأمور باتت أكثر وضوحاً، وأكثر من أيّ وقت مضى، وذلك لجهة أن الخليفيين هم أعداء حقيقيّون ودائمون للشعب البحراني، وأن مشروعهم كان وما زال هو الاستهدافُ التدميري لسكان البلاد الأصليين، بمعزل عن أفكارهم وانتماءاتهم السّياسية.

من هذا المنظور؛ فإن استهداف آل خليفة لجمعيّة الوفاق – وبرغم تباين الموقف معها – هو استهدافٌ لكلّ المعارضة، السياسيّة والثّوريّة على حدّ سواء، كما أن التدابير الخليفية المختلفة التي تسعى للنّيل من العلماء، وعلى رأسهم آية الله الشيخ عيسى قاسم؛ ترتبط مباشرةً بمشروع الخليفيين الرّامي إلى  تقويض الهويّة الدّينيّة للبلاد وسكّانها الأصليين، والأمر ذاته يجري في شأن استهداف قيادات الممانعة أو الأطياف المختلفة للجسم العلمائي أو السياسيّ الوطني.

من هذه الرّؤية؛ فإنّ كشْف مخطّطات آل خليفة مسألة لا يمكن التّساهل فيها، ولا ينبغي التردّد أو التّمهّل في تعرية مؤامراتهم وفضحها تمهيدا لإفشالها، وهو ما يسري أيضاً مع شركائهم ومنْ يقبل أن يكون مشاركاً في تسيير هذه المؤامرات والتّرويج لها، علماً أنّ هؤلاء يتطلب أن يكون الحزْم معهم أشد وضوحاً، لكونهم باتوا أدواتٍ مفضوحة وخطراً يساوق خطر المنافقين الذين واجههم القرآن الكريم والرسول الأكرم بحزم شديدٍ وبخطابٍ مغلّظ، لما يمثلونه من عنصر هدّام داخل بنية المجتمع وبما يفوق الدّور التخريبي للأعداء المكشوفين.

وإذ تبدو ردود أفعال البعض حيال ما تم نشره من هذه السلسلة؛ محلّ استغراب واستهجان، كما تعبّر بعضها عن هروب مريب من حقيقة أدوار “أحصنة طروادة الخليفيين”؛ فإن كلّ ذلك لن يفلح في إعاقة مهمة إفشال المؤامرات السريّة والعلنيّة التي تُحاك ضد الوطن والثورة والعلماء.

إن المعلومات التي تم نشر جوانب منها حول “قروب البحرين مستقبلنا” ومتزعّم “حصان طروادة الخليفيين”؛ تضع خيوطاً عريضة لشكل المخطّط الجديد الجاري تنفيذه ضد الثورة وكيانها السياسي والديني، وهو ما يستلزم الحذر، في أضعف الإيمان، وأن يعي النشطاء والعاملين في الشأن العام خطورة الوضع المقبل، وأن يأخذوا بالحسبان أن الهروب من الحقيقة، تحت عناوين ومبررات مختلفة، لن يجدي نفعاً، لا لأنفسهم ولا للقضايا “الحقوقية” و”الوطنية” و”الدّينية” التي يفترض أنّهم يعملون من أجلها.

إنّ متزّعم “الحصان الخليفي الجديد” (المدعو محمد حسن العرادي)؛ يُمنّي نفسه لأن يحظى بمنصب وزاريّ أو مستشار برتبة وزير، وهو ما يدفعه للذّهاب بعيداً في تنفيذ المهمّة التخريبيّة التي أوكلها الخليفيون له. ويشاطر العرادي بعض المنافسين له في هذه المهمة، وبينهم أحد المعمّمين الذي يبدو على ظاهره العلم و”الجهاد”، لكونه كان معتقلا سابقاً، إلا أن حقيقته تؤكد بأنه واقع في دائرة البحث عن المنفعة الخاصة، وهو مملوء بالاستعداد لأن يكون جزءاً من هذه الجوقة التي تخطّط لضرب المكوّن العلمائي، وبما يمثّل ذلك من تعدّ على الوجود الشيعي، أملاً في نيْل ودّ “الوالي” والفوز بالحطام الخليفي.

تؤكد (البحرين اليوم) – وهي واثقة من دقة المعلومات التي تملكها – بأن الاجتماع العلني الأول الذي انبثق من “قروب البحرين مستقبلنا” وتم عقده في منطقة الدراز؛ سبقته اجتماعات أخرى خاصة ضمّت مجموعة “طروادة”، وهي اجتماعات حضرها أفراد مما يُسمى جهاز الأمن الوطني، وكذلك ممثلون عن إدارة الأوقاف الجعفرية.

أما الاجتماع المعلن والمفتوح الذي عُقد في الدراز فقد تم تسجيله بالصوت والصورة، وتمّ تسليمه إلى جهاز الأمن الوطني، وكما هو الحال مع المحادثات والنقاشات التي تدور في قروب واتس آب “البحرين مستقبلنا” والتي يتابع تفاصيلها الجهاز المذكور، سيء الصيت.

إن المعلومات الخاصة لدى (البحرين اليوم) تؤكد سعي مجموعة “طروادة” للعمل على إنشاء جمعية سياسيّة في عام 2017م – أي قبل عام من انتخابات البرلمان الخليفي – وستتولى تلك المجموعة – ومتزعمها العرادي – قيادة هذه الجمعية وبطموح أن تنجح في استمالة منْ لديه قابلية للإنضمام إلى مشروعها من أعضاء القروب، وهم إذ يدركون صعوبة هذه المهمة “القذرة”، إلا أنهم – وبتأييد وتمكين من جهاز الأمن الوطني – لن يتوقفوا عن الاستمرار في هذه المحاولات.

اللافت – ان عدة حوادث وقعت تبين مساعي طروادة الخليفيين لإيقاع الفتنة واحداث الخلافات. سبق وأن تم طرد أحد الأعضاء في (قروب البحرين مستقبلنا) بعد التهجم عليه لمجرد خلاف حول إصدار بيان باسم المجموعة، والغريب في هذا الإجراء، أن بعض الأعضاء “الوفاقيين”  – وفي غفلة من أمرهم – قابلوا هذا الإجراء بتأييد وبعضهم بصمت يساعد في خلق أجواء النزاع البيني في صفوف “الوفاقيين” أنفسهم، وهو ما عكس “ارتياحاً” لدى أولئك الذين يهدفون لشقّ صفّ “الوفاق” وإسقاط الجمعية، وهو ما ينبيء بأن عملية “هدم” الجمعية تمضي بشكل متدرج، وبهدف واضح لا لبس فيه، وهو تدمير الجمعية، وإحداث الشرخ في البناء الشيعي العام.

إن طروادة الخليفيين هو مشروع يُدار من داخل جهاز المخابرات الخليفية، وبمباركة من “مجلس الوزراء”، وعلى الذين يدافعون عن النسخة الجديدة لهذا المشروع (أي العرادي ومن معه) أن يسترجعوا ملف هؤلاء منذ التسعينات وحتى اليوم، وكيف كان المذكور متورطا في أكثر من مشروع للإلتفاف على المطالب الشّعبية، إلا أن الدور المناط به اليوم يبدو أكثر خطورة لكونه جاء بترتيب جديد وبدعم مختلف وبرعاية كبيرة من النظام، وهو ما حتّم المسارعة لكشفه علناً.

المؤكد أن هذا المشروع – وكما هي المشاريع الشبيهة السابقة – ستكون عرضة للفشل أمام “صخرة” صمود الشعب البحراني، إذ ” ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله”، إلا أن الدعوة تتجدّد للجميع – ولاسيما النشطاء المعارضون – لأن يضعوا نصب أعينهم خطر هذه المجموعة، ويتحققوا من العارفين بها، وأن يسترجعوا شريط الأحداث والمواقف ليكتشفوا أنّ الدّخان المتصاعد دليلٌ على وجود النّار، وأن الدخان ليس مجرد سحابة عابرة أو خداع بصري.

ولأهمية ذلك، ورغم كلّ التعليقات السلبية، فإنّ (البحرين اليوم) قد تواصل نشر معطيات ومعلومات ومواقف أخرى لكشف هذا المخطط وفضحه وإثبات خطره على الدين والوطن.

الجزء الأول: “البحرين مستقبلنا” حصان طروادة الخليفيين

الجزء الثاني: هذه حقيقة علاقة العرادي بالمخابرات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى