مقالات

إعلان عن ماذا؟ ولمن؟

البحرين اليوم – (خاص)

بقلم: محمد صالح سلمان

كاتب من البحرين

هناك رؤيتان على الساحة المحلية في البحرين للوصول للهدف السياسي المنشود، الأولى تعتمد على الصبر الإستراتيجي إزاء حملات القمع والإرهاب الرسمي، وتزاوج بين جميع عناصر الحضور الشعبي والمقاومة الشعبية، وتعتمد مبدأ تفعيل حق الشعب في تقرير مصيره في رسم الخيارات المستقبلية.

أما الرؤية الأخرى فتسعى للملمة الأوضاع وإنهاء فصل ثورة ١٤ فبراير بالحد الأدنى الممكن من المكاسب، كما ترى هذه الرؤية أهمية معينة للحضور الشعبي كذلك، لكنها لا ترى إمكان أو جدوى أو أهمية تفعيل حق الشعب في تقرير مصيره، لاعتبارات مختلفة، كما أنها تغلّب الأدوات السياسية الرسمية على العمل والحضور الشعبي، وهو ما أنتج في المحصلة طرحين وخطابين في الساحة المحلية.

وما يعقّد المشهد السياسي أمام قوى المعارضة هو عدم حصول أي من هاتين الرؤيتين الإجماع أو التوافق أو التلاقي بين مكونات المعارضة والاتفاق على إدارة الرؤيتين أو الخطابين أو الجهود المختلفة على قاعدة التلاقي والمشتركات، وذلك ما يجعل طرح أي برنامج للحل السياسي أو أي إعلان “وثيقة” – بنظرة أحادية – يفقد قيمته العملية لاعتبارات واقعية، مادام هذا الطرح منفصلا عن حركة الشارع، وعن الشراكة الوطنية مع بقية القوى المعارضة الفاعلة ميدانيا وسياسيا، ومادام هذا الطرح قد أغفل رؤية القيادات الأصيلة للثورة وللحراك الشعبي، والذين يرزخون في السجون صامدين وصابرين.

بالمنطق السياسي البرغماتي؛ لا يمكن الذهاب إلى حل سياسي في ظل واقع القطبية بين أطراف المعارضة في الرؤية السياسية وفي الفعل على الأرض، ومع وجود أكثر من قطب مؤثر على الساحة وعلى حركة الجماهير، وهذا ما يدركه النظام الخليفي والإدارتان الأمريكية والبريطانية، ولذلك – ولأسباب أخرى – فإن الخيار المطروح من قبل السلطة هو العمل على سحق المعارضة، ورفض كل أشكال الرؤى و”الوثائق” والإعلانات السياسية.

بعد ٧ سنوات من الثورة والتضحيات، وبحسب التجربة؛ فلن تنجح أي مبادرة أو رؤية أحادية أو فوقية. والأجدر لخطاب التلاقي على ضوء المشتركات ودعوات التوافق والحوار؛ أن يكون موجها للبيت الداخلي للمعارضة، وهذا ما دعت له مرارا وتكرارا قوى معارضة بارزة، ولها امتداداتها القيادية في السجون، ولها امتداد ميداني مؤثر، حيث إن الانطلاق في التعامل مع سلطة متغطرسة ومدعومة من قوى الاستكبار يحتاج إلى عمق وإجماع شعبي ونخبوي، والإستناد على الحد الأدنى من التفاهمات بين الشركاء في الوطن.

ونحن واثقون أنه عندما تجلس قوى المعارضة مع بعضها البعض، وبإرادة سياسية حقيقية وإخلاص لتضحيات الشعب؛ فإن النتائج العملية ستكون كبيرة، وسيكون لدى المعارضة الكثير مما تقدمه من أفكار ومشاريع عملية تُعيد الحماسة إلى الشارع، وتثير القلق لدى النظام وحماته، أما دون ذلك فلن يكون أكثر من مجرد فقاعات إعلامية تفتقد التأييد الشعبي، ولا يكترث لها النظام، بل ويستحقرها ويستصغر أصحابها!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى