واشنطن

تقرير في موقع (theintercept) ينتقد سياسة ترامب في البحرين وينقل مخاوف ناشطين من تفجّر الوضع في البلاد

 

البحرين اليوم – (خاص)

انتقد الصحافي مرتضى حسين في تقرير نُشر أمس الجمعة، ١٤ أبريل، بموقع (theintercept) (انتقد) سياسة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إزاء الوضع الداخلي في البحرين، وأشار إلى توجه إدارة ترامب لتعزيز علاقات واشنطن مع النظام الخليفي برغم الانتهاكات الجارية لحقوق الإنسان بحق المواطنين والناشطين.

وابتدأ حسين تقريره بالحديث عن دخول قوات عسكرية من دول الخليج عن طريق السعودية إلى البحرين في مارس ٢٠١١م، وسحقها “الانتفاضة الشعبية التي اندلعت هناك ضد النظام الملكي”، وأوضح بأن هذا “التدخل العسكري كان أول صفقة في سلسلة التحركات المضادة التي شُنت ضد انتفاضات الربيع العربي”.

وأضاف “بعد مرور ست سنوات، فإن العديد من قادة المجتمع المدني في البحرين – الذين استحوذت احتجاجاتهم لفترة وجيزة على خيال العالم – في السجن”، حيث تم الإجهاز على “الديمقراطية القصيرة” واختطافها بمساعدة “القوى الإقليمية” بحسب التقرير.

وقارن التقرير بين إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، وخلفه ترامب بشأن الوضع في البحرين، حيث “وقفت الولايات المتحدة (وقتها) بهدوء بينما كانت دول مجلس التعاون الخليجي تقمع الثورة البحرانية”. ومع مجيء ترامب، رُفعت القيود المفروضة على بيع الأسلحة إلى حكومة آل خليفة، لتعبيد الطريق لبيع طائرات إف ١٦ بقيمة مليارات الدولارات. ونقل عن محللين تأكيدهم بأن هذه “الإجراءات من المحتمل أن يتخذها النظام ضوءا أخضر لتصعيد القمع، بينما يتعذر الإفراج عما يُقدر بـ ٤ آلاف معتقل سياسي”.

في المقابل، حذّر التقرير بأنه “في الوقت الذي يُصوّر فيه النظام (الخليفي) نفسه للولايات المتحدة على أنه حُصن للاستقرار الإقليمي؛ إلا أن الشدة القاسية للقمع الحكومي قد يجعل الصراع يتصاعد داخل البحرين حتماً، وقد يستقطب قوى خارجية مثل إيران”. وأضاف “بما أن نافذة الإصلاح السياسي مغلقة تحت إدارة ترامب؛ فإن مستقبلا متزايدا من العنف وعدم الاستقرار قد يكون بانتظار البحرين ومنطقة الخليج عموماً”.

٢

بوكنفليد: ما يحدث في البحرين هو حركة محلية  من أجل الديمقراطية

 

ونقل التقرير عن كول بوكنفيلد، نائب مدير السياسة في مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط، قوله بأن: “إحدى الطرق التي تسعى إدارة ترامب من خلالها لتمييز نفسها عن إدارتها سابقتها؛ هي خفض أي انتقاد عام لانتهاكات حقوق الإنسان والقمع في دول الخليج”. وأوضح بوكنفليد “كان كلٌّ من السنة والشيعة قد انتفضوا ضد الحكومة في البحرين، لكن الشيعة كانوا مستهدفين بشكل غير متناسب بأعمالٍ انتقامية، حيث قامت الحكومة بهدم عشرات مساجدهم في محاولة لتحويل الثورة إلى قضية طائفية محضة”. وأضاف إن “النظام في البحرين يستخدم نفس المنهج السابق الذي يصف المعارضين بإنها إرهابيون مدعومون من إيران، ولكن الحقيقة هي أن النظام كان دائما يواجه حركة محلية من أجل الديموقراطية وحقوق الإنسان”.

ويخشى بوكنفيلد أيضا “أن يؤدي قمع النظام، مقترنا بزيادة القبول الدولي لحكمه، إلى تصعيد نحو العنف في المستقبل المنظور”، كما حصل في بلدان أخرى تم سحق المعارضات السلمية فيها. وتطرق التقرير إلى الانتهاكات المتصاعدة في البحرين، بما في ذلك تنفيذ الإعدامات وتفعيل المحاكم العسكرية ضد المدنيين، وهو ما يُعزز النظرة السلبية للنظام القضائي في البحرين الذي “يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه وحشي وفاسد”، بحسب التقرير.

وإزاء العلاقة الوثيقة بين ترامب وآل خليفة، والصمت الأمريكي حيال “القمع المكثف”، فإن هذه التطورات – كما جاء في التقرير – تجعل “النشطاء الديمقراطيين في البحرين في وضع يائس”، وفي الوقت الذي كانت الولايات المتحدة أعربت في البداية عن تأييدها لانتفاضة ٢٠١١م في البحرين، إلا أن هناك “شعورا متزايدا بأنها قد خانت الآن الناس أنفسهم الذين شجعتهم ذات مرة”.

 

٣

مريم الخواجة: الناس تشعر بخيبة أمل ويأس من الغرب

 

وفي هذا السياق، ينقل التقرير عن الناشطة مريم الخواجة قولها “بين العديد من البحرانيين، هناك شعور بأن الغرب قد مكّن ودعم حملة القمع الحكومية، والولايات المتحدة والمملكة المتحدة الآن على قدم المساواة مع النظام نفسه”.

من جهة أخرى، ينقل التقرير عن مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية برّر مبيعات الأسلحة إلى النظام الخليفي، “وتعزيز العلاقات مع الشركاء”، زعمه بأن واشنطن لا تزال تحث الحكومة الخليفية على “تعزيز المصالحة ودفع جهود الإصلاح”، مضيفا بأن استهداف “نشطاء حقوق الإنسان في البلاد يتعارض مع أمن البحرين على المدى الطويل، ومصالح الاستقرار الإقليمي”.

إلا أن العديد من البحرانيين – وبعد مرور ست سنوات من الانتفاضة – “يشعرون بخيبة أمل من هذه التأكيدات الأمريكية”. وينقل التقرير على لسان الخواجة الخشية “بشكل خاص من أن يؤدي هذا اليأس الذي يشعر به الكثيرون إلى العنف في البلاد، لأن النشطاء يتعرضون للإرهاب من قِبل الحكومة التي ترفض أي سبيل للتغيير السياسي”. وتقول الخواجة “بصفتي ناشطة غير عنفية، لن أتغاضى أبدا عن أي شخص يحمل السلاح، ولكن في الوقت نفسه يجب أن نتفهم ما يحدث عندما يتعرض الناس للاضطهاد ولا يجدون أملاً. إنهم سيسعون للدفاع عن أنفسهم”. وتضيف “العالم يحتفظ بمصطلح (إرهابي) فقط ضد المعارضة، بيد أن الحكومة هنا تمارس أعمال عنف أكثر من أي شخص آخر”.

التقرير يؤكد، خلافا للمزاعم الرسمية، بأن لا يوجدة دليل على الدعم العسكري الإيراني للمعارضة، ولكنه قال بأن “القمع المتصاعد قد ينتهي في نهاية المطاف إلى فتح باب المشاركة الإيرانية”، بحسب تعبيره.

وبهذا الشأن تقول الخواجة: “بالنسبة لإيران، فإن البحرين هي وسيلة للحديث عن المعايير المزدوجة والنفاق في الولايات المتحدة”. من خلال تبني النظام، فإن إدارة ترامب “سوف تخلق نبوءة تتحقق ذاتيا فيما يتعلق بالنفوذ الإيراني، لأن المجتمعات الشيعية هناك ستشعر بأن الحامي الوحيد الذي تركته هو إيران وحزب الله”.

ولكن، يضيف التقرير، “وبدلا من الأمن أو الاستقرار، يرى البعض أن أهداف إدارة ترامب في الخليج هي في المقام الأول اقتصادية، وأن البيت الأبيض يرغب في تحقيق مكاسب اقتصادية على المدى القصير حتى على حساب المصالح الإستراتيجية الأمريكية”، و”تعتبر دول مجلس التعاون الخليجي من بين أكبر مستهلكي الأسلحة الأمريكية، حيث اشترت السعودية وحدها أكثر من ١٠٠ مليار دولار من الأسلحة تحت إدارة أوباما، بما في ذلك الأسلحة التي استخدمت لارتكاب جرائم حرب محتملة في اليمن. وفي مارس الماضي دعت منظمة العفو الدولية ترامب إلى وقف الصفقات المعلقة مع السعودية والبحرين، قائلة إن مبيعات الأسلحة لهذه الأنظمة (يمكن أن تنطوي على تورط إدارة [ترامب] في جرائم حرب أو انتهاكات للقانون الإنساني الدولي”.

٤

حسين عبدالله: ترامب يتصرف كرجل أعمال

 

ويقول التقرير بأن حسين عبد الله، المدير التنفيذي لمنظمة (أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين)، “هو من بين الذين يعتقدون أن إدارة ترامب تضع الاعتبارات الاقتصادية فوق حقوق الإنسان، أو حتى المصالح الإستراتيجية الأمريكية”. ويقول عبد الله إن “موقف إدارة ترامب من الخليج هو في المقام الأول يأتي بوصفه رجل أعمال، وتحت مهمة بيع منتجاتها في سوق مربحة. لذلك من هذا المنظور، لا يهم ما هي الأشياء السيئة التي تحدث نتيجة لعلاقاتهم في الخليج”. وأضاف “إذا خفّض ترامب الصفقات التي تساعد الاقتصاد الأميركي في المدى القصير، فإنه يستطيع أن يضع نفسه في وضع يسمح له بإعادة انتخابه في غضون أربع سنوات”.

ويخشى عبد الله من “تدهور الوضع في الخليج”. ومع وجود السخط الشعبي المتزايد؛ يقول عبد الله بأن “النظام لا يمكنه الاعتماد على القمع لحل مشاكله إلى أجل غير مسمى”. ويرى “أن المتشددين في النظام في البحرين ينظرون بالفعل إلى تحركات ترامب على أنها ضوء أخضر للقمع والعمل على ذلك، لكن أعمالهم تزيد ببساطة الضغوطَ داخل المجتمع البحراني، وليس تحقيق الاستقرار”. وأضاف “عندما تسحق الناس الذين يدعون ببساطة إلى الديموقراطية والإصلاح، فإنك تضعهم على الهامش، وتشجع الذين قد يكونون في الواقع يمثلون تهديدا حقيقيا”.

وعبر عبد الله عن الخشية في حال عدم “تغيير المسار الحالي” أن ينتهي “بنا المطاف إلى وضع متفجر في البحرين لا يخدم المصالح الأمريكية ولا مصالح شعوب دول مجلس التعاون الخليجي”.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى