ما وراء الخبر

حمد عيسى عابساً في قمة مجلس التعاون الخليجي: الفاشل دوماً

البحرين اليوم – متابعات

في ذات المسافة التي كان فيها حمد عيسى، الحاكم الخليفي، يستقبل زوّاره من حكّام الخليج ورئيسة وزراء بريطانيا؛ كانت قواته المرتزقة تنتشر في شوارع البحرين وداخل بلداتها وهي تنشر الإرهاب وتطوق المداخل بالآليات العسكرية والحواجز، على أمل أن تمنع وصول أصداء الاحتجاجات وأصوات الناس إلى أسماع الحكام الذين تقدمهم الملك السعودي الذي حضر البلاد حاملاً أحكاما جديدة من الإعدامات بحق النشطاء، وكأنه يريد أن يقول لحمد بأنه ليس وحيدا في هذه المعركة المجنونة.

3337bd9f-849d-4d6b-93cf-fd5a8965899cلم يكن حمد، في المقابل، في أحسن أحواله. هو لم يكن في يوم ما – منذ ١٤ فبراير ٢٠١١م – في حال مناسب وسوي، وكان فاشلا على الدوام في إخفاء عبوسه الداخلي الذي جعله لا يطيق المكوث في البلاد كثيرا، وفضّل التنقل من بلد آخر بحثا عما يُنسيه الشقاء المرير الذي يلاحقه بشعار “يسقط حمد”. وقد كانت خيبته الكبيرة في لندن قبل شهرين لا تُقدَّر حينما وجد نفسه مطوّقا بالنشطاء، وبالشعار ذاته الذي كاد أن يخرق سيارته وهي تُسرع للدخول نحو البوابة العاشرة في دواننغ ستريت. في ذلك اليوم، استطاعت تيريزا ماي أن تُخفف بعض الوقت من البؤس الذي تخزّن في أوداج الحاكم، سيء السمعة، واستطاعت ماي أن تجعله يتصنّع ضحكة عالية بعد دقائق من المصافحة الخارجية، وهما يسمعان هتافات الناشطين المعتصمين.

العِرق القبلي في آل خليفة لم يكن هادئا ذلك اليوم. بحثوا عن أي شيء لإرضاء طبعهم الأسود في الانتقام السريع، ولم يجدوا سوى امرأة ورضيعها لإنزال القهر عليهما. إلا أن زوجة الناشط السيد أحمد الوداعي ورضيعهما، ومرةً أخرى أيضا، تحوّلا إلى موضوع آخر لتقريع القبيلة، ووجدت نفسها مجبرةً على فكّ الحظر على زوجة الوداعي ورفْع اليد عنها والسماح لها بمغادرة البلاد. كان ذلك اختصارا للمعادلة التي تجتمع مع النظام القبلي الذي ترسّخت فيه عادات الجاهلية الجهلاء، وبات عسيرا عليه الخروج إلى زمن الحضارة.

في اجتماع القمة الخليجية اليوم الثلاثاء، ٦ ديسمبر ٢٠١٦م، كان متاحا للقبيلة أن تبتهج قليلا برقصات العرضة وبأضواء الابتهاج الملوّنة. تقاطرَ عليها حكامُ الخليج ورئيسةُ حكومة الدولة التي كانت لا تغيب عنها الشمس وتظلل حمايتها مشيخيات الخليج ردحاً من الزمان. إلا أن مشكلة حمد المزمنة أنه يفشل دوما في ارتداء القناع طويلا، تماما مثل فشله في إطالة تصبّره على العهود، وسرعته اللافتة في نكثها. و”ما يُخفيه المرء في قلبه يظهر على قسمات وجهه”، كما يقول الإمام علي بن أبي طالب. كان وجه حمد في اليوم الأول من قمة حكّام الخليج؛ مليئا بالاضطراب والسأم وقلة الحيلة والرغبة الجموحة في الانتحار.

جاء الملك السعودي سلمان بنفسه إلى القمة، وأراد آل سعود أن يكونوا حاضرين إلى جانب خادمهم المطيع لكي يرفعوا من معنوياته ويخففوا عنه مشقة اليوم الطويل من الضغوط التي حُمّلت إياها تيريزا ماي، دون رغبتها، وهي تحل في الأرض العامرة بالقمع، والتي يريد البريطانيون في الوقت نفسه أن تكون بوابتهم لإحياء زمن الأمبريالية الجديدة، وبلباسها العسكري الصريح. إلا أن حاكم القبيلة الخليفية لم يجد السلوى، ولم يسمع ما يُسعده من زوّاره سواء بشأن تحصّله على “المجد” بإعلان الاتحاد الخليجي في زمن ترؤسه للقمة، أم بشأن نجاح آل سعود في إقناع البريطانيين بإعطاء الضوء الأخضر لمجانين القبيلة لسحق السكان الأصليين والبدء في المرحلة الأخيرة من جريمة الاقتلاع.

8f4fa18f-6201-4315-b1f8-3dfbb9f85f8bعبوس حمد وانكسارات وجهه ستطول كثيرا. اليوم الثاني من القمة لن يحمل الجديد، عدا إضافة بعض المكياج على وجه حمد والالتزام بنصائح فريقه “الفني” الخاص. أما ما أراده آل خليفة وآل سعود من “القمة” فلن يكون، لأن رفْع أعواد المشانق – التي يتفاخرون بها أمام تيريزا ماي والعالم – لن تمنحهم القوة، ولن تعوِّض عن نقائصهم وهزائمهم وارتفاع كراهية الناس لهم. وإذا كان آل سعود يُسعدهم حالهم وهم يغرقون في الرمال المتحركة، ويفضلون أن يقدموا المزيد من عُروض الإنكار والرقص في الهواء؛ فإن آل خليفة جُبلوا منذ وطأوا هذه الأرض الطيبة على طينةٍ أخرى من الفجورِ والبغضاء. ولهذا سيزيد حمد عبوساً قمطريرا.. حتى الذوبان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى