مقالاتيوسف الحوري

هل يحقق المشركون هدفهم في الدراز بعد فشلهم في الحجاز؟

يوسف الحوري - ناشط سياسي
يوسف الحوري – ناشط ومعارض بحراني

البحرين اليوم – (خاص)

في صباح يوم الخميس، ٢٦ صفر من السنة الرابعة عشر للبعثة النبوية، عُقد أخطر اجتماع في تاريخ دار الندوة، وكان اجتماعا طارئا حضره ممثّلون عن كل القبائل القرشية، عدا بني هاشم.

وقد وردت تفاصيل هذا الاجتماع الخطير كما تنقل كتب السيرة، حيث اجتمع زعماء قريش سراً للتشاور، واتفقوا على أن قتل النبي محمد هو الحل، ولا حلّ غيره، وقد قرروا اختيار عدد من الفتية، يمثل كل فتى منهم عشيره، ليشتركوا فى “شرف” و”بطولة” قتل رسول الله، ولتكوين جبهة واحدة ضد الهاشميين، فلا يقوون على المطالبة بدمه أو الاقتصاص من قتلته. وبهذا التدبير يضيع دم خاتم الأنبياء والمرسلين بين العشائر، وينجون من ردة فعل وانتقام بني هاشم.

الخوف تسرب لقلوب قريش لو أنها تركت النبي محمد بمكة، كانت تخشى مما كان سيلحقها من تبعات تؤثر على مكانتها من ذلك، كما أنها كانت قلقة جداً من انتشار الدين الجديد رغم أنها بذلت كل طاقتها لإضطهاد المسلمين بكل وسائل الظلم المتاحة. وعلى هذا جمعوا أمرهم وتعاقدوا وتعاهدوا لتنفيذ مؤامرتهم  بضربة واحدة من سيوفهم. ولكن المؤامرة فشلت فشلا ذريعا، كما يحدثنا القرآن الكريم: “وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ”.

وبعد لطف الله تعالى بنبيه الكريم؛ كان الفضل في إفشال هذه المؤامرة يعود للذي بات في فراش النبي، وهو الفدائي الإمام علي بن أبي طالب الذي أشاد القرآن الكريم بموقفه بقوله تعالى: “وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ”.

ما جعلني أعود لهذه الحادثة التي خلدها الله تعالى في كتابه العزيز؛ هو ما كتبه وعلّق عليه النشطاء والمعارضون في وسائل التواصل الإجتماعي ووسائل الإعلام الإخبارية وما تداولته ونشرته المواقع الرسمية لوزارة الداخلية الخليفية من فيديوهات وصور عن ما يسمى التمرين المشترك الأول المنعقد في البحرين للأجهزة الأمنية بدول الخليج، تحت عنوان “أمن الخليج العربي 1″، وذلك بمشاركة قوات أمنية من دول الخليج الست.

فبحسب مزاعم هذه الدول؛ فإن هذا التمرين يتكون من تشكيلات أمنية متخصصة في مكافحة الإرهاب، وأخرى متخصصة في حماية الحدود البرية والبحرية، وكذلك أمن المنشآت والمرافق العامة والاقتصادية. وتساندها آليات مختلفة المهام، وزوارق بحرية مختلفة الفئات، إضافة إلى المعدات والأسلحة اللازمة للتمرين، كما تشارك السعودية أيضا بعدد من الطائرات المخصصة للمهام الأمنية‫.‬‬
ويهدف هذا التمرين بحسب ادعائهم إلى التصدي للعدوان الخارجي في حال وقوعه، إلا ان الخبراء العسكريين والمراقبين والنشطاء أكدوا ‫-‬ وبحسب المعلومات التي حصلوا عليها من شهود عيان ‫-‬ فإن القوات العسكرية الوافدة إلى البحرين تضم آليات للأمن الداخلي، وبحوزتها معدات تستخدم للتعامل مع التحركات والمظاهرات والإحتجاجات المدنية والمقاومة الشعبية في المدن والقرى المأهولة بالسكان.

وقد نشرت مواقع إخبارية لقطات مصوّرة على الطريق السريع المتصل بما يسمى جسر الملك فهد، وتُظهر الآليات العسكرية أثناء نقلها القوات الخليجية من السعودية إلى البحرين في سيناريو أعاد لأذهان الناس ذكريات دخول ما يسمى درع الجزيرة في مارس 2011.

حول ذلك كتبت بعض الصحف المحلية عن استعدادات خليجية لإجراء تمرين مشترك في البحرين يحاكي التهديدات المحتملة لدول الخليج. ونقلت هذه الصحف عن ما يسمى بقائد قوات الأمن الخاصة السعودية اللواء الركن مفلح بن سليم العتيبي “أن التمرين التعبوي المشترك «أمن الخليج العربي 1» المزمع تنفيذه في البحرين نهاية شهر أكتوبر المنصرم، بمشاركة دول الخليج، سيحاكي فرضيات المخاطر المتوقعة والتهديدات التي تمثلها لدول المجلس”.

في المقابل، منْ شاهد الفيديوهات والصور التي نشرتها القنوات الرسمية الخليفية يتفق مع مخاوف وتحليلات الخبراء والنشطاء والمراقبين بأن هذه التمرينات ليست لجيش نظامي كلاسيكي لمواجهة جيش معتد وغازٍ، فلا سلاحهم يدل على ذلك ولا تمريناتهم ونوعية تدريباتهم توحي بذلك، وإنما هم من القوات الخاصة التي تُستخدم للتدخل السريع. وبعض لقطات التدريب المنتشرة  أشبة بسيناريو معد لتطويق ومحاصرة أحياء سكنية وللهجوم على تجمعات في ذات المناطق أو حول مبنى مطوق بحزام من عناصر بشرية من الرجال والنساء. فعملية الإنزال الجوي والإقتحام من السطح ومواجهة منْ في المبنى أو المنشأة وأسْرهم أو اختطافهم ومواجهة ردات الفعل المدنية أو المقاومة الشعبية، هو ما عرضته القنوات و الوسائل الرسمية الخليفية.

المراقبون رأوا بأن هذه التدريبات تنطوي على رسالةٍ يُراد إرسالها عبر هذه التغطيات الإعلامية المرافقة للتدريبات‫.‬ فهل ما تقوم به هذه الدول هو محاكاة لسيناريو هجوم محتمل على الدراز المحاصرة منذ أكثر من أربعة أشهر، فتتكرر حادثة المؤامرة الفاشلة لقتل النبي محمد الذي أنتصر فيها النبي وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب على قريش والمشركين، فيكون الإنتصار لآية الله الشيخ عيسى قاسم والجماهير البحرانية المرابطة حول منزله، ويُهزم الجمع ويولون الدبر؟ التاريخ يقول إن الباطل لا يدوم، والحق منتصر‫..‬ ولو بعد حين‫.‬‬‬‬

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى