حسن قمبرمقالات

في ذكرى الاحتلال السعودي للبحرين: "سَوْءَةُ" السعودية.. تحت أقدام الثُّوار

Capture
إعلامي بحراني

 البحرين اليوم – (خاص)

لا يكاد نبض الشارع البحراني في شهر مارس من كل عامٍ؛ يختلف عن نبضه ووهجه في فبراير لخمسة أعوامٍ على التوالي، فقد أصبح 14 فبراير 2011، تاريخاً خالداً في ذاكرة الشعب البحراني، بل وتمكن من حفره في كل محركات البحث، وفي أذهان الأنظمة التي تكالبت عليه بدعوةٍ من قبيلة آل خليفة الحاكمة على مدى خمسةِ أعوامٍ منذ انطلاق أولى شرارةٍ فجر هذا اليوم، حتى أضحى كابوساً جاثماً على صدرها، لن يفارقها أبد الأبدين، مهما حاولت التخلص من كل آثار أيقونة هذه الثورة، «دوار اللؤلؤة»، أو كما يسميه الثوّار «ميدان الشهداء»، والذي كان يغصُّ بمئات الآلاف من المواطنين البحرانيين، في ثورةٍ شعبيةٍ في قلب العاصمة المنامة.

شهر فبراير تحوّل إلى «أنشودةٍ مزعجةٍ» يردّدها الشعب البحراني كأهازيج نصرٍ تصمُّ آذان «قصر الصافرية»، كما هزّته هتافات المتظاهرين حينما طوّقوه بحناجرهم، بهتافات «يسقط حمد» في العام 2011.

وكما هي «ذكرى المجد خالدة» لثورة البحرين في فبراير، تقابلها «ذكرى سيئةٍ خلدّها العار» في مارس على مدى خمس سنوات.

ذكرى دخول القوات السعودية للبحرين، أو كما يحلو لهم تسمية أنفسهم، بقوات «درع الجزيرة»، في 14 مارس 2011، بآلياتهم ومدرعاتهم ودباباتهم العسكرية لقتل وقمع شعبٍ مسالمٍ أعزل، يطالب بحقوقه في التحوّل نحو الديموقراطية، وتأسيس دولةٍ مدنيةٍ حديثة، فضلاً عن ارتكاب أبشع جريمةِ قتلٍ شهدتها جزيرة سترة، بسفك دماء «الشهيد الشاب أحمد الفرحان» على يد هذه القوات، وهدم حوالي 38 مسجداً للطائفة الشيعية، وإحراق مافيها من مصاحف «تمت طباعتها» في السعودية.

ومنذ ذلك اليوم والقوات السعودية لم تبارح مكانها بدعوى حماية المؤسسات والمنشآت الحيوية، كما تزعم قبيلة آل سعود وآل خليفة، ومن «اتبَّع ملّتهما»، وبدعوى مواجهة الخطر الإيراني المزعوم، والذي لم يثبته تقرير اللجنة المستقلة لتقصّي الحقائق، أو حتى مخابرات حلفاء النظامين السعودي والخليفي، في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، وعلى الرغم من ذلك، لم تتأخر واشنطن ولندن عن توفير الغطاء السياسي والعسكري والإعلامي لهما، ومواصلة تحقيق نجاحاتٍ متواصلةٍ عبر صفقاتِ التسليح العسكري، لمواجهةِ وقمع الحراك الشعبي في البحرين والمنطقة الشرقية من جانب، ومزاعم دعم الديموقراطية واحترام مبادئ حقوق الإنسان من جانبٍ آخر، حتى انتهى المشهد بتسديد «ركلة جزاء» من قدم الرئيس الأمريكي باراك أوباما لـ«سَوْءَةُ» السعودية وبقية الأصدقاء في «إسرائيل وتركيا» في مقابلته يوم الخميس الماضي مع مجلة «ذي أتلانتيك»، موجّهاً تأنيبه لهم وتحميلهم مسؤولية الفوضى في الخليج وبقية دول المنطقة، مايعني «ضياع حوالي ثمانين عامٍ من صداقةٍ حميمة بين واشنطن وشيوخ النفط، أدراج الرياح»، الضياع الذي «أثار جنون تركي الفيصل» على صفحات «جريدة الشرق الأوسط» السعودية في عددها الصادر يوم 14 مارس 2016.

انقضت خمس سنوات و«سَوْءَةُ» السعودية «دون ساترٍ يسترها»، رغم تكاثر الأيدي «لِسَتْر مساوئها في البحرين وسوريا والعراق ولبنان، وقبل حوالي عامٍ في اليمن»، كما لن ننسى افتتاحها عام 2016، وفي مشهدٍ دمويٍ بسفك 47 مواطناً سعودياً، في مقدّمتهم «الشهيد الشيخ نمر باقر النمر»، والذي ظل اسمه يطارد نظام آل سعود في حياته، ومن خلف قضبانه، والأكثر بعد استشهاده.

بعد مضي خمسةِ أعوامٍ من عمر الثورة في البحرين، استرجع آلاف البحرانيين يوم 14 مارس، بما في صدورهم من آلامٍ، صور ولقطات ذاكرةٍ سيئةٍ من أحد «مساوئ» النظام السعودي، حينما دخلت قواته البحرين عبر الجسر الرابط بالسعودية، وهم يرفعون شارات وعلامات النصر ضد شعبٍ أعزل لم يكن يملك سلاحاً يواجه به هذه القوات «بنصرها الوهمي»، لم يكن سلاحه سوى «رأسٍ مفضوخ» برصاص القوات السعودية، تناثرت أشلاءه على حبات رمل جزيرة سترة، «رأس الشهيد أحمد الفرحان، الذي لن يخرج من رأس قاتليه، وسيظل يطاردهم كوردةٍ حمراء ضرجتها الدماء، مابقيت الدماء تجري في رؤوسهم».

وكما هو المشهد في كل عام، ميادينٌ تكون القوى الثورية فيها سيدة الموقف، وحناجر تهتف «بكلا للاحتلال السعودي»، وأقدامٌ ثائرةٌ تَطَأُ صور رموز نظام حكم آل سعود وآل خليفة، وكأنما تطأُ «سَوْءَةَ» السعودية، التي «ركلها أوباما بقدمه مرة واحدة، في حين يطأها ثوار البحرين، عشرات المرات كل يوم».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى