اعتصام الدّراز: محاصرة مشروع الإبادة الخليفي.. والفرصة التاريخية لجني ثمار ثورة ١٤ فبراير

البحرين اليوم – متابعات

تحوّل قرارُ “الحرب” الخليفيّة على السّكان الأصليين في البحرين؛ إلى فرصةٍ “تاريخيّة” للمواطنين من أجل انتزاع استحقاقٍ قديم طالما كان الخليفيّون يصنعون الحروب “الصّغيرة” من أجل الفرار منه، أو تخريب الطريق إليه.

حتّى الآن، فإنّ النّقاط تصبّ لصالح البحرانيين، والمكسب الجدّي الذي بات بين أيديهم هو أنّ العالم أدركَ أنّهم معرَّضون فعليّاً لتهديد “الإبادة الجماعيّة”، كما يُؤشِّر لذلك دخول مستشار الأمم المتّحدة الخاص المعني بمنع الإبادة الجماعيّة؛ على خطّ معارضة قرار إسقاطِ جنسيّة آية الله الشيخ عيسى قاسم، وتحذيره من تأثيرات ذلك على اشتداد التّوتر الدّاخلي. هذا المعنى أصبح حاضراً في المحافل الدّوليّة التي تراقب عن كثب المسار العدوانيّ لآل خليفة، واستهدافهم للوجود الشّيعي خاصةً، وبتأثيرٍ مباشر من جموح الوهّابيّة السّعوديّة.

في الدّراز؛ يكتب السّكانُ فصلاً جديداً لإعادةِ ترتيبِ الأوراق وتثبيت معادلة الصّمود في وجه الاستبداد ومشروع الإقتلاع. الاعتصام أمام منزل الشّيخ عيسى قاسم؛ لا يقلّ قيمةً عن الاعتصامِ في دوّار اللؤلؤة، وما يحدث الآن هو بمستوى “ثورةً” تكميليّة لثورة ١٤ فبراير، وذلك لجهةِ أنّها تُصوِّب البوصلة باتّجاه منصّة “الدّوار” وشعاراتها الكبرى، وتُعيد للحراكِ زخمه الثّوري. الجبهة العلمائيّة التي تتصدّى للاعتصام اليوم هي إضافة هامةٌ لهذا الحراكِ المتجدّد، ويمثّل هذا الانخراط العلمائي الواسع؛ مكسباً هاماً سيكون له أثره العميق في توحيدِ جبهة المواجهة المتدحرجة ضدّ النّظام، لاسيما في ظلّ الموقفِ الحازم للشّيخ قاسم، والذي يرفضُ الرّضوخ للقرار الخليفيّ بترحيله قسْراً، وهو بهذا الموقفِ يضعُ كلّ ثقله في كفّة المواجهةِ للنّظام وإسقاط كلّ “الاعتبارات” التكتيكيّة للتّعاطي معه أو التّعايش مع بنيته الإجراميّة.

التّهويلُ بالحصار العسكري لم يعد له أية فائدة تُرتجى، لا في إخافةِ النّاس وفضّهم عن ساحة الاعتصام، ولا في إكسابِ الخليفيين قوّةً حقيقيّة تُرعب المعتصمين. وكلّ الأمل الذي يُعلّقه آلُ خليفة هو أن يُبقيَ الحلفاءُ، وعلى رأسهم الأمريكيّون والبريطانيّون، خيْطَ الدّعمِ ممدوداً إلى حين إنفاذ الخطّةِ التي يحلمُ بها آل خليفة منذ زمن، إلا أنّ الاحتشاد الشّعبي في الدّراز سيُفرغ كلّ الخطط من مضمونها، وهي ما يدفع الخليفيون إلى تشديد الحصار نحو موقع الاعتصام، وإشعالهم كلّ الأوراق لإجبار النّاس والعلماء على مغادرة السّاحة، ولكن دون جدوى، حيث لم ينفع استدعاء العلماء واعتقال المواطنين، وبينهم النّساء، في إرهاب الجموع الغفيرة، والتي تُدْرك – وبوضوح أكثر – أنّ النّزول إلى السّاحات، والمرابطة في اعتصام الدّراز؛ سيكون له أثره المزدوج في تثبيتِ المواجهة المفتوحة التي بات الشّيخ قاسم رمزها الكامل اليوم، وخاصة بعد مواقف قادة الثّورة المعتقلين، إضافة إلى فاعليّة اعتصام الدّراز في التأسيس للمرحلةِ المقبلة في جني ثمار الثّورة، وفي اللّحظة التي يكون فيها آل خليفة غارقون في جريمتهم الأخيرة.