ساهر عريبيمقالات

صراع الديكة “العرب” في مجلس حقوق الإنسان بجنيف

 

البحرين اليوم – (خاص)

بقلم:  ساهر عريبي

إعلامي عراقي

 

يشهد مجلس حقوق الإنسان التابع لهيئة الأمم المتحدة في كلّ دورة صراعا حادا بين بعض الدول الأعضاء في هيئة الأمم المتحدة، حيث يتبادل ممثلوها الإتهامات والتقريعات، وإلى الحد الذي يثير سخرية باقي الدول الأعضاء. وعادة ما تجري تلك النزاعات بين ممثلي الدول العربية، وخاصة الخليجية منها حول جملة من القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان.

وقد شهدت الدورات الماضية ملاسنات وردورد أفعال بين مندوب سوريا الدائم لدى المجلس ومندوبي عدد من الدول الخليجية، وفي مقدمتها السعودية وقطر والإمارات التي عادة ما يشن ممثلوها هجوما على الحكومة السورية متهمين إياها بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، فيما يرد المندوب السوري على تلك الإتهامات متهما قطر والسعودية بدعم الجماعات الإرهابية في سوريا والمنطقة بالمال والسلاح.

وتأخذ هذه السجالات حيزا من الحوار التفاعلي في كل دورة، وبشكل يعكس الواقع المأساوي الذي تعيشه الدول العربية، حيث يجلس ممثلو الدول الأعضاء في الأمم المتحدة متفرجين على هذا الصراع العربي-عربي والذي يعكس الواقع العربي المظلم مقارنة بما عليه الواقع في أنحاء مختلفة من العالم، وخاصة في بعض المنظومات الدولية التي لا تجمعها مشتركات كتلك التي تجمع الدول العربية مع بعضها البعض، مثل العرق والدين والتاريخ المشترك.

وفي مقدمة تلك المنظومات الإتحاد الأوروبي الذي تحول إلى وطن واحد لجميع أبنائه، يتنقلون بين دوله ويعيشون ويعملون أين ماشاءوا، ويحظون بذات الإمتيازات والحقوق التي يتمتع بها أبناء البلد الأصليين، على الرغم من أن شعوب الإتحاد الأوروبي متباينة الأعراق واللغات، ولا يجمعها سوى الدين المسيحي الذي انزوى كثيرا، ولم يعد له تأثير في الشارع الأوروبي. لكن القيم الحضارية هي التي جمعت الأوروبيين ووحّدتهم، وانهت نزاعاتهم، وعلى العكس من الدول العربية.

لقد كان مشهد السجالات العربية في مجلس حقوق الإنسان مثيرا للسخرية والأسى في آن واحد، فهو يعكس حجم تردي الواقع العربي، حيث تنهش الدول العربية لحم بعضها الآخر وبما يضعفها وجميعا ويؤدي إلى استهلاك مواردها على صراعات ونزاعات عبثية، كتلك التي تحصل في سوريا واليمن. وكان آخر فصول هذا المسلسل عُرِض لدى افتتاح أعمال الدورة السادسة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان في مدينة جنيف السويسرية يوم الإثنين (11 سبتمبر 2017) حيث شهدت الجلسة الإفتتاحية سجالا بين مندوب قطر ومندوبي كلّ من دولة الإمارات والسعودية، وذلك بعد إلقاء وزير الخارجية القطري عبدالرحمن آل ثاني لكلمة في المجلس تحدّث فيها عن معاناة بلاده الإنسانية في ظل الحصار الذي تفرضه دول الخليج الثلاث عليها.

وقد تطرق آل ثاني إلى العقوبات المفروضة على المواطنين الخليجيين المقيمن في قطر، وعلى المواطنين القطريين المقيمين في دول الخليج الأخرى في حال عدم استجابتهم للقرارات التي أصدرتها دول الحصار، والتي أدت إلى التفريق بين أبناء العديد من العائلات الخليجية المختلطه. ويضاف إلى ذلك تداعيات الحصار الإنسانية الأخرى.

الوزير القطري اعتبر الاتهامات الموجهة إلى بلاده بدعم الإرهاب تفتقد للمصداقية وبأنها مسيّسة. اتهامات أثارت سجالا متبادلا جلب انتباه الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان، حيث بدا بعضها مسرورا لما وصل إليه الوضع العربي من تردٍّ، حيث تهدر الموارد على إنهاك الدول العربية لبعضها البعض، وحيث تنتقل صراعاتهم إلى داخل المجلس في وقت تحثُّ فيه أمم الأرض الأخرى الخطى نحو الرقي والتطور العلمي، فيما لاتزال الدول العربية تعيش حالة الإستهلاك والإقتصاد الريعي، وفيما توقف التطور العلمي فيها منذ أمد بعيد.

هذه الصراعات التي تشبه صراعات الديكة على الأرض، والتي تنعكس في مجلس حقوق الإنسان؛ يبدو الخاسر الأكبر فيها هم العرب جميعهم، وأما الرابح الأكبر فهم المراهنون على هذا الصراعات ممّن يؤججونها ويجنون أموالا طائلة من ورائها ويعزّزون حضورهم في المنطقة بفضلها، وبانتظار ساعة الصفر حيث الإنقضاض على هذه الدول، وكما ينقض النسر على فريسته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى