مقابلات

محمد كاظم الشهابي لـ “البحرين اليوم”: النظام الخليفي “شرس” وعلينا إيجاد معارضة تناجزه في التحدي.. ويتطابق أسلوبها مع أهدافها

البحرين اليوم – (خاص)

  

يرى المعارض محمد كاظم الشهابي أن “الصراحة” هي أم الحلول والبوابة الصحيحة للطريق المفترض سلكه، في مقابلته مع “البحرين اليوم”؛ تحدث الشهابي عن عدد من القضايا، منها ما يتعلق بالواقع، وكيفية التعامل معه، ومنها ما يتعلق بصميم عمل المعارضة، وما ينبغي أن يتطور في أدائها وديناميكيتها، كما أنه تطرق إلى سياسة المحاور في الإقليم وما يلقيه ذلك من تداعيات وآثار على الوضع البحراني المحلي، ويرى أن من الضروري الالتقاء الدوري بين النشطاء لتبادل المعلومات والخبرات بشكل مباشر، تحاشياً لتصحيف وسائل التواصل الاجتماعي للواقع، وهذا نص المقابلة:

 

 

  • الحديث عن انفراجات في البحرين يلقي بعض الصدى عند ذوي الضحايا، من باب أن لا بديل، هل تلك المقولة صحيحة ، وهل لدى المعارضة خطاب يسد الذرائع التي يروجها المرجفون؟

 من حق كل أم وكل زوجة وكل طفلة أن تتعلق بأي خيط أمل مهما كان واهياً، في سبيل ترقب عودة الأب أو الابن أو الزوج، وهذا ما ينطبق على كل المعتقلين وذويهم، وهذه المشاعر طبيعية ولا يمكن لأي أحد أن يصادرها، أو يزايد عليها، أو يقلل من أهميتها أو تأثيرها الضاغط على الناس، بالمقابل يصعب أن نقول بوجود معارضة قادرة على أن تناجز النظام وتواجه هذه الشراسة في الأحكام، وفي كل ما يجري. ما تزال المعارضة الآن دون مستوى مقارعة النظام، بمعنى ليس هناك توازياً وتساوياً في الرد على إرجافات بعض المرجفين، وهم كثر بالتأكيد، أعتقد أننا نحتاج إلى نقاشات داخلية معمقة، ومراجعات كبيرة وعميقة، لنطرح مثل هذه التساؤلات ونجد لها حلول وبدائل.

 

  •  هل التعويل على انتصارات المحور المناوئ للسعودية صحيح في شأن إنكسار النظام والاستجابة في الحد الأدنى للسقوف السياسية المنخفضة؟

 

في القراءة الاستراتيجية بالتأكيد هناك ربط كبير وأكيد بين الصراع المتصاعد بين المشهد الإقليمي والعالمي من جهة وبين ما يجري في البحرين، من نافل القول أن الكيانات الصغيرة، تخضع للدول الفاعلة على مستوى الإقليم وعلى مستوى العالم، والبحرين هنا ليس استثناءً، إنما كل دول المنطقة هي خاضعة بتفاوت لرغبات وإملاءات المحاور العالمية، والصراع الكبير بين محور المقاومة، والمحور المدعوم من قبل الأمريكان والصهاينة والناتو، ينعكس بلا شك على مجريات الأمور، ألا أن هذا الانعكاس لن يكون فورياً، ويتطلب هذا المشهد أن تكون هناك معارضة مهيأة لاستثمار هكذا فرص، مثلا الانكسارات السعودية كثيرة جداً في المنطقة، وبالتالي قبضتها على المنطقة وعلى البحرين بشكل خاص، حتما سترتخي، مع استمرار هذه الانكسارات، ويتطلب الأمر-في المقابل-استعداد مبكر وعمل دؤوب وطويل لإعادة هيكلة المعارضة البحرانية بإطار أوسع يستوعب كل الوطنيين في البحرين، ولا يمكن أن تكون هناك معارضة من لونٍ واحد فقط، بل ولا ينبغي التسليم بأن الشركاء في الوطن هم كلهم موالاة، أو كلهم صنيعة النظام، لأن هذا ما كان يعمل النظام لتجذيره لعقود طويلة، وللأسف استطاع أن يحرز بعض التقدم في هذا المجال، ولا ينبغي التسليم بهذا الواقع، لا بد من إعادة هيكلة المعارضة البحرانية، التي تستوعب الجميع: السنة والشيعة والوطنيين وكل مشارب الحالة الوطنية في البحرين.

 

  • كيف يمكن للمهتمين والناشطين البحرانيين الموجودون في الخارج أن يستشعروا الساحة المحلية كما هي؟ هل وسائل التواصل الاجتماعي كافية في نقل الصور المطابقة للواقع؟

 

 بالتأكيد أن هناك دور كبير لوسائل التواصل الاجتماعي من حيث سرعة إيصال المعلومات والصور ونقل بعض المزاج الشعبي من الداخل إلى الخارج وبالعكس، لكن لا ينبغي التعويل فقط على هذه القنوات-أعني وسائل التواصل الاجتماعي- إذ لا يمكن أن ندعي أننا نمتلك صورةً كافية، أو صورة حقيقية واقعية، لتطورات المشهد في البحرين من خلال هذه القنوات فقط، بالتأكيد هناك جهود ينبغي أن تبذل، ولا بد أن يكون هناك تواصل مع الناس، ولا بد من إيجاد حلقات نقاش بين النشطاء لتبادل المعلومات بصورة مباشرة، لتعبيد الطريق لرسم صورة حقيقية لمجريات الأمور في الداخل، بالتأكيد هناك جهود من هذا القبيل الآن، لكن ينبغي تطويرها من قبل بعض المعنيين، وتجدر الإشارة هنا إلى أن النشطاء الحقوقيين في الداخل يرصدون بشكل جيد ما يدور من انتهاكات، ويمكن أن يُطور عملهم بشكل أكبر، يذكرني هذا الأمر بتجربة الاتحاد الوطني لطلبة البحرين ، وفي تلك الفترة لم يكن هناك وسائل التواصل الاجتماعي، وكان خطاب الاتحاد في الخارج يشبه القطيعة عن مجريات الداخل، وحقيقة ما يجري في الداخل، أعتقد الوضع الآن من هذه الناحية أفضل بكثير من السابق، وهناك صور قريبة من الواقع، رغم وجود بعض الشوائب الطبيعية.

  

  • عرفنا عن الأستاذ محمد كاظم الشهابي ملاحظاته على المعارضة، لو رتبت ملاحظاتك من حيث الأهم ثم المهم، ما هي أهم ثلاث ملاحظات تراها أساسية، وما هي البدائل في رأيك؟

 

 بتقديري، أن النقطة الأولى التي يمكن تسجيلها، أن هناك حالة من التشرذم الواضح، والجميع يتحدث حولها، وهي واضحة لأي متابع منصف لنشاط المعارضة البحرانية، وهناك غياب تام عن الحديث فيما يتعلق بالاطار العام للمعارضة، حيث أننا لا نسمع أبداً ولا يبدو أن متداول فكرة تأسيس جبهة وطنية تستوعب كل المناضلين في سبيل هذه القضية.

كانت لنا تجربة يفترض أن تكون مبشرة، لكنها تعثرت لأسباب يصعب سردها هنا، وهي تجربة المؤتمر الدستوري، ولا يوجد سواها في تاريخ المعارضة الحديث، هذا الموضوع ينبغي أن يطرح بصوت عال، وبقوة وشجاعة، وبنوع من التحرر من القيود التي تكبل بعض الفصائل أو الفرقاء، هذا لا يعني المطالبة بإلغاء الوجودات الراهنة في المعارضة، ولكن يمكن تأسيس عمل جبهوي موازٍ يستوعب الجميع، وإطار عملي وحقيقي ينظم العمل فيما بين الجميع، مع بقاء الفصائل، على الأقل في المرحلة الراهنة.

الملاحظة الأخرى هي عدم وجود ممارسة ديمقراطية حقيقية فيما بين المعارضة، بمعنى أنه لا يمكن أن نطالب بتغيير نظام غير ديمقراطي، وندعو للديمقراطية، وندعو لتدشين نظاماً ديمقراطياً، ونحن لا نمارس الديمقراطية فيما بيننا، هذه مفارقة غير معقولة، ما لم نكرس الممارسة الديمقراطية فيما بيننا على كل المستويات كمعارضة، لا مصداقية حينها لمطالبنا.

الملاحظة الثالثة، هي وجود فجوة كبيرة في وسائل المعارضة وبين الأهداف التي نطمح أو نسعى إليها، ينبغي أن تكون هناك تناسب وتناغم بين الوسائل والأهداف، وإلا سنبقى معارضة بإيقاع “الظاهرة الصوتية” نكرر في البيانات والشجب .. وهذا لم يعد مؤثراً لا في الناس ولا في الأنظمة، يعني أنت وحيثما تذهب الناس تسألك: ما هو التكافؤ ما بينك وبين هذا النظام؟ الذي تسعى لتغييره.

وينبغي أن نفتح سؤالا عن علاقات المعارضة مع المحيط مع الإقليم ومع العالم، ما لم نمد جسور ونبني تحالفات وثيقة مع من لديه استعداد جدي لدعم هذه المعارضة، فسنبقى ندور في دائرة ردود الأفعال وإصدار البيانات والاستنكارات والشجب ..الخ، دون أن ننتقل إلى مستوى آخر في معارضتنا.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى