ساهر عريبيمقالات

كراهية الظلم أم كراهيّة النظام؟

sahir_urebe
ساهر العريبي – إعلامي عربي -لندن

البحرين اليوم-(خاص)

اعتادت السلطات الحاكمة في البحرين على توجيه تهمة التحريض على  “كراهية النظام” الى المعارضين السياسيين ونشطاء المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان على خلفية توجيههم انتقادات الى الحكومة. وذهب ضحية هذه التهمة المئات من الناشطين والمعارضين السياسيين الذين يقبعون اليوم في معتقلات البحرين، فما هو المقصود بكراهية النظام؟
لاشك ان المتبادر الى الذهن، أن المقصود من هذه التهمة هو تحريض المواطنين ضد النظام القائم بغير وجه حق ومحاولة لتشويه سمعته في الداخل والخارج وبلاسبب موجب لذلك، وهو الأمر الذي يعرّض السلم والأمن الأهليين للخطر. فهل إن المعارضين البحرانيين حرّضوا بالفعل على كراهية النظام، وإن حرّضوا فهل تم ذلك بلا وجه حق؟
يمكن معرفة ذلك عبر استعراض ثلاث حالات لأفراد وجّهت لهم السلطات تهمة التحريض على كراهية النظام. وأوّل هؤلاء الشيخ علي سلمان الأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية والذي أصدرت عليه السلطات حكما بالسجن لمدّة 9 سنوات على خلفية عدّة تهم وفي مقدّمتها تهمة التحريض على كراهية النظام.
الشيخ سلمان انتقد سياسات السلطات الرامية الى تحويل البحرانيين الى أقلية في بلادهم عبر التجنيس السياسي، وانتقد سياسات تهميش وإقصاء الغالبية الشيعية من مفاصل الحكم ودعا الى توزيع عادل للثروة بين البحرانيين وإنهاء احتكار عائلة واحدة لمواردها. لكن السلطات اعتبرت هذه المطالبات والإنتقادات تحريضا على كراهية النظام.
الحقوقي نبيل رجب، رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان اعتقلته السلطات عدة مرّات ووجّهت له ذات التهمة. رجب انتقد في تغريدة له ممارسات التعذيب الجارية في معتقلات البحرين وخاصة في سجن جو والتي ندّدت به عدد من دول العالم والمنظمات الدولية وفي طليعتها المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة لهيئة الأمم المتحدة.
كان آخر ضحايا هذه التهمة هو الشيخ محمد صنقور إمام الجمعة في الدراز، الذي ألقى خطبة انتقد خلالها قرار السلطات نزع الجنسية عن رجل الدين البارز آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم، وهو القرار الذي أدى الى تفاقم الأوضاع في البحرين بشكل غير مسبوق .
إن الأسباب الموجبة لاعتقال هؤلاء الأشخاص وغيرهم تتمحور حول انتقاداتهم للظلم الذي تمارسه السلطات ضد الأغلبية الشيعية في البلاد. فالحديث عن التجنيس السياسي ومنح فرص عمل للمجنسين وسكن وامتيازات وعلى حساب أبناء البلد هو ظلم ما بعده ظلم. وتكاد البحرين  تنفرد بهذا الوضع على الصعيد العالمي. ففي جميع دول العالم يسعى المهاجرون والمجنسون الى الحصول على ذات الحقوق التي يحظى بها المواطنون، إلا في البحرين التي يطالب مواطنوها بمساواتهم بالمهاجرين!
وهي تنفرد بذلك بين جميع دول مجلس التعاون الخليجي التي تترادف فيها كلمة مواطن مع الحقوق والإمتيازات التي لايحظى بها المهاجرون.
وأمّا الحديث عن ممارسات التعذيب فهو تنديد لظلم يقع على أبرياء وبشكل مخالف لكافة الشرائع السماوية والأرضية، لكن السلطات تعتبر ذلك تحريضا على كراهية النظام!
وذات الأمر ينطبق على انتقاد تجريد المواطنين من جنسيتهم وتحويلهم الى عديمي الجنسية، مسلوبي الحقوق والإمتيازات وبلاوجه حق سوى انتقادات ممارسات السلطة.
إن هؤلاء المتهمين حرّضوا على كراهية الظلم وهو أمر محمود ولم تحرمه شرائع سماوية او أرضية، بل إن الشرائع دعت الى مقاومة الظلم والطغيان والمطالبة بالحقوق. وأمّا تفسير السلطات لذلك بأنه تحريض على كراهية النظام، فهو إقرار بأن نظامها ظالم ولولا ظلمها لما حرّض هؤلاء عليه!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى