تقارير

:: وجوه الثورة :: الشيخ زهير عاشور.. المرور من المحطات الأخيرة

 

البحرين اليوم – (وجوه الثورة)

 

“من يريد التغيير، فلابد أن يسعى للتغيير الجدي”.

“النصر من ربّ العالمين.. ولكنه لا يُنزل النصر إلا عندما يرى المقدمات”.

“النصر قريب جدا.. والمحطّات الأخيرة هي أشدّ الامتحانات”.

ربّما تمثل هذه الإشارات والعبارات الخاطفة من المواقف والخُطب؛ تعبيراً موجزاً عن اللّحظة الحاسمة التي دفعت بالشيخ زهير عاشور – المحكوم بعشرات السنين وإسقاط الجنسية – للعودة إلى البحرين في العام 2012م، رغم أنّ كلّ خرائط القمع والانتقام وقتها كانت تكشّر عن خطوطها النتنة. في يوليو من 2012 عادَ إلى البحرين، وفي يوليو 2013 تمّ اعتقاله. في الفاصلةِ الأخيرةِ من سيرة الشيخ زهير، وقبل اعتقاله، كان التماعُه في منزل الأستاذ عبدالوهاب حسين، ومن هناك كان تميّزه بإمامة الصّلاة وقت الإفراج المؤقت عن الأستاذ للمشاركة في مراسم دفان والدته المرحومة. في المعنى الرّمزي، توّج الشيخ زهير موقعه في خطّ الممانعة من بوّابة “أستاذ البصيرة”، وفي الأوقات التي أخفى فيها الاجتياحُ الأسود، أو كاد، وجوهَ الثورة وقادتها.

هي عمامةٌ شابّةٌ، وإنّما فاعلة في ضخّ الوعي الفكري والتعبوي، ولصالح “الممانعة البصيرة” التي وجدَ البعضُ الكثير، في فتراتِ ما قبل ثورة 14 فبراير 2011م، فرصاً مغرية عديدة لمعاداتها، ثم أُضيفت بعد الثورة فرصاً أخرى “للتنصُّل” منها بالنسبةِ لأولئك الذين كانوا يبحثون عن وسائلَ تحرُّرهم من عبء ملاحقة النظام والاستهداف المبيّت. في الفترةِ الأقسى التي أعقبت الاجتياح السعوديّ؛ كان الشيخ زهير مدفوعاً أكثر بضرورة الظّهور في قلْب الممانعة. لم يكن مطلوباً منه تصدُّر المجالس، أو الصعود المكلَّف على المنابر، ولا التهافت على الميكروفانات. كان “الوعي” يتطلب إنماءاً للأفق التغييري “الجدي”، وسعياً مضنياً لتأمين “النصر الموعود” وتوفير مقدماته اللازمة.

نجح الشيخُ زهير عاشور في “الامتحانات الأشد”. بعد اعتقاله لم يُرخِ القبضة عن موقفه الرافض لسلطة الأمر الواقع، والمؤبداتُ التي تناوبت وتوالت عليه؛ زادته إنكاراً للقضاء المسيّس الذي رفضَ الامتثال أمام عدالته المزيّفة. قاومَ القضبانَ بالمزيد من بثّ الوعي داخل السجون، وتحدّى عمليات الإكراه بالدرّوس والمؤلفات التي تربط التغييرَ الكادحَ بالسماء، وتضعُ الجهادَ سيرورةً لا تنتهي حتى الممات أو نيْل الأماني. أوْقدَ بهذه المقاومة مشاعلَ الأمل الذي يراهنُ، مثل بقية القادة والرموز، على أنها المضارب الحاسمة في المعركةِ الحثيثة من أجل التحرُّر والتحرير. وهو يُشبه في ذلك تلك الطاقةُ التي تنفجرُ، أكثر فأكثر، كلّما حاولَ رعاةُ القهرِ والاستعباد دسّها في الظلام أو تمرير اليأس إليها. لقدَ عبرَ الشيخ زهير من صهيل “الشقشقات”، ومدَّ صوته ضدّ الحواجز والجدران، وأعطى المثال الماثلَ على إمكان العبورِ، والمرورِ، من المحطات الأخيرة.. التي ترشد إلى النصر المبين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى