سجن جوالمنامةتقاريرما وراء الخبر

متابعات: غضب زينب الخواجة.. حاضراً وغائبا

 

IMG-20141113-WA0023-300x200

المنامة – البحرين اليوم

 

متابعات

ما وراء الخبر

 

بعد اعتقال الناشطة زينب الخواجة وابنها هادي، يكون الأخير أصغر معتقل في سجون آل خليفة، وتُصبح الخواجة آخر المعتقلات النساء في هذه السجون.

المحتوى ليس جديداً في سجل جرائم النظام. سبق للخليفيين أن سجّلوا احتجاز رضيع مع أمّه، حيث اعتلقت الناشطة زهرة الشّيخ، وابنها حسين (حين كان عمره 6 أشهر) في أكتوبر من العام 2014م، حيث كانت في زيارة لزوجها المعتقل حبيب المبارك في سجن الحوض الجاف.

ولكن إعادة الجريمة هذه المرة باتجاه زينب وابنها يُراد له أن يكون رسائل مختلفة.

CdrdS1QUIAAm3xv
المعتقل عبد الهادي.. حفيد المعتقل عبد الهادي الخواجة/ البحرين

انتظر النظام عدة أشهر قبل تنفيذ الأحكام الصادرة ضد الخواجة. لم تكن الأخيرة، وابنها هادي وابنتها جود، بمنأى خلال ذلك عن الانتقام، حيث امتنعت السلطات عن إصدار وثائق الهوية الخاصة بهما، فضلا عن رفضها تجديد جواز سفر الخواجة. ما يعني أن الاعتقال كان تدرّجا ختاميا لانتقام ممنهج ضد الخواجة، التي ستظل حاضرة في ذاكرة النظام باعتبارها المرأة التي “تجاسرت” على كلّ “الهيبة المزعومة” له، بتمزيقها صورة حمد عيسى الخليفة في وسط المحكمة.

احتل خبر الاعتقال صُلب اهتمام وسائل الإعلام الدولية، وكان حاضرا في أخبار الوكالات. تحدث عن اعتقالها مسؤولون غربيون، وتتالت المقالات وبيانات المنظمات الحقوقية.

سيكون ذلك مفتاحاً للولوج مجددا في رمزية زينب وكيف تُخيف على الدوام النظام.

خارطة الفعل المقاوم لزينب يفتح الطريق لاكتشاف أهم ما يُخيف النظام من هذه الرمزية، سواء أكانت في حال اشتعال وحضور في الساحة، أم كانت تستريح مع دور الأم المقاومة. في كلا الحالتين، تظل زينب – كما يظن النظام نفسه – في حال غاضبة. هذا الغضب كان مستترا، وفضّلت الخواجة أن تُبقيه كذلك، كما تقول وساوس النظام.

حسابها في تويتر لم يعد ناشطاً. آخر تدوينات سجّلتها كانت في 9 ديسمبر 2014م. ولكنها أودعت في هذه التدوينات ما يُشبه “العهد” الذي لا تحيد عنه، شددت آنذاك على مواصلة النضال والتضحية من أجل الحرية.

هذا، مباشرةً، ما كان يخشاه النظام من زينب. غيابُها عن الميدان ليس شعورا بالتعب، أو انشغالا بأمور الحياة الخاصة. برود غضبها على “تويتر” ليس إيعازا بالمغادرة، وإغلاق الملف، وحتى إشعار آخر! هي حاضرة بأشكال أخرى يعرفها أولئك الذين يجيدون معنى “قوّة الظل”. إلا أن ما هو أهم، بالنسبة للنظام، هو أن وجود زينب خارج القضبان– أكانت تتكلم أم تُصغي أم لا تفعل شيئاً – هو محلّ ارتياب وقلق مخيف من جانب لصوص الحياة والحرية. السببُ، كما تقول سيرة الطاغية ذاتها – أن هذه المرأة يمكن أن “ترتكب” حدثا في أية لحظة، ومن غير ترقّب.. قد يُضيف إلى الناس درجة أخرى من الصعود الذي لا يريح النظام. ولذلك – يقول النظام – لابد من التصعيد ضدها، قبل أن تصعد فوق الحدث المنتظر.

وكما هو في كل الحالات، فإن حسابات النظام مخطئة في حال زينب، كما أخطأت في حال أبيها وأختها. هي لم تكن تتحاشى الاعتقال، أو تهرب منه. هي التي كانت تقول للناس “ولكم في النضال حياة يا أبناء أوال”. لم يخطر في بال زينب أو حساباتها أن عقلا أو شرفا من الممكن أن يحل في النظام ليمتنع عن اعتقالها، أو إيقاع ما هو أكثر فظاعة بحقها. كل شيء وارد ومحتمل مع هذا النظام. إذن: لم يكن اعتقالها مجدداً يُرعبها في لاوعيها، ولا كان ذلك عاملا في دفعها نحو الاستتار. ضمير زينب ظاهر ونابض، والاستتار لا تعرفه، ولم تتربَّ عليه.

ما الدّافع إذن لاعتقالها الآن؟

هي حكاية انتقام، وتأجيل في دفع “الفاتورة”. لا أقل من ذلك ولا أكثر.

لا النظام “اعتدلَ”، وكفّ عن ممارسة أفعال الجاهلية الأولى. ولا زينب “اعتدلت”، وكفّت عن ممارسة أفعال المقاومة المدنية. وهما في ذلك يختصران حال البلد وأهلها، وحال النظام ومرتزقته.

في النتيجة، لن يكون ما وراء الاعتقال إلا مرارة أخرى في جسد النظام. وكما يقول القيادي المعارض سعيد الشهابي: “اعتقال زينب الخواجة وطفلها سيثير غضب العالم ضد العصابة الخليفية المجرمة التي تسعى لإبادة السكان الأصليين سجنا وتعذيبا وقتلا وتسفيرا”. هذا غضب زينب.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى