مقالات

فقيه البحرين.. الشيخ عيسى قاسم: قاهر “الملك والمشير”

 

البحرين اليوم – (خاص)

بقلم: باقر المشهدي

مختص في شؤون الخليج

تابعت وسائل الإعلام العالمية أخبار تدهور صحة العالم الفقيه آية الله شيخ عيسى قاسم نتيجة فرض الإقامة الجبرية عليه، وفرض الحصار الصارم على محيط مسقط رأسه الدراز. كان لافتا أن وسائل الإعلام العربية اتخذت موقف اللامبالاة، وكأنها غير معنية بمثل هذه الأخبار في الوقت التي تتسارع تلك الوسائل نفسها على نقل أخبار السلطة وجهازها الأمني.

التدهور الصحي كما يصفه الأطباء يضع حياة الشيخ عيسى قاسم على حافة الخطر المؤدي إلى الموت، في حال استمرت الإقامة الجبرية المفروضة على تحركات الشيخ، وبالتالي فإن المسؤولية تقع على متخذ قرار فرض الإقامة الجبرية ومنع الشيخ عيسى قاسم من حقه الطبيعي في تلقي العلاج المناسب وبالطريقة التي يراها تصلح له. هذه المسؤولية لمن يعرف طبيعة الأمور في البحرين، وكيف تتخذ القرارات الأمنية فيها؛ تكشف عن التورط الشخصي لـ”الملك” حمد عيسى شخصيا، وأنه هو الذي أقرّ القرار الأمني الذي دافع عنه كما ينقل المشير خليفة أحمد الخليفة قائد “قوة دفاع البحرين” والحاكم العسكري فترة السلامة الوطنية. فعندما فُرضت الأحكام العرفية وفُرِض المشير خليفة حاكما عسكريا؛ اعتقد ما يُسمى “مجلس الدفاع الأعلى” أن قوات الحرس الوطني السعودي وقوات “دفاع البحرين”؛ ستجعل من الشيخ قاسم ينسحب، ويعلن الاستلام، ويدعو حرصا على الدماء إلى السكون والرجوع للمنازل أو رفع الراية البيضاء كما يُقال. إلا أن موقف الشيخ قاسم في أول جمعة بعد مجزرة دوار اللؤلؤة الثانية في ١٦ مارس؛ كان مغايرا، وأصاب حاكم البلاد العسكري بالإنكسار والذلة، وبجملةٍ واحدة أطلقها الشيخ بكل قوة وعنفوان: “هذه دمائنا، هذه رقابنا هذه رؤوسنا فداء لأعراضنا وديننا”، وأطلق شعارات المقاومة المدنية المتتالية: “لن نركع إلا لله” و “يا منتقم”، وهي شعارات مشابهة لتلك التي كان الشيخ عيسى قد أطلقها في متنصف ثمانينات القرن المنصرم ضد الولايات المتحدة الامريكية، حيث أصبح شعار “الموت لأمريكا” شعارا سائدا في كل مناطق البحرين.

مثلت هذه الحادثة التاريخية مفصلا رئيسيا في علاقة كلٍّ من “الملك” حمد والمشير بالشيخ عيسى أحمد قاسم، وبدا واضحا أن كل الاستهداف السياسي والأمني التي تعرض له الشيخ – بما في ذلك سحب جنسيته وتلفيق تهمة غسل الأموال له، ومن ثم فرض الحصار على منطقة الدراز وانتهاء بمجزرة فض الاعتصام من أمام منزل الشيخ وقتل خمسة شهداء واعتقال المئات من الشباب المرابطين حول محيط منزل الشيخ، ومن ثم فرض الإقامة الجبرية على الشيخ شخصيا.. كل هذه القرارات لا يجرؤ أكبر ضابط وأكبر مسؤول على اتخاذها أو المضي قدما في تنفيذها دون أن تكون صادرة وبشكل مباشر من ديوان “الملك” وغرفة المشير.

من جهة أخرى، من المهم الأخذ بعين الاعتبار أن أدوات “الملك” والمشير في هذا الشأن؛ أدوات قذرة، وأن موقفهما من الشيخ عيسى قاسم يشوبه طابع الانتقام والرغبة في القتل البطيء للشيخ، وقد يُظهران تحملهما لبعض الضغوط إذا ما ضمنا تخلصهما من الشيخ، اعتقادا منهما أن تغييب الشيخ عيسى قاسم عن المشهد البحراني سيفرض واقعا جديدا من المعايشة مع نظامهما.

التحويل السياسي لهذه الأحداث يتطلب أن يكون الخطاب السياسي لدى قوى المعارضة متوجها إلى ناحيتين هما:

الأولى: الضغط الدولي السريع والمباشر لرفع الإقامة الجبرية عن الشيخ عيسى قاسم وفكّ الحصار الظالم عن منطقة الدراز.

الثانية: السعي الجاد والفعلي من قبل منظمات الأمم المتحدة لضمان تلقي الشيخ عيسى قاسم العلاج المناسب، وكما يريده، دون تدخل السلطات الأمنية والمخابراتية في هذا الشأن.

إلا أن تحقيق أي نتيجة منهما مرهون أساسا بتشكيل خلية عمل لقوى المعارضة ووضع خارطة طريقة، وتأسيس خطاب سياسي وإعلامي واضح ومحدد، يمتلك القدر الكاف من المعلومات، ويتطلب سرعة في اختيار الأطراف المناسبة لتحقيق كلا الناحيتين.

قد لا يكون الوقت في صالح المعارضة بشكل جيد، لكن الوقت لا يزال في بداياته، وأن الجولة الحالية هي جولة شخصية يقودها “الملك” والمشير كل على طريقته.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى