سجن جوالمنامةما وراء الخبر

رضا الغسرة.. الخالدُ الذي قهرَ الغزاة: لكَ المجدُ.. ولآل خليفة الخزي والعار

المنامة – البحرين اليوم

 

رحلَ، ولكن بالطريقة التي تليق بالأبطال الاستثنائيين.

لم يرحل إلا على الطريقة التي أرادها، وخطّط لها، حرفاً بحرف، ويوماً بيوم، وكأنه آخر الأساطير التي نبتت من الأرض، وامتدّ ظلّها إلى كلّ الآفاق.

لم يبكِ رأسُك يا رضا، وما لانَ ولا اسْتكان. شموخُك أصابَ السجّان والجلاّد بالعُريّ والخزيّ الذميم. لاحقْتَهم في كلّ فراغٍ ظنّوا أنه يحرسهم من عينيك التي ترمق، كلّ الوقت، خارجَ الأسوار. كانوا يبحثون عن أثرك وكأنهم أضاعوا الحيلةَ وما عادوا يحتملون ريحك وروحك. لم يُصِبْ روحَك – يا رضا الأحرار – تورُّمٌ أو انتابتها شيمُ المنكسرين. أنتَ أيّها الغسرة؛ كما كنتَ، حاملاً للجراح، وقميصُك الأبيضُ لم تجف منه دماءُ الضّحايا، وكأنك آثرت أن تكون الأيقونة التي تجمع كلَّ شمائل الأبطال الخالدين.

أخبرتنا يا رضا قبل أيّام بأنك واثق بالله في كلّ فعلٍ وقول. رويتَ لنا روايتك في السجون وكأنّ الله اختارك أن تكون الشاهدَ الملِك والشّهيدَ المقاوم حتّى آخر الأنفاس.

قتلوك؟ كيف قتلوك؟ أيظنُّ الخليفيّون أنّهم قتلوك حقّاً؟ أولم يُفْشِل الغسرةُ كلَّ خططهم وتواقيتهم الحمقاء؟ أنسُوا كيف سفّه أحلامَهم، وجعلهم أضحوكةً للعالمين؟ أمِثلُ الغسرة يموت؟ أمِثله يذهبُ إلى النسيان من غير ضجيج؟ هيهات.. هيهات! مثل الغسرة لا يموت على فراشٍ باردٍ أو زنزانة مظلمة. منْ كسّر أنيابَ السجن مرةً تلو الأخرى؛ لا يقوى عليه رصاصٌ الوحوش ولا جحافل الغزاة، ولا أمواج التنين. فلتُخبرهم المنونُ أنّ الغسرة باقٍ.. وما خرَقتِ الرصاصاتُ روحَه، وأنّ القهرَ عجزَ عن إزهاق صولاته وجولاته.. وهو ما نالَ إلا ما تمنّى، وما حَضنَ في صدره إلا الحياةَ الباقية التي أراد.

لك المجدُ يا رضا، ولرفاقك الأخيار الشهداء، الذين عاهدوك على الوفاءِ، في السّراء والضّراء، وكانوا إخواناً لك في الإيمان والصمود والشهادة. لكلّ منهم روايةٌ عظيمة، ومشعلٌ لا تخفت أنواره حتى تبزغ الشمس الكبرى على البحرين وأهلها. أما آل خليفة، ومرتزقتهم والشّامتون الصّغار؛ فينتظرون سوءَ العاقبةِ التي أنذرهم بها الشهداءُ الأبطال.. “قل انتظروا إنا منتظرون”.

بعد أربعين يوماً من تنفيذ عملية الهروب الجماعي من سجن جو المركزي، أعلنت السلطات الخليفية اليوم الخميس، ٩ فبراير، أنها “أحبطت” فجر اليوم ما وصفتها بعملية “تهريب عدد من المطلوبين في قضايا إرهابية، والهاربين” من سجن جو بتاريخ الأول من يناير الماضي.

وفي خبر مقتضب نشرته وزارة الداخلية الخليفية على حسابها في تويتر، ادعت بأن محاولة الهروب كانت باستعمال “قارب، كان متجها إلى إيران”، وقالت بأن إحباط العملية “جاء بالتعاون والتنسيق بين الأجهزة الأمنية”.

وقد أجّلت الوزارة الخليفية موعد عقد مؤتمر صحافي لذكر تفاصيل الحادثة، حيث كان يُفترض أن يُعقد عصر اليوم.

واستقبل رئيس الوزراء الخليفي، خليفة سلمان، وزير الداخلية راشد الخليفة، حيث قدّم خليفة “التهاني” على إعادة إلقاء القبض على “المطلوبين”، وزعم أن “نجاح أية عملية أمنية هي رسالة من حكومة حزم وحسم وصرامة مع الإرهاب والخارجين عن القانون”، كما دعا خليفة إلى المزيد من القمع، وأعطى قواته الضوء الأخضر لـ”تشديد القبضة الأمنية” بحسب تعبيره، كما هدد باستعمال القتل من خلال حديثه عن تطبيق “القصاص” و”اجتثاث الإرهاب من جذوره، وتدمير البيئة الحاضنة له والقضاء عليه”، بحسب زعمه.

إلى ذلك، أشارت مصادر شبه رسمية إلى أن العملية التي أعلنت عنها السلطات اليوم أدت إلى استشهاد ما لا يقل عن ٣ من المواطنين والنشطاء، وبينهم الناشط المعروف رضا عبد الله الغسرة الذي كان أحد أبرز الذين نجحوا في الهروب من سجن جو الشهر الماضي.

وتتوارد الأنباء عن استشهاد عدد من المواطنين اليوم في ظل محاولة من النظام لفبركة روايات مختلقة لإخفاء جرائمه في المداهمات وقتل المواطنين.

ودعت قوى ثورية إلى تكثيف الحضور الشعبي والثوري في الميادين، وأوضح تيار الوفاء الإسلامي بأن النظام يبثّ الأكاذيب و”يمارس تكتكيات الحرب النفسية” من أجل “ترميم صورته التي سحقها أبطال سجن جو”، مؤكدا أن هذه المحاولة “ستفشل في التغطية على بطولة شبابنا”.

وتتصاعد التحضيرات الميدانية في البلاد لإحياء الذكرى السادسة لثورة البحرين في ١٤ فبراير الجاري.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى