ما وراء الخبر

إطلاق سراح السجناء.. جرعة من الأمل وجرعة من الوعي

رأي البحرين اليوم – خاص

ألقت جائحة كورونا بظلالها على كافة مناحي الحياة في العالم، بعد أن فتكت بالأرواح وقهرت الجيوش واخترقت القصور وأصابت الاقتصاد العالمي بمقتل.
السجون، وبمختلف دول العالم كانت هي الأخرى محط الأنظار بعد أن دبّ فيها الرعب، واجتاحتها الجائحة، خصوصا السجون المكتظة بالنزلاء.

ففي البرازيل تمكن آلاف السجناء من الفرار من المعتقلات خوفا من خطر كورونا الداهم، فيما اندلعت في إيطاليا اشتباكات أدت الى مقتل 12 سجين وهروب آخرين، وعمت الفوضى عشرات السجون خشية من خطر فيروس كورونا الذي يقف متربصا على الأبواب.

هذا الشعور بالخطر لم يكن مبالغا فيه من قبل السجناء، بل هو خطر حقيقي دق ناقوسه الفيروس الجامح، واستدعى ردود الفعل الغير مألوفة، ولذلك لم تتردد منظمة الصحة العالمية في توجيه نداء يحث الدول على إطلاق سراح اكبر عدد ممكن من السجناء، وسارعت على خطاها المفوضية السامية لحقوق الإنسان التي ركّزت على ضرورة إطلاق سراح المرضى والسجناء السياسيين.

نداء استجابت له العديد من الدول، الديمقراطية منها والتي لديها سجل سيء في حقوق الإنسان على السواء. أطلقت السلطات الأفغانية سراح 10 آلاف سجين، وقررت الجزائر إطلاق عدد مماثل، وفي إيران حظي 90 ألف سجين بالحرية، ومن المقرر أن تفرج تركيا عن عدد مماثل، وفي تونس أفرج عن 1400 سجين، وفي بريطانيا أربعة آلاف، وفي السودان أكثر من أربعة آلاف وهكذا في باقي الدول.

وبالرغم من قوة بعض تلك البلدان سواء الاقتصادية أو الأمنية، وبالإضافة لمستوى الرعاية الطبية العالي، إلا أن عجزها أمام مواجهة كوفيد19 الغير متوقعة قلب الموازين رأسا على عقب، ودفعها للمسارعة إلى إفراغ السجون نظرا لتداعيات تفشي الفيروس الكارثية، واضطرت بذلك للرضوخ للضريبة الأقل كلفة كالخيار لا بديل عنه.

وإذا أردنا أن نعقد مقارنة بين هذا المشهد ونظيره في البحرين، نجد أن النظام الخليفي هو أقل شأنا من دول عظمى وقوى لايستهان بها في العالم، ولا يستطيع ان يجاريها لا على صعيد الإقتصاد ولا الخدمات الصحية، وهو ما يدفعنا للقول بأن النظام في البحرين لا يمكنه أن يشد عن المسار العالمي، ولا بد أن يساير الموجة ويذعن لاتخاذ إجراءات تمنع تعريض حياة الآلاف للخطر الحقيقي، بتفريغ سجونه من المعتقلين السياسيين.

ومع ترشح ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا في البحرين، بعد اكتشاف أكثر من 100 إصابة عشوائيا في أوساط العمال الوافدين، فإن القلق والخشية تكون اكثر جدية من احتمالية خروج الأمور عن السيطرة. وعلى الرغم من محاولات السلطة إرسال التطمينات للمواطنين، فإن الواقع لا يتغير الكلام المعسول.

ومع الأخذ بنظر الإعتبار هذه الحقائق، وبما أن بيئة السجن المغلقة هي المكان المناسب لانتشار العدوى في حال انتقالها بسبب الاكتظاظ، فهذا يعني ان آلاف السجناء سيتعرضون لخطر الإصابة في وقت واحد، في ظل عدم وجود إمكانيات عزل وتطبيب، ناهيك عن عدم القدرة على توفير ممرضين للآلاف في وقت واحد وغيرها من المستلزمات الصحية.

لتلك الأسباب وغيرها نجد أن لا خيار أمام النظام الا ان يذعن ويطلق سراح السجناء، على الرغم من مكابرته وعناده. ولربما بدأ النظام نتيجة هذا الواقع والضغوطات الداخلية والدولية، بالسعي لإيجاد مخرج ينسب فيه الفضل لمناشدات أعضاء ” البرلمان” او يعيد المسلسل المتكرر بإصداره “عفوا” عن سجناء اعتقلوا بسبب آراءهم !

مؤشرات تفيد بان الإفراج عن السجناء قادم في الأيام القادمة، وقد يحدث مطلع شهر رمضان المبارك أو مع اقتراب عيد الفطر. لكن النظام قد يمانع في إطلاق سراح الرموز لأنه يرى في ذلك هزيمة له، ولذا فيجب عدم اليأس و ان تتظافر الجهود بالتعويل على الله سبحانه وتعالى، مدركين بأن فيروس كورونا، هو من أضعف جنود الله، واستطاع أن يرعب كافة سلاطين الأرض، ويجبرهم على حبس أنفسهم في قصورهم الخاوية.

وهنا لابد من التأكيد على أن إطلاق سراح سجناء الرأي ليس منة من النظام الخليفي الجائر، فهؤلاء الشرفاء، ماكان ينبغي لهم أن يقضوا لحظة في السجن، فضلا عن قضائهم عقدا كاملا بسبب أرائهم السياسية. وقد كشفت الثورة عن مستوى الطبع الإجرامي في سلوك آل خليفه، إذ أن ناصر بن حمد نفسه كان يشرف على التعذيب، ووالده “الملك” يصدر قراراته بإعدام الشباب الأبرياء.

ولذا فإن أي إشادة بمثل هذه الخطوة هي جناية بحق الضحايا، وتعكس نظرة سطحية لمطلقيها، فالإشادة ينبغي ان تتركز على السجناء الذين تحملوا الأهوال في سجون آل خليفة وضحوا بسنين عمرهم من اجل نيل الشعب حقوقه المشروعة، وأما الطغاة فتظل ملفات جرائمهم مفتوحة، وحتى نيل الشعب لحقوقه المشروعة ولحين حلول ساعة القصاص من القتلة والمعذبين الخليفيين وجلاوزتهم .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى