اوروبا

صحيفة الإندبندنت تنشر مقالا للسجين السياسي علي حاجي: الحكومة البريطانية زودت البحرين بأدوات القمع تحت غطاء الإصلاح

البحرين اليوم-المنامة

نشرت صحيفة الإندبندنت البريطانية مقالا خاصا للسجين السياسي علي حاجي قبل يومين، تعرض فيه إلى دور الحكومة البريطانية وتواطؤها في ملف الإنتهاكات في البحرين بسبب فشل المؤسسات التي تلقت تدريبا بريطانيا في انصاف الضحايا. كما استعرض حاجي تجربته الشخصية التي تعرض فيها للتعذيب منذ اعتقاله قبل 7 سنوات. وفيما يلي نص المقال:

أكتب اليوم من سجن جو سيء الصيت في البحرين، حيث أمضيت سبع سنوات كسجين سياسي شارك في الإحتجاجات المطالبة بالديمقراطي. أنا واحد من آلاف البحرانيين الذين تم اعتقالهم وتعذيبهم وإصدار أحكام مطولة عليهم في محاكمات جائرة، كجزء من حملة السلطة على المعارضة التي لا تزال مستمرة حتى يومنا هذا.
لقد ترك التعذيب الذي تعرضت له مجموعة من الإصابات التي ما زالت تعصف بحياتي اليومية. خلال ساعات من الضرب الوحشي، انكسر أنفي بشدة مما تطلب عمليتين لعلاجه، وأصبت بصمم جزئي وتلف دائم في الخصيتين والفك. ومع التجربة المروعة التي مررت بها، استمر التعذيب لفترة طويلة، وهو أداة للسيطرة السياسية في البحرين، وهناك المئات من زملائي السجناء لديهم قصص مماثلة.
وصلت الأخبار مؤخرًا إلى السجن أن الحكومة البريطانية قد فرضت عقوبات “على غرار ماغنيتسكي” ضد منتهكي حقوق الإنسان الدوليين، مما أثار الآمال بين بعض السجناء في أن المسؤولين عن التعذيب والسجن قد يحاسبون، ولكن بالنظر إلى صداقة بريطانيا الطويلة مع البحرين تبدو هذه الآمال في غير محلها.

غالبًا ما تتفاخر الحكومة البريطانية بمعارضتها للتعذيب، لكنها في الواقع لعبت دورًا تاريخيًا في إضفاء الطابع المؤسسي عليها في البحرين، ولا تزال تغض الطرف عن الانتهاكات في محميتها السابقة حتى يومنا هذا. في عشرينيات القرن الماضي كانت المملكة المتحدة مسؤولة عن إنشاء أول قوة شرطة في البحرين، وكشفت المصادر المعاصرة أن العديد من تقنيات التعذيب التي تعرضت لها شخصيًا، بما في ذلك الضرب الممنهج والحرمان من النوم، قد تم تقديمها خلال تلك الفترة.

منذ استقلال البحرين في عام 1971، ظلت حكومة المملكة المتحدة على صلة وثيقة بالعائلة الحاكمة في البحرين، وكانت مترددة في انتقاد سجلها السيئ في مجال حقوق الإنسان. كثيرًا ما تتفاخر الصحف الرسمية المتاحة للسجناء منذ أن أغلق النظام الصحيفة المستقلة الوحيدة في 2017 (تتفاخر) بدعم المملكة المتحدة للبحرين، لا سيما مزاعم جهودهم لإصلاح الشرطة والقضاء السيئ السمعة. وعلى الرغم من تلقي آلاف الجنيهات الاسترلينية من دافعي الضرائب البريطانيين لهذه المؤسسات فإنها لا تزال فاسدة كما كانت دائمًا.

يظل التعذيب محوريًا في نظام العدالة في البحرين، كما أن البرامج التدريبية المقدمة للقضاة في البحرين من قبل المملكة المتحدة لم تفعل شيئًا لتقليل اعتماد المحاكم على الاعترافات بالإكراه. تشير أدلة جوهرية إلى أن خمسة من السجناء الستة الذين أُعدموا في البحرين منذ عام 2017 تعرضوا للتعذيب لتقديم اعترافات كاذبة. تشاركت في الزنزانة مع أحد هؤلاء، وهو مدرس لطيف يبلغ من العمر آنذاك 27 عامًا ويدعى عباس السميع، ولن أنسى أبدًا حالة الذعر التي انتابتني عندما علمت أنه واثنين آخرين قُتلوا برصاص فرقة إعدام تابعة للدولة.
نظام الظلم في البحرين لا يزال قاسيا إلى اليوم. في الشهر الماضي فقط، رُفض الاستئناف النهائي لضحايا التعذيب محمد رمضان وحسين موسى ضد حكم الإعدام الصادر بحقهما في محاكمة اتهمها العديد من النواب البريطانيين والمنظمات غير الحكومية البارزة وكبار محامي حقوق الإنسان بأنها معيبة بشكل أساسي. وانضم محمد رمضان وحسين موسى إلى 10 سجناء سياسيين آخرين استنفدوا سبل الانتصاف القانونية ويواجهون الإعدام الوشيك.

محاولات المملكة المتحدة لمعالجة ملف الإفلات من العقاب لم يحقق أي نجاح. لقد أثارت الكثير من هيئات الرقابة المحلية المدربة على حساب دافعي الضرائب البريطانيين والمفوضة بالتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، انتقادات دولية واسعة النطاق بسبب انحيازها للحكومة. ولقد اختبرت هذا التواطؤ بنفسي، فعندما تعرضت للاعتداء من قبل حراس السجن في عام 2015 على مرأى ومسمع من كاميرات الدوائر التلفزيونية المغلقة، قامت هذه المؤسسات بالتستر على المتورطين، حتى بعد أن قدمت أسماء الضباط المسؤولين.

يستمر هذا التواطؤ حتى يومنا هذا، ففي وقت سابق من هذا الصيف وُضع زميلي السجين محمود الجزيري وهو صحفي مسجون بسبب مقالات معارضة، ( وضع) في الحبس الإنفرادي بسبب دحضه تصريحات كاذبة أدلت بها لتلفزيون البحرين رئيسة المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان (الممولة من المملكة المتحدة).
استفاد موظفو السجون في البحرين أيضًا من التدريب البريطاني، حيث استمتعوا بجولات مصحوبة بمرشدين في السجون في بريطانيا وأيرلندا الشمالية لتعلم أفضل الممارسات. ومع ذلك لا يزال السجناء يعانون في ظروف مزرية من بينها أزمة الإكتظاظ التي تمنع إمكانية تطبيق التباعد الاجتماعي، كما لا تؤمن الأقنعة أو معقمات اليدين للسجناء حتى بعد مرور أشهر من بدء الوباء ( كوفيد 19 ).

أدت ظروف الإهمال الصحي إلى تفشي مرض الجرب المستمر، والذي أصاب معظم السجناء في عدة مباني بمن فيهم أنا. الجرب مرض جلدي شديد العدوى ينتشر في البيئات غير الصحية ويتفاقم في فصول الصيف في البحرين حيث تتجاوز درجات الحرارة 40 درجة مئوية بانتظام. وكما صرح معهد البحرين للحقوق والديمقراطية إلى جانب 20 منظمة حقوقية أخرى مؤخرًا، أنه إذا وصل Covid-19 إلى سجن جو فستكون الآثار مدمرة، لا سيما بالنسبة للزعماء السياسيين المسنين والذين يعانون من ظروف صحية مقلقة.

إن هذا الاستخفاف بصحة السجناء ليس بالأمر الجديد، والإهمال الطبي لطالما كان أحد أكثر وسائل البحرين مكرًا لإساءة معاملة السجناء السياسيين. خلال العامين الماضيين أُضطررت لخوض إضرابين عن الطعام لمدة 75 يومًا فقط لتأمين العلاج الطبي. وبعد خلع 13 سنًا منذ ما يقرب من عام، ما زلت في انتظار جراحة المتابعة وأكافح بصعوبة بالغة لمضغ الطعام الصلب. والآن يتم استخدام فيروس كورونا كذريعة لحرماننا من الرعاية الطبية بشكل أكبر، حيث تم إلغاء جميع المواعيد الخارجية حتى إشعار آخر.
إن الدعم البريطاني الثابت للبحرين قد زود النظام بقشرة مريحة من الإصلاح والتي من خلالها يستمرون في ترويع شعبهم. حتى الأصفاد التي يقيدوننا بها عند التنقل في السجن هي تذكير بهذه العلاقة الخبيثة، حيث تحمل الحروف TCH ENGLAND ، وهي شركة أمنية مقرها برمنغهام.
بالنسبة لجميع السجناء السياسيين البحرانيين، فمن المؤلم مشاهدة حكومة المملكة المتحدة تقف باستمرار إلى جانب المعتدين علينا بينما نعاني خلف القضبان. ولو كانت الحكومة جادة بشأن الإصلاح في البحرين ، فالتبدأ بالمطالبة بالإفراج عن جميع السجناء السياسيين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى