ما وراء الخبر

آخر قتلى آل خليفة في اليمن: فشل “سياحة” ناصر.. واستمرار وظيفة “أكياس الرمل”

bdf_54
البحرين اليوم-متابعات
اعتبر مراقبون الإعلان مجددا عن سقوط قتيل خليفيّ آخر في الحدود الجنوبية بين اليمن والسعودية؛ بأنه “مؤشر إضافي على استمرار التورّط السعودي في العدوان على اليمن”، وأن السعوديين لازالوا يستعملون “الخليفيين في العدوان باعتبار ذلك جزءا من المقايضة الوجودية بين الطرفين”.

لم يكن مثيرا للدهشة أنّ أغلب قتلى آل خليفة في الحرب السعوديّة على اليمن؛ هم من المجنسين، وليس معلوما حتى الآن الأصل الحقيقي لآخر هؤلاء القتلى، وهو المدعو “رقيب أول” عيسى عبد الله بدر عيد، والذي حُمل نعشه محاطا بجمع من التكفيريين وسط منطقة الحد (جزيرة المحرق) والتي تُعتبر من المناطق التي تشهد نموّاً لافتاً في وجود المجنسين، رغم التحفظ القديم الذي عبّر عنه أهلها برفضهم وجود هذه المجموعات المُستجلبة، حيث أثاروا سابقاً اعتراضات على وجودهم، متهمين إياهم بالتسبب في إشاعة الجرائم الاجتماعية والأخلاقية، إلا أن ذلك لم يؤثر على زحف المجنسين إليها، والذي تركز في اتجاه المركز والأحياء القديمة، وهي ذاتها الأحياء التي تترعرع فيها جماعات تكفيرية معروفة، وكانت موئلاً وحاضنةً للسلفيين التكفيريين الذين بدأوا يسيطرون على منطقة الحد على نحو واسع، بحسب ما يؤكد بعض أهلها.

بالعودة إلى العدوان السعوديّ على اليمن، فإن الخليفيين لم تتغير طبيعة “حضورهم التمثيلي” في هذه “الورطة السعودية”، ولاسيما بعد وقوع السعوديين في مزيدٍ من الإخفاق في الخروج “المشرِّف” من الوحل اليمني، على الرغم من لجوء آل سعود إلى أقصى حدود الوسائل العسكرية وارتكاب كل جرائم الحرب وأشكالها، واضطرارهم الإذعان للتفاوض مع حركة أنصار الله، وأمرهم لأتباعهم اليمنيين بالجلوس على طاولة المفاوضات، وآخرها في الكويت، والتي بدا أنها كانت عسيرةً بسبب عجْز آل سعود عن ابتلاع هزيمتين، سياسية وميدانية مرةً واحدة، وهو ما أدى لتعثر هذه المفاوضات برغم إعلان الأمم المتحدة أكثر من مرة بأن المفاوضات توصلت إلى نهايات إيجابية، وقد كان انفجار الحدود السعودية في الأسابيع الماضية مؤشرا على تعسُّر القبول السعودي لإنهاء الملف اليمني من غير أن تُمسك بيدها أكثر من جائزة، وهو ما تسعى السعودية لتعويضه عبر ملفات أخرى، وخاصة في سوريا والبحرين.

المشاركة الخليفية في العدوان على اليمن لها أكثر من حاجة “وظيفية” بالنسبة لآل خليفة أيضا. الحاجة السعودية وراء هذه المشاركة ليست “عسكرية” بالتأكيد، فالجنود الخليفيون لا يملكون تأثيرا فعليا في الميدان، وأغلب هؤلاء كانوا مرتزقة في البحرين ضمن مهام تختلف عن القتال العسكري القائم على المواجهة بين الجيوش، على الرغم من أن معلومات تشير إلى أن الخليفيين حرصوا على إرسال مرتزقتهم الذين كانت لديهم خبرة سابقة في ميادين القتال التقليدي قبل استجلابهم إلى البحرين وتجنيسهم. إلا أن النتيجة الميدانية لا تُذكر، واختار آل سعود إرسال جنود آل خليفة إلى الحدود الجنوبية بين السعودية واليمن ليكونوا بمثابة أكياس الرمل التي تتلقى الضربات القاتلة.

آل خليفة عملوا على إضفاء “احتفالية موسعة” على هذه المشاركة. في البداية، تم إرسال ناصر حمد الخليفة في “جولة سياحية” في صحراء السعودية المحاذية لليمن ليمارس هوايته في الاستعراض بالأسلحة والتقاط الصور التذكارية مثل الصبية المراهقين وترفيعها في حسابه بالانستغرام. هذه الجولة التي قوبلت بسخرية واسعة من البحرانيين، أُعيد تضخيمها حينما عاد ناصر وشقيقه خالد إلى البحرين، وقام حمد وآل خليفة باستقبالهم “استقبال الأبطال الفاتحين”. المشهد الذي عالجه المدونون البحرانيون بأنماط مختلفة من التسخيف الضاحك؛ سرعان ما تلاشى مع عودة ناصر للانخراط في هوايته ذاتها، ولكن بعيدا عن اليمن، حيث لا يتوقف عن التنقل بين دول أوروبا للمشاركة في كل سباق يخطر على البال؛ ليُوهم نفسه بأنه لا يكف عن حصاد جوائز “الرجل الحديدي” في كل مكان يحلّ فيه، وهو سلوك يراه مختصون في العلاج النفسي “علامة متقدّمة على الهزيمة الداخلية المريرة، ونقص الانتصارات الحقيقية”، وقد كانت “سياحة” ناصر في اليمن محاولةً يائسة لإنجاز قدر بسيط من الانتصار الوهمي، إلا أنّ رمال اليمن المتحركة، وشدة بأس اليمنيين؛ كانت من أسوأ الحظوظ التي واجهت آل خليفة وجلادهم المراهق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى