مقالات

المشير “الخائب” ومحكمة جرائم الحرب في اليمن

 

البحرين اليوم – (خاص)

بقلم: باقر المشهدي

كاتب متخصص في شؤون الخليج

 

مرة أخرى يظهر المشير ” الخائب” – خليفة أحمد الخليفة – في حلة جديدة من حلي الظهور المعجون بداء العظمة وغرور الموقع، لكنه هذه المرة يظهر واضعا نسخة من القرآن الكريم أمام يديه المرتجفة وعيونه الموغلة في الارتباك والحيرة والاستخفاف العقلي. رمزية ظهور المصحف الشريف أمام مكتبه تحمل رسالة لمن يعرف سيرة المشير الدينية، ودوره في ترسيخ الفكر التكفيري في صفوف ما تُسمى قوة دفاع البحرين. فلا يخلو ظهور المصحف الكريم من رسالة موجهة إلى جماعات التكفير والسلفية، مضمونها: “أننا نرعاكم ونقف معكم في خندق واحد”. ونظرا للرسائل السياسية التي ستحملها مقابلته مع رئيس تحرير صحيفة “الأيام” الرسمية؛ فإن المشير ” الخائب” يحاول أن يكون ذكيا وفطنا، وهو خلاف ذلك طبعا، لأنه يظهر بصورة “الجهادي” الرسمي والسلفي حليق اللحية.

لن أقف كثيرا أمام تلك الدلالات كثيرا، ولعلي أعود لها قريبا، ولكن أريد أن أسلط الضوء هنا على نقطتين، هما دجل الوقائع التي يستند إليها المشير ” الخائب”، والثانية تورطه في جرائم الحرب على اليمن.

عندما قرأت إعلان مقابلة “المشير” مع صحيفة “الأيام”؛ لفت انتهابي العنوان الخاص بمشاركة المشير في حرب التحرير سنة ١٩٧٣. توقفت كثيرا أمام هذا الإدعاء الذي أعرف تماما خلوه من أي أدلة تاريخية وعملية تفيد بمشاركة هذا “الكائن المشوه” في تلك الحرب. حرصت كثيرا على أن أتابع اللقاء، ربما يضيف معلومة تاريخية جديدة وبالفعل. ولكن، تأكدت من صحة معلوماتي حول خرافة مشاركة “المشير” في تلك الحرب عندما سرد بدايات تأسيس قوة الحرس الوطني في البحرين سنة ١٩٦٨ وأن قرار إعلان وقف حرب ١٩٧٣ جاء عندما كان هو ومجموعته يحاولون نقل الأسلحة الخفيفة التي كانت بحوزتهم. يقول في مقابلته: “صدرت الأوامر لقوة دفاع البحرين بالمشاركة في هذه الحرب، وقد كُلفت أنا بقيادة المجموعة العسكرية التي سوف تشارك في الحرب، ولازال المشهد حاضرًا أمامي وأنا أشاهد رجال ونساء البحرين ومن كل الأعمار وهم يودعون بالدموع أبناءهم المتوجهين للقتال، وبينما كانت تجري عمليات نقل السلاح والعتاد تم إعلان وقف إطلاق النار…”. ما أود الإشارة إليه أن المشير يحاول هنا خلق وهم كبير وصناعة بطولة مفبركة لم يحززها أساسا، وهي المشاركة في حرب ١٩٧٣. أما لماذا يعمد المشير لصناعة بطولة زائفة بهذا المستوى من الافتضاح، وهو يعلم سهولة كشفها، فربما يعود ذلك إلى عُقد نقص داخلية مريرة مر بها المشير، أو ربما تعود إلى وهم العظمة التي تسيطر عليه إلى حدّ أن يؤلف لنفسه كتابا ضخما يسرد فيه سيرته وما يسميه بالإنجازات.

قبل ذلك أكد المشير على جانب طالما حاول الإعلام الرسمي مراوغته والتخلص من تبعاته السياسية والقانونية، أي مسألة الاستعانة بالمرتزقة العرب في تشكيل هذه القوة التي يفترض بها أن تكون قوة وطنية وفق نصوص دستور ١٩٧٣ حيث يقول المشير في مقابلته أن الحاكم الخليفي حمد بن عيسى كان مصرا على “أن نستعين بخبرات خارجية عربية كالأردن مثلا. فهذا الاعتراف بتواجد القوات الأجنبية في بنية الجيش وقوة الحرس الوطني؛ يحيل بطولة المشير إلى أساسها الوهي والخرافي، وأن “شرف” التأسيس والبناء يعود إلى تلك الفئات الأجنبية التي أشار إليها في سياق استعانة حكومة ملكه بالقوات الأمريكية عندم قال عن “إستراتيجية” الحكومة في علاقتها مع الولايات المتحدة الامريكية، حيث قال “عندما كانت السفن الأمريكية تجوب الخليج لتأمين ممرات النفط فاستضافتها البحرين التي تعرضت حينها للوم والعتاب من الأشقاء العرب على ذلك، ولكن البحرين تحملت الأمور وكانت تملك نظرة بعيدة تبينت صحتها فيما بعد، حيث قامت البحرين بأدوار متعددة لصالح الأشقاء والشراكة الاستراتيجية مع أمريكا، ونحن ندافع عن بلدنا في المقام الأول”. وهكذا أيضا نجد بوادر الارتباط بالخارج والحماية الخارجية لهذا النظام برؤية الشخص الذي يفترض به أن يحمي البلاد من التدخل الخارجي، ولكي تتضح الصورة علينا أن نتخيل الحال فيما لو لم يكن مثل هذا الدور الأمريكي والأجنبي الخاص بحماية هذا النظام، وكيف ستكون صورة هذه البطولة الورقية التي يتشدق بها المشير.

المقابلة التي شغلت حوالي ثلاث صحفات؛ أكدت صلة المشير بجرائم الحرب التي تُرتكب اليوم في اليمن بقيادة السعودية عبر ما يسمى بـ”التحالف العربي”، ونظرا لإخفاق عقل المشير وشغفه بالبطولات والأوسمة الخيالية؛ نراه يوقع نفسه وملكه فيما سيحاول في المستقبل التنكر له، أي التورط في جرائم الحرب في اليمن. وهذا الموضوع أكدته كثير من التقارير الدولية والهيئات الخاصة بتتبع الحروب والنزاعات في العالم، فعلى سبيل المثال أقرت الأمم المتحدة في مجلس حقوق الإنسان في سبتمبر من العام الماضي؛ تشكيل لجنة تقصي حقائق وإرسال محققين في جرائم الحرب إلى اليمن، وقالت في تقرير سابق إن المدنيين في اليمن كانوا هدفا لضربات جوية وأسلحة محظورة، من بينها القنابل العنقودية. وأقر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بالإجماع قرارا لتشكيل مجموعة من الخبراء “البارزين” الدوليين والإقليميين للتحقيق في ذلك.

وكانت منظمة هيومن رايتس وتش قد اتهمت في سبتمبر من العام الماضي أيضا “التحالف” بقيادة السعودية الذي يقاتل في اليمن، بارتكاب جرائم حرب، وقالت إن ضرباته الجوية قتلت ٣٩ مدنياً، بينهم ٢٦ طفلاً في شهرين. وقالت المنظمة في بيانها بأن “الوعود المتكررة للتحالف بقيادة السعودية بتنفيذ ضرباته الجوية بشكل قانوني لا تجنب الأطفال اليمنيين الهجمات غير القانونية”. وخلص التقرير “إلى أن العديد من الغارات الجوية السعودية هي جرائم حرب محتملة، وأن الولايات المتحدة تتقاسم المسؤولية، لأنها توفر للسعوديين التزود بالوقود الجوي والاستخبارات المستخدمة في الغارات الجوية، وكذلك الكثير من الأسلحة”.

والأن هل بالإمكان أن يتفاخر المشير بارتكابه جرائم حرب في اليمن تحت حجة حماية الحرمين، والكعبة المشرفة، وقطع يد إيران وبتر أصابع الخونة؟!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى