تقارير

وزارة الداخلية في البحرين: بين الخلايا الإرهابية.. والسجون السرية

 

البحرين اليوم – (خاص)

كرر طارق الحسن، رئيس ما يُسمى الأمن العام في البحرين، نسج حكايات الخيال و”قصص الإثارة” بعد إعلانه مساء الأربعاء ١٥ نوفمبر ٢٠١٧م عن “خلية إرهابية” جديدة ادعى في مؤتمر صحافي بأنها على صلة بحادثة مقتل أحد عناصر القوات الخليفية الشهر الماضي، وبحادثة حريق أنبوب النفط قرب بلدة بوري الأسبوع الماضي.

ولم تتوان وزارة الداخلية الخليفية، وعلى مدى سنوات الثورة التي انطلقت في فبراير ٢٠١١م، عن إذاعة أمثال هذه المسرحيات “الخيالية” التي يسخر منها عادة مراقبون، مشيرين إلى أنها “تنافس قصص هاري بوتر في غرائبيتها وابتعادها عن الواقع”.

إلا أن “غموض” الحكايات التي اعتادت وزارة الداخلية على نشرها بين فترة وأخرى، يمكن أن يُفكّ من خلال إدراك ما يقف وراء هذه “اللعبة” المتكررة، ومن ذلك:

  • شيطنة المعارضة وتحميلها لباس الإرهاب.
  • الرقص على نغمة الإرهاب والتدخل الإيراني.

وإذا ما قرر أحد انتزاع هذين الأمرين من بيانات وزارة الداخلية؛ فلن يكون أي بيان منها سوى بضع كلمات لا تتعدى أسماء المتهمين المُدرجة ظلما وقهرا. ولكن تجب الإشارة هنا إلى قدرة وزارة الداخلية على تحمُّل “الإساءة الذاتية” لها ولقدراتها، فخلال السنوات الخمس الماضية حدثتنا بيانات وزارة الداخلية عن أكثر من ٢٥ “خلية إرهابية”، وعن الكثير من العمليات التي تُنفذ في البلاد، وذلك في الوقت الذي تُصدِّر الوزارة نفسُها بيانات تدعي سيطرتها على “الأوضاع الأمنية” وقدرتها على ضبط الأمور! ولأن أسالفنا العرب قالوا قديما: “حدِّث العاقل بما لا يعقل فإن صدّق فلا عقل له”؛ فالأمر الذي لا يُعقل هنا هو كثرة الخلايا التي تدعي “الأجهزة الأمنية” اكتشافها فور كلّ عملية أو حادثة ذات طابع أمني، وفي الوقت نفسه الإدعاء بسلامة الأمور وانسيابها على نحو طبيعي! ومن هنا نقول إن هناك إسفافا في البيانات الخاصة بـ”الخلايا الإرهابية” كما تزعم وزارة الداخلية، وهو ناتج من كمية الإحباط الكبير، والفشل الذريع في محاصرة الثورة والقضاء على منابتها الشعبية.

 

شيطنة المعارضة

 

في كل بيانات الداخلية والعسكرية وحتى الخطابات السياسية التي تصدر بين الفينة والأخرى؛ هناك تأكيد رسمي على مسار “شيطنة المعارضة” وإظهارها على أنها جماعات “إرهابية وعنيفة”. في الوقت الذي تكرُّر تلك القوى سلميتها وبعدد مرات تسبيحاتها في صلواتها الخمس اليومية. والهدف هنا ليس الإصغاء لصوت العقل، أو ما يمكن أن تقوله المعارضة؛ بل إن الهدف هو شيطنة كل الأصوات التي تعلو على صوت الحاكم وجوقته المترهلة.

 

الرقص على نغمة الإرهاب الإيراني

 

بات الجميع يدرك أن نغمة “الإرهاب الإيراني” هي كلمة السر لدخول نادي الطواغيت والمَردة، وهي نغمة يعزفها منْ استولى على البحرين وأقام فيها محتلا لها منذ مارس ٢٠١١م. التدخلات الإيرانية التي نفاها تقرير لجنة تقصي الحقائق المستقلة (بسيوني)؛ هي نفسها النغمة التي يرقص لها الحاكم الخليفي حمد عيسى في قصره بالصافرية، ويدعو ندماءه لرقصة “العرضة” اعتقادا منه أنه قادر على الحرب وأهوالها. إضافة إلى ذلك، بات الجميع يعرف أيضا أن خزينة قصر الصافرية تقترب من الإفلاس، وأن شرط ضخّ الأموال الخليجية فيها مرهون بالرقص الدائم على تلك النغمة. هل نحتاج هنا أيضا للتذكير بتصعيد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتياهو وتصريحه أنه قد يقوم بعمل منفرد ضد إيران “لتدخلاتها في الشؤن الداخلية لدول الجوار”؟! وهكذا؛ فإن كل خلية تضبطها وزارة الداخلية في البحرين؛ يكون قائدها المزعوم هارب في إيران وأن أفرادها سافروا إلى إيران في ٢٠١١!

ولكن، في المقابل، هل تستطيع وزارة الداخلية أن تكشف عن مصير ٤ آلاف معتقل سياسي، وعن ظروف احتجازهم، وعن التعذيب الذي يخضعون له؟

وهل يستطيع طارق الحسن –  الذي هدّد الأسبوع بإخراج “الإرهابيين من جحورهم” أثناء مشاركته في دفن المرتزق القتيل – أن يكشف عن مبنى التحقيقات السري في سجن القرين العسكري، وعن التجهييزات الهائلة التي تم استحداثها هناك، بما في ذلك غرف التعذيب بالماء وحجر الاحتجاز في السراديب الأرضية؟

قصة غرف التحقيق السرية و”غرف الموت” ليست خيالا كما هو الخيال الباهت لبيانات طارق الحسن. كما أن رواية مبنى التحقيقات في سجن جو ليس حكاية غريبة أو مقطوعة السند بعد أن وثق السجناء والضحايا أنفسهم حقيقة ما يجري في تلك البقع السوداء.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى